سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مي الشريف
أثارت الأزمة الدبلوماسية بين تركيا وهولندا كثيراً من الجدل الإعلامي وتصعيد غير مسبوق بين تركيا ودول أوروبية على ضوء ما حدث لوزيري الخارجية والأسرة التركية في الأراضي الهولندية.
بدأت الأحداث في يناير الماضي بعد موافقة البرلمان التركي على مشروع التعديل الدستوري الذي يمنح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات رئاسية واسعة، وسيتم خلال الشهر المقبل طرح استفتاء للشعب التركي حول الموافقة على تلك التعديلات الدستورية وفي حال وافق ٥٠٪ من الناخبين ستصبح التغييرات نافذة، ولضمان الحصول على الأغلبية المطلوبة من الأصوات لجأت الحكومة التركية إلى تنظيم لقاءات مع المهاجرين الأتراك في عدة مدن أوروبية للترويج الإيجابي عن التعديلات الدستورية.
وكما كان متوقع فقد رفضت ألمانيا وسويسرا والنمسا إقامة الحملات الترويجية التركية على أراضيها، وأبدت الدول الأوروبية منذ البداية “يناير” تحديداً، قلقها من التعديلات الدستورية حيث بينت لجنة خبراء قانونين في مجلس أوروبا أن التعديلات الدستورية “ خطوة خطيرة إلى الوراء “ للديمقراطية، وعبروا عن مخاوفهم من بنود تسمح للرئيس بممارسة السلطات التنفيذية منفرداً.
و قد لمحت هولندا عن رفضها استقبال وزير الخارجية التركية وعدم رضاها عن إقامة هذه الحملات في مدنها، ولم تبالي تركيا لتلك التلميحات، فسحبت هولندا إذن هبوط طائرة وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو» في مطار روتردام الهولندي ومنعه من الخروج عن الطائرة. ومن ثم ايقاف وزيرة شؤون الأسرة والتي دخلت هولندا براً عن طريق المانيا ومنعها من الوصول إلى السفارة التركية ومن ثم إبعادها عن الأراضي الهولندية.
وهناك عدة أسباب لرفض الدول الأوروبية إقامة الحملات الترويجية على أراضيها؛ فمنها أسباب أمنية حيث أن نسبة المهاجرين الأتراك تتراوح ما بين ثمانية ألاف إلى مليونين في كل بلد أوروبي، والأسباب الأخرى وهي الأهم توتر العلاقات ما بين أردوغان والحكومات الأوروبية بسبب قضية اللاجئين السوريين وتوافدهم نحو أوروبا عبر الحدود التركية والتي عجزت تركيا عن السيطرة عليها. كذلك بسبب أزمة مماطلة الدول الأوروبية لقبول تركيا عضو في الاتحاد الأوروبي والمستمرة منذ ١٥ سنة تقريبا.
كذلك لا نلغي التخوف الأوروبي من صعود القوة التركية عسكريًا وإقتصاديًا في المنطقة وتقاربها مع روسيا المستمر وقد يكون هذا من أهم الأسباب.
وخلال الأيام الماضية ومع التوتر السياسي الحاصل ازدادت حدة الخطاب الشعوبي والعنصري الذي تستخدمه الأحزاب اليمينية المتطرفة في أنحاء أوروبا؛ فقد صرحت ماريان لوبان مرشحة اليمين المتطرف في الإنتخابات الرئاسية في فرنسا على أحد مواقع التواصل الإجتماعي “أننا لا نريد حملات إنتخابية تركية في فرنسا”، وصرحت بأنه :«لماذا علينا أن نتسامح على أرضنا مع أقوال ترفضها ديمقراطيات أخرى؟» في إشارة إلى السلطات التركية. أما المرشح الهولندي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، رئيس حزب “من أجل الحرية فقد سبق و هاجم تركيا ٢٠١٥ وكانت من أهم وعوده في حملته الانتخابية الحالية هي القضاء على ما يسميه “أسلمة” بلاده، وله مطالبات بإقفال المساجد ومنع القران الكريم في هولندا.
والمستفيد من هذه الأزمة طرفان؛ الطرف الأول الأحزاب اليمينية المتطرفة فليس هناك دليل أفضل يبين همجية المهاجرين وخطر اللاجئين من المظاهرات التركية الغاضبة المنتشرة في عدة مدن أوروبية؛ فسلاح الخطر هو أفضل طريق للفوز في الإنتخابات الرئاسية، وأعتقد أن بسبب مايحصل اليوم سيزيد احتمالية فوز الأحزاب اليمينية. أما المستفيد الأخر فهو أردوغان نفسه، فغضب الشارع التركي على إهانة وزير خارجيتهم سيدفعهم بالمشاركة في الإقتراع والموافقة على تغيير الدستور نكاية بأوروبا وهذا ما ذكره اليوم رجب طيب أردوغان في خطابه للشعب التركي حيث صرح أن التصويت بـ “ نعم” في الإستفتاء القادم يعتبر أفضل رد على الأعداء.
باحثة سياسية*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر