هل يتفكك التحالف الروسي الإيراني في سوريا؟ | مركز سمت للدراسات

هل يتفكك التحالف الروسي الإيراني في سوريا؟

التاريخ والوقت : الإثنين, 4 يونيو 2018

فريدا غيتيس

 

يبدو أن إطالة أمد الحرب الأهلية التي تشهدها سوريا، بات في مصلحة نظام بشار الأسد؛ ذلك أن أحد العوامل الرئيسة التي تشكل مستقبل سوريا، يكمن في العلاقة بين إيران وروسيا، والتي أنقذت الأسد من الانهيار.

عملت طهران وموسكو معًا على دعم الأسد، إلا أن التحالف فيما بينهما ظل غامضًا على الدوام. فلأسباب تتعلق بكل من الطرفين، بقي النظام في دمشق على قيد الحياة، بل إنه لم يُكتشف أبدًا مدى التزام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صلاته مع إيران.

وقد ألقت التطورات الأخيرة، ولا سيَّما ما يتصل بالمخاوف الإسرائيلية من الوجود الإيراني في سوريا، الضوء على تلك المسألة؛ إذ كشفت عن حقيقة موقف بوتين، الذي يثير الذعر في طهران، فضلاً عن مدى التباعد بين الجانبين؛ حيث تشير تقارير أخيرة، إلى أن موسكو لديها المزيد من المفاجآت غير السارة للإيرانيين.

فإسرائيل حددت موقفها، منذ بداية الحرب الدائرة شمالها، والمتمثل في أنها لن تتورط في النزاع، إلا في حدود التأكد من عدم تجاوز الأمر خطوطه الحمراء، التي تتمثل في حصول سوريا على أسلحة من “حزب الله” خوفًا من استخدامها ضد إسرائيل.

تتضمن تلك الخطوط الحمراء – أيضًا – مخاوف من حصول “حزب الله” على أسلحة متطورة، وفتح جبهة جديدة لمهاجمة إسرائيل من سوريا، وترسيخ الوجود الإيراني بشكل دائم في سوريا.

فلطالما استهدفت إسرائيل، ناقلات أسلحة “حزب الله” ومنشآته التسليحية، إلا أنه مع تدخل موسكو في النزاع عام 2015، قامت الدفاعات الجوية الروسية بإحباط الكثير من الغارات الإسرائيلية.

وبينما يعزز الأسد مكاسبه في الحرب، بما يعني أن الحرب توشك على نهايتها، زادت إسرائيل من عملياتها التي تهدف إلى تدمير ما تعتبره مواقع إيرانية يمكن استخدامها لمهاجمتها، حيث فعلت ذلك بموافقة روسية.

فقد التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع بوتين، بشكل منتظم، مما يشير إلى أن موسكو وتل أبيب تتقاسمان الرؤية بشأن مستقبل سوريا، وهو ما يمثل بدوره أخبارًا مقلقة لإيران.

وقد تجلت أوضح الأمثلة على الرغبة الروسية في تقليم أظافر إيران في سوريا منذ ثلاثة أسابيع، عندما تواجه الإيرانيون والإسرئيليون على الحدود السورية، وهي المواجهة الأولى من نوعها بين الجانبين منذ سنوات من التوترات الناشئة؛ فبعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 10 مايو انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، اتهمت إسرائيل إيران بإطلاق الصواريخ عليها عبر الحدود السورية، لترد تل أبيب مستهدفة عددًا من المواقع الإيرانية في سوريا. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن ضرب مواقع لوجستية تابعة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، كما استهدفت مستودعات للأسلحة وأنظمة الاستخبارات ومواقع أخرى. وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي قائلاً إنه “إذا كانت ثمة أمطار في جانبنا، فسيكون هناك فيضان على جانبهم”.

وبالطبع، تضامنت الولايات المتحدة مع إسرائيل، داعية إيران إلى التوقف عن المزيد من الاستفزازات. كما أعلن الاتحاد الأوروبي أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، بينما وصف الصدام بأنه “مقلق للغاية”.

أمَّا روسيا، فلم يكن لديها الكثير لتقوله، فقد أمضى نتنياهو نحو 10 ساعات في محادثات مع بوتين قبل الهجوم الإسرائيلي على سوريا؛ وهو ما يعني بوضوح حصول تل أبيب على الضوء الأخضر. كما لم تقم الدفاعات الجوية الروسية بأي شي لاعتراض الطائرات الإسرائيلية، بل اكتفت وزارة الخارجية الروسية بحَثِّ تل أبيب وطهران على حل خلافاتهما دبلوماسيًا.

إن ما يبدو تفاهمًا غير رسمي بين نتنياهو وبوتين، ربَّما يتحول إلى اتفاق رسمي؛ فقد أفاد التلفزيون الإسرائيلي، بأن إسرائيل وروسيا توصلتا لاتفاق سري لإبعاد القوات الإيرانية عن الحدود في جنوب سوريا. وبموجب هذا الاتفاق – غير المؤكد – ستقبل إسرائيل بعودة قوات الأسد إلى الحدود على طول مرتفعات الجولان، على أن تضمن روسيا تحجيم القوات الإيرانية، وعميلها “حزب الله”. بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا للتقرير، تدفع موسكو القوى الأجنبية لمغادرة سوريا، وهي: حزب الله، وتركيا، والولايات المتحدة.

وبغض النظر عن تأكيد الاتفاق الوارد بهذا التقرير أو عدمه، فإنه من الواضح أن الحرب في سوريا دخلت مرحلة تتعارض فيها روسيا وإيران. فروسيا تطمح إلى استقرار الأوضاع في يد نظام يحفظ علاقات جيدة مع موسكو، بما يضمن وصولها إلى البحر المتوسط.

بينما ترغب إيران من جانبها، في وجود نظام يمكنها السيطرة عليه، نظام يسهِّل عمليات نقل الأسلحة المستمرة إلى “حزب الله”، بما يسهم في خلق ممرٍ آمنٍ إلى البحر المتوسط.

كما ترغب إيران في الحفاظ على وجودها في سوريا، لكن الرفض الإسرائيلي لهذه الرغبة تعني أن روسيا تفشل في تحقيق الاستقرار الذي تريده، ما دامت إيران تتجاوز خطوط إسرائيل الحمراء، والمتمثلة في ترسيخ وجودها في سوريا.

وتؤدي تلك المشكلة إلى خلق توترات بين كل من إيران وسوريا، فثمة تقارير تفيد بأن عناصر من جيش النظام السوري، يعملون على التخلص من مقاتلي إيران و”حزب الله” في مناطق وجودهم خشية أن تهاجمهم إسرائيل.

فقد بدأت التوترات بين إيران وروسيا تطفو على السطح. فحينما قال بوتين، في وقت مبكر من هذا الشهر، إن كافة القوات الأجنبية يجب أن تغادر سوريا بمجرد استعادة الأسد السيطرة على البلد، ردَّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قائلاً: “لا يمكن لأحد إجبار إيران على أن تفعل شيئًا”، مضيفا “لن يخرجنا أحد من سوريا”.

ولا تزال الإشارات غير واضحة بأن روسيا قد حسمت موقفها الرافض لبقاء القوات الإيرانية في سوريا؛ حيث صرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف،أن قوات الجيش السوري هي الوحيدة الموجودة على على الحدود مع إسرائيل؛ وهو ما يعني أنه لا وجود لحزب الله، أو القوات الإيرانية التي تقف على مسافة أمتار من الإسرائيليين، لكنها لم تعترض – بشكل واضح – على فكرة المواقع الإيرانية مستقبلاً بأي مكان في البلاد.

وحتى الآن، فإن كلاً من موسكو ودمشق لا تزالان في حاجة إلى ولاء القوات الإيرانية، بما فيها “حزب الله” و”فيلق القدس” بما يقدمونه من دعم في الحرب ضد خصوم الأسد. وبينما يقومون بذلك بالفعل، لا تزال المحادثات بين إسرائيل وروسيا قائمة، بما يكشف عن حدود للشراكة التي بين روسيا وإيران، والتي توترت – بالفعل – بعد تحقيق هدفهما الأساسي والمتمثل في ضمان بقاء الأسد.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

 

المصدر:موقع ورلد بوليتكس ريفيو

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر