الاتصال التسويقي واقتصاديات الخصوصية | مركز سمت للدراسات

الاتصال التسويقي واقتصاديات الخصوصية

التاريخ والوقت : السبت, 2 يونيو 2018

عبير خالد

 

قد لا يخطر على بال كثيرين، أن هناك رابطًا مهمًا، بين الخصوصية (في قطاع الاتصال التسويقي) من جهة، والاقتصاد ومستوى الدخل من جهة أخرى. يقال بأنه تمَّ الحديث عن الخصوصية في مناخات اقتصادية منذ أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن العشرين من قبل أساتذة، مثل: “ريتشارد بوزنر” و”جورج ستيغلر”، الذين كانوا يعملون على ربط الخصوصية بالقانون. وتوصل هذان الباحثان إلى أن الخصوصية، قد تكون مصدرًا لعدم الكفاءة الاقتصادية، ليست القانونية فحسب، والخصوصية – أيضًا – عامل يتم التطرق له عند توزيع الثروات.

في كلتا الحالتين، وجد أن الخصوصية جدلية بالنسبة للاقتصاد، ومحور يمكن استغلاله، سلبًا أو إيجابًا. واليوم، في هذا العصر، بات هذا الإشكال أكثر وضوحًا بالنظر للإنترنت وهيمنة عدد قليل من الأشخاص فيه على معلومات الجماهير، واستخدامها تسويقيًا. يقول البعض إن فقدان الخصوصية، هو الثمن الذي يجب على العالم أن يدفعه مقابل التقدم التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي وللاستفادة من خدمات البيانات الضخمة.

وفقًا للدكتور “أليساندرو أككيستي”، والمختص بتكنولوجيا المعلومات والسياسة العامة في جامعة “كارنيغي ميلون” في بنسلفانيا، أميركا، فإنه تعتبر مشاركة البيانات الشخصية مكسبًا اقتصاديًا للشركات الكبرى والأفراد في نفس الوقت.

على سبيل المثال، عندما يحتاج المعلنون استهداف شريحة دقيقة من الجماهير، يتم التعدي على حدود الخصوصية المتعارف عليها، بهدف الوصول لمعلومات الجماهير وتحديد العملاء المهتمين منهم. وهكذا، يتمكن المعلنون باستخدام معلومات أولئك العملاء من الاكتفاء بعرض الإعلانات التي تهمهم، والتوقف عن عرض محتويات لا ترتبط بهم. ويمكن تطبيق ذلك على أي شريحة من العملاء، وأي تجمع جماهيري؛ مما يوفّر الوقت والجهد على المتلقي والمسوّق. وبالتالي يكون للمعلنين فرصة أكبر في البيع والربح، وفي نفس الوقت يحصل المتلقي على إعلانات أكثر ارتباطًا به، وأكثر توافقًا مع تطلعاته.

ولذا، يمكن القول إن هذا “التعدي” على معلومات الجماهير ومن فيهم من العملاء المهتمين، يفيد العميل بذات القدر الذي يفيد به المعلن؛ حيث إنه من المنطقي، اقتصاديًا وإعلاميًا، أن يرغب المستهلكون في مشاركة بعض البيانات الشخصية إذا كان ذلك سيريحهم من التعرض لإعلانات لا تهمهم ولا ترتبط بمنطقتهم الجغرافية، ولا تعنيهم في شيء.

عندما تتمشى في السوق ويعترض طريقك مسوّق، سيكون من الرائع لو كان يعرف هذا المسوق اهتماماتك ومتطلباتك ويختصر الحديث معك حول اهتماماتك أكثر مما لو كان يتحدث عن منتجات لا ترتبط بك إطلاقًا، دون أن تصلا إلى نقطة التقاء مشتركة.

في الوقت نفسه، قد لا ترغب أنت في أن يعرف هذا المسوّق كم في حسابك البنكي بالضبط، وما هي قوتك الشرائية؛ لأنه في هذه الحالة قد يرفع عليك السعر ويستخدم تلك المعلومات بشكل يتضاد مع مصلحتك. فقدان جزء من الخصوصية، لا سيَّما عندما يتعلق الأمر بالاتصال التسويقي، ليس كله مضر اقتصاديًا، وقد يكون إيجابيًا ومفيدًا للطرفين، البائع والمشتري، والمرسل والمتلقي، ولكنها – بلا شك – تظل بحاجة إلى إدارة واعية وتشريعات مستمرة تحمي الطرفين وتحافظ على اتزانهما.

الجدير بالذكر أن هناك عددًا كبيرًا من الأبحاث الحديثة، أظهرت أنه عندما لا تكون هناك إدارة جيدة للخصوصية، فإن أكثر من يواجه أضرارها الاقتصادية، هم الأقليات والفئات المستضعفة في المجتمع.

 

مبتعثة لدراسة بكالوريوس الإعلام والاتصال، لندن *

@AbeerKhalid95

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر