سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
فريق تحرير صحيفة “نيويورك تايمز”
لا يمكن الوثوق بإمكانية “فيس بوك في تنظيم نفسه”، وذلك بحسب تغريدة “ديفيد سيسيلين“ ممثل ولاية “رود آيلاند“ منذ أيام. فقد كان السيد “سيسيلين“ الذي يُحتمل أن يترأس اللجنة الفرعية القضائية التابعة لمجلس النواب التي تركز في عملها – حالياً – على صياغة قانون مكافحة الاحتكار.في هذه التغريدة يرد “سيسيلين“ على تحقيق كانت قد أجرته صحيفة “تايمز”، حيث يقدِّم صورة عن كيفية تعامل “فيس بوك“ مع اكتشاف حملات التضليل الروسية على برنامجه. فاستنادًا لمقابلات أُجريت مع أكثر من 50 شخصية، وصف التحقيق مع كبار المسؤولين التنفيذيين في “فيس بوك”،ومنهم “شيريل ساندبرغ“، و“مارك زوكربيرغ“ بتجاهل وتقليص حجم الخداع الروسي، حتى لو كان الأمر متوقفاً على تعطيل نشر النتائج الداخلية. ومنذ يومين عمد موقع “فيس بوك” للتراجع عن المشاركة في بيان يستنكر بطء رده على التدخل في الانتخابات الخارجية. لكن لا تزال الأسئلة المألوفة قائمة، وأهم تلك الأسئلة هو: ما مدى ما عرفه “فيس بوك“؟ ومتى حدث ذلك؟
وقد تنوعت الإجابات عن مثل هذه الأسئلة في حجمها وخطورتها، وذلك مع اتساع نطاق الجهود المبذولة للتدخل في العملية الديمقراطية، ولا سيما في الانتخابات خلال الفترة الأخيرة؛ ففي فبراير الماضي قدَّم المستشار الخاص “روبرت مولر“ اتهاماً ضد وكالة “ترول فارم” التي تعمل في مجال أبحاث الإنترنت. وفي يوليو حصل السيد “مولر“ على لائحة اتهامات ضد 12 ضابطاً بالمخابرات الروسية لدورهم في اختراق أجهزة كمبيوتر اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، والحملة الرئاسية للسيدة “هيلاري كلينتون. فقد استخدم نفس هؤلاء الأفراد “فيس بوك“ و“تويتر“ لترويج المستندات ورسائل البريد الإلكتروني المسروقة.
وفي أوائل 2016 اكتشف أشخاص داخل شركة “فيس بوك” نشاطاً روسياً مشبوهاً، وقاموا بالإبلاغ عنه لمكتب التحقيقات الفيدرالي. لكن خلال المرحلة التي أعقبت انتخابات 2016، رفض “زوكربيرغ“ علناً فكرة أن المعلومات المضللة على “فيس بوك“ قد أثّرت في الانتخابات ووصفها بأنها “فكرة مجنونة جدًا“.
وحتى قبل أن تُظهر لوائح الاتهامات التي قدمها “مولر”، مدى التنسيق في حملة التضليل الروسية، كانت الشكوك حول ذلك الأمر كبيرة. فكثير من الناس كانت لديهم أسئلة؛ حيث كان عددٌ قليلٌ فقط هم الذين يطالبون بالإجابات. وكان السيد “زوكربيرغ“ أحد هؤلاء القليلين، حيث لم يفعل ذلك لسبب ما.
لقد كان بوسع مؤسسة “فيس بوك” أن تقترب من واجبها المدني، لكنها بدلاً من ذلك كانت مشغولة بالتحكم في الأضرار. فقد اعترض “جويل كابلان”،نائب رئيس الشركة للسياسة العامة العالمية، على نشر النتائج الداخلية علىأساس أنها ستؤذي المحافظين. كما آثرت الشركة تقوية علاقاتها مع“ديفينيرس للشؤون العامة”، وهي شركة استشارية أسسها ناشطونسياسيون جمهوريون، حيث سعت بعد ذلك إلى تشويه سمعة الناشطينالمناهضين لـ”فيس بوك” من خلال الربط بينهم وبين “جورج سوروس”، وهو متبرع ثري ليبرالي، غالبًا ما كان موضوع نظريات المؤامرة.. وقال “فيس بوك“ إنه قطع علاقاته مع القائمين على الإعلان.
وكان من المفترض أن تكون عمليات التأثير الروسية والتقارير الكاذبة “الفيروسية” أحد المنتجات الفرعية لنماذج من أعمال “فيس بوك“، التي تعتمدعلى بيع الإعلانات وذلك على خلفية مشاركة المستخدمين. وباختصار، يستفيد “فيس بوك” من المعلومات الشخصية للتأثير على سلوك مستخدميه، ثم يقوم بتصدير هذا التأثير للمعلنين من أجل تحقيق الربح، وهو ما يدفعنا للقول بأنه نظام بيئي ناضج للتلاعب. ذلك أن “فيس بوك“ لا يعدُّ الشركة الوحيدة في مجال التكنولوجيا التي تتطلب التدقيق التنظيمي. لكن “فيس بوك“، وربما بشكل فريد، قد أظهر افتقارًا مذهلاً لمسؤولية الشركات الخاصة بالواجبالمدني في أعقاب هذه الأزمة.
فالمساءلة الحقيقية ليست وشيكة. حتى إنه في أعقاب “فضيحة أناليتيكابكامبريدج”، لم يكن هناك أي تغيير على المستويات العليا بالشركة، وقد كانمن بين أبرز الذين اختاروا التحقيق المستقل في هذه المشكلة، هو “أليكس ستاموس”، كبير ضباط الأمن وفقًا لصحيفة “تايمز“، حيث اشتبك “ستاموس“ مع كبار المسؤولين. أمّا “زوكربيرغ” فإنه من غير المرجح أن يتم طرده من منصبه كرئيس تنفيذي، حيث يسيطر على المساهمين، فضلاً عن توليه منصب رئيس مجلس الإدارة. ونتيجة لذلك، لا توجد رقابة ذات مغذى على الشركة.
إضافة إلى ذلك، فإن الإشراف على صناعة التكنولوجيا من السلطة التنفيذية غائب على حد سواء.
ولهذا السبب، ينبغي للنخبة الجديدة بالكونجرس، التي بات يسيطر عليه الديمقراطيون الجدد، إضفاء المزيد من الجدية على الرقابة وإعطاءها الأولوية. فإذا كان مجلس النواب يتطلع إلى وضع جدول أعمال للعامينَ المقبلين، فمن المتعين أن يكون “فيس بوك“ قريباً من القمة. وهو ما يمثل موضعاً للغموض الذي لا يزال قائماً بشأن ما يعرفه موقع Facebook، فضلاً عن معرفة الموضوعات الرئيسية للجلسات.
وبناء على تغريدة “سيسيلين“ التي سبقت الإشارة إليها، يتزايد الشعور بأهمية الفكرة التي ينبغي أن ينظمها “فيس بوك“، إلا أنه لا يوجد إجماعحول كيفية القيام بذلك. لكن لا يمكن الحصول على الإجابات الصحيحة، إلا إذا تم طرح الأسئلة الصحيحة، ذلك أن جلسات الكونجرس تمثل بدايةواضحة. وأخيرًا لا يسعنا إلا أن نأمل ألا يشهد الكونجرس أي صدامات قد تصل إلى حد اللكمات.
المصدر: صحيفة نيويورك تايمز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر