سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
غازي الحارثي
منذ اليوم الأول لوصوله راهنت على أنه رئيس الأقوال والأفعال في مراهنة غير مشروطة بالاتفاق أو الاختلاف مع أقواله وأفعاله ، لكن المهم أن يكون جاداً وصادقاً مع حلفائه .
“الجدّية” قد تكون شعارا كما استخدمها الرئيس السابق أوباما عندما ألقى خطابه للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة في يونيو 2009 ثم تتحول لوهم بمجرد أن يغادر ووزير خارجيته مطارات المنطقة إلى واشنطن ، لكن المختلف في جدّية ترمب انها أكثر فعالية ولم يكن كما توقع الكثير مجرد ظاهرة صوتية فحسب ، بل أوفى بالكثير مما وعد به .
ضرب قاعدة الشعيرات السورية بـ 59 صاروخ “توماهوك” معاقباً نظام الأسد على مجزرة خان شيخون ، ورفع سقف العقوبات الأميركية على إيران قبل أن تخفت حدة نبرته تجاهها في الشهر الأخير بما قد يشير إلى تدبيرٍ ما يُنتظر من قمة الرياض أو ترقّب لنتائج الانتخابات الرئاسية في إيران ، وزاد عدد القوات الأميركية الخاصة في سوريا لمحاربة الإرهاب ، وأمر أمس بدعم وحدات الحماية الكردية بأسلحة نوعية استعداداً لمعركة الرقة بدون أن ينظُر في الضغوط التركية التي منعت أوباما من هذه الخطوة ، كما احتوى التجربة النووية الكورية الشمالية حتى هدأت بالقوة ، كل ذلك تم في أثناء إعادة واشنطن إلى موقع الثقة مع دائرة تحالفاتها التقليدية في الشرق الأوسط ومع دول الاتحاد الأوروبي وهو ماعكس ارتياحا وحماسا كبيرين تجاه دبلوماسيته هذه كما لو أن هذه الدول خرجت من مأزق إدارة اوباما السابقة بفعالية وجدية إدارة الرئيس ترمب ..
المهم اليوم كيف ستتبلور رؤية إدارة ترمب تجاه الشرق الأوسط وهي منطقة النزاع الأكبر في العالم واختبار التحالفات والشراكات الاستراتيجية الأصعب ..؟
من المؤكد بأن الرئيس ترمب اختار لنفسه اختبار الحقيقة الأصعب باعتبارات اختياره للرياض كأول عاصمة يزورها ويجتمع فيها مع قادة العرب والمسلمين ، بحيث أن المُجتمعِين لن ينتظروا الخروج من القمة بأقل من صفقة او اتفاق تاريخي يُبنى عليه مستقبل المنطقة في ظل تزايد هواجسهم والولايات المتحدة كانت شريكة في ارتفاع وتيرة هذه الهواجس بشكل أو بآخر ، وهذا أكبر التعزيزات لتاريخية القمة والدوافع لإدارة ترمب ببناء الشراكة الأكثر وثوقاً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا .
محاربة الإرهاب لاتحتاج لاستراتيجيات “طويلة الأمد” تقوّيه أكثر مما تُضعفه وتطيل من عمره وتوسع رقعة تواجده كما حدَث مع استراتيجية واشنطن القائمة في سوريا والعراق .. الإرهاب معروف ويُرى رأي العين ونفوذه وتسليحه وداعميه معروفين ، ينقُص محاربيه الجدّية فقط ولاينقصهم السلاح والتمويل .
الأزمة السورية جزء لايتجزّأ من معضلة الإرهاب ، فالصراع القائم فيها منذ 6 سنوات ساهم بتغذية النزعة المتطرفة حول العالم وأوجد للمتطرفين أرضا مناسبة للقتال وسمحت بتدويل التطرف من كافة مناطق العالم وتسببت في جعل حل الأزمة السورية مرتبطا ارتباطا لاينفك عن القضاء على التنظيمات الإرهابية .
التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية لم تعد تُسهم في توسيع رقعة النفوذ الإيراني فحسب ، بل أصبحت وبمساهمة أميركية -من إدارة أوباما- تعرِّض المصالح الاميركية المشتركة مع حلفائها بالخليج إلى خطر داهم في أكثر من مكان ، وحتى الاستراتيجية الإيرانية المُهادنة لعبت دور خلط الأوراق والمراوغة المعتادة لكسب الوقت والمحافظة على الخيارات على الأرض ، مايجعل التأخر في وقف نشاطاتها نذير سوء على المصالح الأميركية خصوصاً ان إيران طرف أساسي في كل الملفات المتأزمة اليوم في المنطقة ، كما فشلت معها دبلوماسية التفاوض في فترات سابقة ..
@Ghaazey
كاتب ومحلل سياسي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر