سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
في ظل أحداث متلاحقة على الساحة العربية وتطورات ينتظر ما ستؤول إليه، تنصب الأنظار على المنطقة الشرقية بالسعودية في الرابع عشر من أبريل الجاري، حيث تعقد القمة العربية التي تحمل رقم 29، والتي تمَّ نقلها من مدينة الرياض التي ستشهد الاجتماعات التحضيرية للقمة.(1)
ولعل بدء الاجتماعات التحضيرية بالرياض، الثلاثاء الماضي، يمكن أن يدفعنا للتنبؤ بالموضوعات التي ستشغل بال المشاركين في القمة وستلقي بظلالها على جدول الأعمال؛ إذ أكد الاجتماع التحضيري على مراجعة تقرير المتابعة الختامي لمتابعة تنفيذ قرارات قمة عمان 2017، التي انعقدت بالأردن، ويدفعنا – أيضًا – للقول إن القمة ستبدأ من حيث انتهت سابقتها بعمان. ولعل كلمة مندوب المملكة الأردنية الدائم لجامعة الدول العربية، علي العايد، وقوله إن هذا العام قد سيطرت الأحداث السياسية والأمنية على المنطقة، كالقضية الفلسطينية، واستهداف السعودية بصواريخ الحوثيين، والهجوم الذي تعرضت له مدينة دوما السورية، يؤكد ذلك أيضًا.(2)
فالبدء من حيث انتهى الآخرون – في نفس الصدد – سمة جيدة في اجتماعات القمم، خاصة أن البيان الختامي لقمة عمان، قد خرج بنتائج وتوصيات جيدة؛ إذ أكد على ضرورة حماية العالم العربي من الأخطار المحدقة به، وندّد بتشرد الملايين من أبنائه، وأكد على وجوب إعادة إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية إسرائيلية فاعلة، وإيجاد حل سلمي لإنهاء الأزمة السورية، والتأكيد على حفظ أمن العراق، وجهود دعم الشرعية في اليمن، وتحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا ومحاربة الإرهاب.(3)
ولعل حديث المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، الوزير المفوض محمود عفيفي، أن القمة الـ29 ستناقش ملفات: القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، وأزمة ليبيا، واليمن، والتدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون العربية، والقضايا الاقتصادية ومكافحة الإرهاب، يؤكد ما ذكرناه – آنفًا – حول انطلاق قمة الدمام من حيث انتهت قمة عمان.(4)
موضوعات أمنية
وإذا انتقلنا للحديث حول الموضوعات التي ستتناولها القمة، فلا شك أن القضية الفلسطينية سوف تمثل محورًا هامًا لنقاشاتها، وخاصة بعد التطورات الأخيرة التي تلت قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل واعتزامه نقل سفارة بلاده إليها، فضلاً عن خطة السلام التي طرحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمام مجلس الأمن في فبراير الماضي، وتصريحاته التي أكد فيها أن القمة تأتي في وقت هام متزامنة مع ما تعرض له القدس؛ وهو ما يؤكد أن المشاركين في القمة – بالطبع – سيأخذون ذلك في الاعتبار وسيولون اهتمامًا تجاه القضية(5). ومن المؤكد – أيضًا – أن القمة لن تغفل الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وهو ما بدا واضحًا من تصريحات وكيل وزارة الخارجية السعودية، عبدالرحمن الرسي، وتأكيده على دعم بلاده للشعب الفلسطيني، وأنه لن يكون هناك إجراءات تطبيعية مع إسرائيل إلا بتحقيق السلام الشامل(6)، وتصريحات العاهل الأردني عبدالله الثاني، أن القمة ستدعم كون القدس عاصمة لفلسطين،(7)وحديث عضو اللجنة المركزية لـ”فتح”، محمد أشتية، حول المطالبة بإطلاق اسم “قمة القدس” على القمة.(8)
ولعل تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في زيارته لواشنطن، وتأكيده على ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل قبل التعاون مع إسرائيل، هي خير دال على ذلك أيضًا.
وإن كانت التطورات في فلسطين متلاحقة، فإن ما يحدث في سوريا يجعل تغاضي القمة عنه، أمرًا غير محتمل. فالتصريحات المتضاربة التي تحمل طابعًا به قدر كبير من التحدي بين الولايات المتحدة والدب الروسي بشأن سوريا والهجوم الكيماوي على منطقة دوما، آخر معاقل المعارضة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ستدفع بزعماء العرب لوضع الأزمة السورية على جدول مناقشتهم بالقمة، والسعي لمحاولة إيجاد حل سلمي لها؛ وهو ما اتضح في الاجتماع التحضيري الذي ندّد بذلك الهجوم. وما يؤكد الاهتمام العربي بالأزمة السورية – أيضًا – هي تصريحات الأمير محمد بن سلمان، حول الأزمة السورية خلال زيارته لواشنطن، وقوله إنه من المرجح أن يكون الأسد باقيًا في منصبه خلال الفترة القادمة، الأمر الذي ألمح إلى إمكانية القبول بأن يكون الأسد جزءًا من الحل في سوريا حفاظًا على وحدة أراضيها. فالقمة تواجه تحديات بشأن الأزمة السورية، خاصة أن القرار العربي تجاهها متباين إلى حد بعيد، فالعرب يريدون التوصل لما يضمن لهم إيجاد صياغة موقف رافض للتدخل الخارجي، وفي نفس الوقت يضع حلاً للأزمة.
ومن المؤكد – أيضًا – أن تكون الأزمة اليمنية حاضرة بشكل كبير، في اجتماعات القمة، فمقتل علي عبدالله صالح، والصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون على السعودية بدعم من إيران، والآمال المعلقة على “مارتن غريفيث” المبعوث الأممي لليمن، كلها أحداث متلاحقة لن تغفلها القمة، وخاصة في ظل التهديدات الأمنية التي تحدق بالدول العربية – ولا سيّما الخليجية – جراء ذلك. فلا شك أن تلك التطورات باتت تمثل توسيعًا لدائرة الصراع ونقله لخارج القطر اليمني، وهو ما بدا واضحًا خلال الآونة الأخيرة.(9)
تطورات الأزمة الليبية – أيضًا – ستلقي بظلالها على اجتماعات القمة، خاصة في ظل الجهود التي يقوم بها صلاح الدين الجمالي، مبعوث الأمين العام للجامعة العربية، ومحاولته بلورة أفكار للتوصل إلى توافق بشأن اتفاق الصخيرات، وجهود المبعوث الأممي غسان سلامة. ومن المتوقع – أيضًا – أن تحاول القمة الخروج بخطوط عريضة تؤخذ بالاعتبار، في الاجتماع المقرر له أن يعقد في القاهرة نهاية أبريل، الذي سيضم اللجنة الرباعية المعنية بليبيا (جامعة الدول العربية – الأمم المتحدة – الاتحاد الأوروبي – الاتحاد الإفريقي). كما تواجه ليبيا ثلاثة تحديات يتمثل أولها في قرب فشل خطة المبعوث الأممي، التي وضعها نهاية العام الماضي، والتي تتضمن إجراء انتخابات هذا العام، ويبدو أنها لن تحدت. ويتمثل الثاني في تقاسم شرعية الحكم بين الشرق والغرب رسميًا، حال عدم إجراء الانتخابات وانتهاء مدة المجلس الرئاسي. أمَّا الثالث، فيكشف عن دور محتمل لجماعة القذافي في ظل محاولات لتصفية الحسابات تزامنًا مع الحديث حول سوء الحالة الصحية لحفتر.
ولا شك أن العراق قد خطا خطوة جيدة بعد تحرره من “داعش”، إلا أن الجيش العراقي – بالطبع – يحتاج إلى دعم كبير بعد تفككه، وتحتاج الدولة العراقية – التي تفككت – للسير نحو البناء، وهو ما نتوقع أن يكون مطروحًا بالقمة أيضًا.
ولا يخفى على أي متابع للشأن العربي، الوجود الواضح للتدخلات الإيرانية والتركية في شؤونه، الأمر الذي من المرجح – بنسبة كبيرة – أن يكون حاضرًا في جدول القمة. فالدعم الإيراني المقدّم للحوثيين وصواريخهم الباليستية التي تطلق على أراضي المملكة، ومحاولات إيران إثارة القلاقل داخل البحرين والسعودية، ونزاعها على الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الصغرى – طنب الكبرى – أبو موسى)، وإشعالها للحرب الدائرة في سوريا، ينمُّ عن تاريخ إيراني حافل بمحاولات التدخل في المحيط العربي وزعزعة أمنه واستقراره. ولا تقل التدخلات التركية في الشأن العربي فجاجة عن تدخلات إيران. فما فعلته تركيا في عفرين السورية، ورفعها للعلم التركي عليها بعد قتال عنيف، وتدخلاتها المستمرة في شمال سوريا والعراق، لن تغفله القمة العربية.
الإرهاب وخطره المحدق
بات الإرهاب يشكل خطرًا محدقًا بجل الأقطار العربي – إن لم تكن جميعها؛ لذا فإنه يجب أن تتكاتف جميع الدول العربية لمواجهته، فالجيش المصري يخوض حربًا ضروسًا ضد الإرهاب في سيناء، وتواجه السعودية إرهاب الحوثيين في اليمن، وتعاني العراق وسوريا والصومال من ويلات الإرهاب. وبتحليل تلك المؤشرات، سنجد أنه من الصعب أن تغفل القمة مناقشة التهديدات الإرهابية للأمن العربي.
قضايا اقتصادية
بدا واضحًا أن القضايا الاقتصادية، أصبحت لا تقل أهمية عن القضايا الأمنية والعسكرية، وهو ما يدفعنا للتنبؤ بأن القمة لن تغفل مناقشة تلك القضايا التي ستعم بفائدة كبرى على الدول العربية، فمن بين تلك القضايا: قضية الأمن المائي التي تهدد الساحة العربية، وخاصة مصر والسودان، مع إعلان أثيوبيا أنها قطعت شوطًا كبيرًا في أعمال بناء سد النهضة، وتخوف القاهرة من المساس بحصتها في مياه النيل التي تمثل 55 مليار متر مكعب.
فضلاً عن قضية الربط الكهربائي، التي من المقرر أن تتم بين الرياض والقاهرة، حيث سيتم بدء التنفيذ فيها على خطوط جهد 500 ألف فولت لتتبادل الدولتان كهرباء بقدرات 3 آلاف ميجاوات. ومن المقرر – أيضًا – أن تتم بين مصر ودول الشمال الإفريقي، فضلاً عن الأردن التي تدرس مصر رفع الربط الكهربائي معها لـ2000 ميجاوات. ومن المرجح – أيضًا – ألا تغفل القمة مناقشة تفعيل منطقة التجارة العربية الكبرى، واستكمال التصديقات اللازمة لدخول تلك الاتفاقيات حيز النفاذ.(10)
موضوعات أخرى
بجانب الموضوعات الأمنية والاقتصادية، فإن هناك موضوعات أخرى من المتوقع أن تكون حاضرة في اجتماعات القمة، مثل: موضوعات تتعلق بالخلاف الجيبوتي الإماراتي حول إلغاء اتفاق تشغيل ميناء دورالي الجيبوتي، واتفاق الشراكة بين الإمارات وأثيوبيا وانفصالي شمال السودان بشأن تشغيل ميناء بربرة الواقع بجمهورية “أرض الصومال” غير المعترف بها دوليًا؛ وهذا ما سيبرز سعي القمة العربية لإيجاد حلول سلمية لجميع المشكلات الموجودة على الساحة العربية واحتواء أية خلافات بين الدول قبل أن تنشب.
حضور دولي
لا يخفى علينا القول إن مشاركة مسؤولي منظمات وتجمعات إقليمية ودولية، كالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، ومبعوث الأمم المتحدة لسوريا دي ميستورا، تؤكد الإدراك العربي والنظرة الشاملة للقضايا والرغبة في إيجاد حلول مرضية لجميع الأطراف المحلية والعربية والدولية.
وفي الأخير، فإن القمة من المتوقع أن تبدأ من حيث انتهت نظيرتها الثامنة والعشرون، التي عقدت في العاصمة الأردنية عمان، ومن المرجح أن تناقش موضوعات أمنية، كالقضية الفلسطينية، والأزمة السورية، والليببية، والعراقية، والتدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون العربية، وقضية الإرهاب، فضلاً عن القضايا الاقتصادية المتعلقة بالربط الكهربائي والأمن المائي، وموضوعات متعلقة بالخلاف الجيبوتي والإماراتي؛ وهذا ما سيثري مناقشات القمة ويدفعنا للتنبؤ بخروجها بحلول سلمية مقترحة لحل تلك الأزمات والصراعات الدائرة في المنطقة العربية واحتواء بعض الأزمات قبل نشوبها.
وحدة الدراسات السياسية*
المراجع
1- قرار مفاجئ بنقل القمة العربية من الرياض، سبوتنيك.
2- انطلاق اجتماعات تحضيرية للقمة الـ29 بالرياض، وكالة الأنباء الكويتية.
3- البيان الختامي للقمة العربية الـ28 في الأردن، أخبار مصر. https://goo.gl/nYvuxR
4- المتحدث باسم أبو الغيط: قمة الدمام ستناقش القضية الفلسطينية، اليوم السابع
5- عباس: القمة العربية المقبلة هامة في ظل ما يحدث في القدس، العربية.نت.
6- اجتماع تحضيري للقمة العربية يندد باعتداءات إسرائيل وهجوم دوما، إرم نيوز.
7- عبدالله الثاني: القمة العربية ستدعم القدس عاصمة لفلسطين، روسيا اليوم.
8- حركة “فتح”: نريد من القمة العربية الالتزام بمبادرة السلام العربية دون تعديل، بوابة الأهرام.
9- سفير روسيا لدى اليمن يؤكد أهمية دعم المبعوث الأممي لحل الأزمة، سبوتنيك،
10- المتحدث باسم ابو الغيط : قمة الدمام ستناقش القضية الفلسطينية، مرجع سابق
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر