سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
استطاع “الحرس الثوري” الإيراني ربط حركة الحوثيين الإرهابية باليمن، بمنظوره الديني والسياسي لمنطقة الشرق الأوسط، كما هو واقع مع باقي الميليشيات الشيعية، وعلى رأسها الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان. ويعود ارتباط الحوثيين بالحرس الثوري الإيراني إلى أكثر من عشرين عامًا، تلقوا خلالها التدريب على السلاح والتنظيم والدعاية، حتى اختيار اسم التنظيم وشعاره، “أنصار الله” اسم حزب الحوثي، شعاره وصرخته التي تكتب وتردد يوميًا هي نفسها التي تردد في طهران: “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”. وتكيفًا مع الظروف المواتية في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والداخل اليمني بشكل خاص، سعى الإيرانيون لمساندة حزب الحوثي – الذي يمثل 5% من اليمن – معتمدين على “حزب الله” اللبناني، الأكثر تطورًا، الذي يتولى إدارة شؤون الحوثي في اليمن مستفيدًا من تجربته الطويلة العسكرية والاجتماعية والدعائية في لبنان، لتجهيز الحوثي كي يسيطر على اليمن. لذا ظهرت خلال السنوات الأخيرة، أنشطة متقدمة للحوثيين في عمليات التجنيد الإجبارية، واستخدام الأسلحة، بما فيها الصواريخ الباليستية.
بتلك الصواريخ التي أطلق منها ما يزيد على مئة صاروخ، على الأراضي السعودية باستهداف مباشر للمدنيين، يصبح الحوثيون في اليمن أول تنظيم إرهابي في التاريخ يمتلك صواريخ من هذا النوع، التي أثبتت العديد من القرائن القاطعة حصوله عليها من إيران، لتطلقها على الشعب اليمني، وكذلك ضد السعودية، التي لم تجد مفرًّا من هذه التهديدات الخطيرة، سوى تأسيس التحالف العربي في مارس/ آذار 2015، للدخول في حرب ضد الإرهابيين في اليمن، وقبل أن يستفحل التوحش الحوثي، الذي لم يستطع السيطرة إلا على ما يقرب من 20% من مساحة اليمن، التي احتلها عبر انقلابه على الشرعية، وتهديد أمن واستقرار اليمن والمنطقة بأسرها، ورفض جميع المبادرات السياسية والاستمرار في التصعيد.
وبالاستناد إلى قول الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، في حديثه مع قناة “CBS”: “لا أستطيع أن أتصور أن الولايات المتحدة ستسمح يومًا ما بعمل ميليشيا في المكسيك تطلق صواريخ نحو واشنطن أو نيويورك أو لوس أنجلوس بينما يتفرج الأميركيون عليها ولا يفعلون شيئًا”، تكون صواريخ الحوثيين ضد المملكة، هي أكبر دليل للعالم يؤكد أنهم ميليشيا إرهابية مسلحة، وليسوا مكونًا سياسيًا يمنيًا يمكن الجلوس معهم على طاولة المفاوضات. وكشف حقيقة ارتهانهم لإيران التي تزودهم بالصواريخ الباليستية والأسلحة والتقنيات في تحد لقرار مجلس الأمن رقم 2216.
وقدمت دول التحالف أدلة تُدين إيران عبر القنوات الرسمية للأمم المتحدة، وللمجتمع الدولي، واطّلع عليها سفراء الدول العربية والغربية. تحمل هذه الأدلة حقائق، لا يمكن إنكارها، عن تورط النظام الإيراني في دعم الحوثيين بالصواريخ، التي تمَّ إطلاقها على المملكة، لتصبح السعودية من أكثر دول العالم تعرضًا للصواريخ الباليستية، فتعرض أربع مدن ذات كثافة سكانية داخل دولة واحدة للاستهداف في وقت واحد؛ حادثة نادرة في التاريخ العسكري. وهي الأدلة التي بدأت تؤتي ثمارها، حيث ظهرت العديد من المواقف الدولية تدين تمويل طهران لميليشيا الحوثي، عقب إدانة مجلس الأمن والإدارة الأميركية.
وقبل حوالي أسبوعين من الاجتماع المرتقب لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم 16 أبريل/ نيسان في لوكسمبورغ، أدان مجلس الأمن الدولي[1]، الهجمات الصاروخية الواسعة التي شنتها الجماعات الحوثية على السعودية مؤخرًا، واتهم وزير الخارجية الفرنسي، إيران صراحة بتزويد الحوثيين بالأسلحة. ومن المنتظر أن يسعى هؤلاء للاتفاق على فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برامجها الصاروخية الباليستية، ويعقب الاجتماع المرتقب سلسلة من الاجتماعات على مستوى سفراء الدول الأعضاء في بروكسل، من أجل بلورة سلسلة عقوبات على إيران بدفع من فرنسا وبريطانيا وألمانيا استباقًا لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن بقاء بلاده أو خروجها من الاتفاق النووي المبرم بين مجموعة الستة (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) وإيران في يوليو (تموز) من عام 2015.
اتهامات الوزير الفرنسي جاءت ضمن تصريحات صحفية ذكرها في إطار سؤال عن اليمن أثناء مقابلة مع إذاعة “إر تي أل”، بقوله[2]: “هناك مشكلة في اليمن وهي أن العملية السياسية لم تبدأ، وأن السعودية تشعر بأنها تتعرض باستمرار لهجمات ينفذها الحوثيون الذين هم أنفسهم يحصلون على أسلحة من إيران”. ويعتبر أمر الصواريخ الإيرانية ودور طهران في اليمن وسياستها الإقليمية بشكل عام، على لائحة الملفات التي بحثها “لو دريان” مع المسؤولين الإيرانيين في طهران في زيارته إليها أوائل مارس الماضي. ومن المؤكد أن الاجتماع الأوروبي سيسعى إلى توقيع عقوبات على طهران تندرج في إطار البحث عن وسائل ضغط “تكون كافية لإقناعها بالتجاوب” مع الطروحات الأوروبية، وفي القلب من ذلك الاتهام الفرنسي المباشر لإيران بتسليح الحوثيين[3]، بتبني ما جاء في تقرير لمجلس الأمن الدولي في فبراير (شباط) الماضي، ورفضته روسيا بدعوى أنه “غير موثوق” به.
وفي السياق ذاته، دعت بريطانيا، إيران إلى “الكف عن إرسال أسلحة” إلى ميليشيات الحوثيين[4]، واستخدام نفوذها بدلاً من ذلك في سبيل إنهاء النزاع. إذ جاء في بيان مشترك، لوزيري الخارجية والتنمية الدولية، بوريس جونسون، وبيني مور دونت، بمناسبة مرور ثلاثة أعوام على بدء التحالف العربي بقيادة السعودية، تدخله العسكري ضد المتمردين في اليمن: “إذا كانت إيران صادقة في التزامها دعم الحل السياسي في اليمن، فعليها التوقف عن إرسال أسلحة تطيل أمد الصراع وتذكي التوترات الإقليمية وتشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.. ونتساءل لماذا تنفق إيران عائدات كبيرة في بلد لا تربطها به صلات أو مصالح تاريخية حقيقية، بدلاً من أن تستخدم نفوذها لإنهاء النزاع لما فيه مصلحة الشعب اليمني”، وهي الاتهامات التي جاءت متطابقة مع العديد من دول العالم في الشرق والغرب.
وفي الأيام الأخيرة من مارس/ آذار الماضي، وقبل ساعات من مغادرته نيويورك متوجهًا إلى سياتل في إطار جولته في أميركا، التقى الأمير محمد بن سلمان، مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن[5]، وحثهم على ضرورة تحمل المجلس مسؤولياته لوضع حد لانتهاكات الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، واحترام المعاهدات والمواثيق الدولية، وضرورة أن يتحمل مجلس الأمن المسؤولية في هذا الصدد، واحترام المعاهدات والمواثيق الدولية والقانون الدولي واتفاق الأمم المتحدة، داعيًا لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية والضغوط السياسية على إيران؛ وذلك تفاديًا لأي مواجهة عسكرية في المنطقة، وبالتالي نجح الأمير محمد بن سلمان – إلى حد كبير – في نقل الصورة كاملة عن العبث الإيراني والميليشيات الحوثية. فعلى الرغم من ثراء معلومات كاملة عن تجاوزات إيران، دعا مجلس الأمن جميع الدول الأعضاء إلى تطبيق كامل لحظر توريد الأسلحة كما هو مطلوب في قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار رقم 2216[6].
وأعاد أعضاء المجلس، التأكيد على حاجة كل الأطراف إلى العودة للحوار باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى تسوية سياسية متفاوض عليها، إلا أنه في التاسع والعشرين من مارس/ آذار الماضي، قبل يوم من زيارة الأمير محمد بن سلمان، لممثلي الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، أشاد قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال جوزيف فوتيل[7]، بما قامت به القوات المسلحة السعودية في التصدي للصواريخ التي تمَّ إطلاقها على أراضي المملكة من الميليشيات الحوثية في اليمن؛ وهو ما يعني أن الولايات المتحدة مستمرة في تقديم الدعم والوقوف بجانب المملكة في مواجهة التهديدات الحوثية، والسعي الإيراني نحو توسيع الصراع الداخلي في اليمن بما يهدد استقرار الأخيرة ودول الجوار[8].
وأخيرًا، لم يعد المشهد الحوثي – الإيراني يحتمل التأجيل، خاصة أن مسألة التزام طهران بالقرارات الأممية شبه مستحيل، لو استمر الوضع بهذه الوتيرة. لذا لا ينبغي النظر إلى إيران بصفتها جزءًا من أزمات في المنطقة فحسب، بل هي أزمة واحدة وكبيرة، على حد وجهة النظر السياسية لدواعٍ خطيرة تنتهي بتمويل الإرهاب لإشعال المنطقة، ومن ثَمَّ تنامي الخطر المدمر لكل العالم، وبالتالي على الجميع العلم بأن التحرك السعودي يصب في صالح شعوب المنطقة والسلم العالمي على المستويين القريب والبعيد. وهذا كان جزءًا كبيرًا مما أراد الأمير محمد بن سلمان، نقله إلى مجلس الأمن الذي لم يغب كثيرًا عن الإدلاء بموقفه، غداة الزيارة، ليندد – في بيان أعدته بريطانيا حاملة القلم في قضايا اليمن داخل الأمم المتحدة – “بأشد العبارات الممكنة” بالاعتداءات التي نفذتها جماعة الحوثي بالصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع ضد مدن سعودية، واصفًا إياها بأنها تمثل “تهديدًا خطيرًا للأمن القومي للمملكة والإقليمي”.
وحدة الدراسات السياسية*
المراجع
[1] واشنطن ولندن وباريس وبرلين تدين طهران بسبب تسليحها الحوثيين، فرانس24.
[2] باريس تتهم إيران بتسليح الميليشيات الحوثية، صحيفة الشرق الأوسط.
[3] باريس: الصواريخ الباليستية الإيرانية مصدر قلق لنا، روسيا اليوم.
[4] بريطانيا تطالب إيران بالكف عن تسليح الحوثيين، العربية. نت.
[5] ولي العهد السعودي يلتقي ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، صحيفة المصري اليوم.
[6]القرار الأممي “2216” انتصار لليمن وللدبلوماسية الخليجية، صحيفة الرياض.
[7] فوتيل: تسليح إيران “الحوثيين” يهدد الاستقرار في الخليج، صحيفة الاتحاد.
[8] “واشنطن”: استمرار إيران في تسليح الحوثيين يطيل أمد الصراع في اليمن، جريدة البواب
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر