سباق الإنفاق.. شركات التكنولوجيا لن تتراجع | مركز سمت للدراسات

سباق الإنفاق.. شركات التكنولوجيا لن تتراجع

التاريخ والوقت : الإثنين, 7 نوفمبر 2022

ريتشارد وترز

اعتاد المستثمرون على القفزات الدورية في الإنفاق الرأسمالي من أكبر شركات التكنولوجيا الأمريكية. لكن التغيرات في أعمال شركات التكنولوجيا الكبرى تثير تساؤلات مهمة حول إذا ما كان بالمستطاع التنبؤ بعوائد موجة الإنفاق الأخيرة كما كانت الحال مع عوائد موجات الإنفاق السابقة.
بعد أن قفزت 32 في المائة في 2020، ارتفع مجموع الميزانيات الرأسمالية لـ”ألفابيت” و”أمازون” و”أبل” و”ميتا” و”مايكروسوفت” مرة أخرى في 2021 ليصل إلى 140 مليار دولار. فيما ارتفع مجددا 20 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام.
لكن الطفرات الدورية مثل هذه ليست بالشيء الجديد. أحد الأسباب هو الحاجة إلى التوسع قبل تحقيق الزيادات المتوقعة في النمو. مراكز البيانات الجديدة، ومكاتب للعمال الإضافيين، أو “في حالة أمازون” المستودعات، وشاحنات التوصيل الصغيرة كلها ينبغي أن تتوافر مسبقا. معدلات النمو القوية والمدهشة التي حافظت شركات التكنولوجيا الكبرى عليها في الأعوام الأخيرة – ولا سيما خلال الجائحة – بررت ثقتها كثيرا.
مع ذلك، لم تحظ دائما بتوقيت مناسب. الدليل الأول هو موجة الإنفاق التي بدأتها “أمازون” قبل فترة وجيزة من تولي آندي جاسي منصب الرئيس التنفيذي في منتصف 2021. اعتبرت النفقات الرأسمالية البالغة 61 مليار دولار العام الماضي قفزة كبيرة من مبلغ 17 مليار دولار الذي أنفق قبل عامين فقط. مع تباطؤ النمو في وقت سابق من هذا العام، أصبح من الواضح أن “أمازون” ضغطت على دواسة الوقود بقوة.
مع الدخول في تباطؤ اقتصادي، ازدادت حدة هذا الخطر، ولا سيما أن بعض أركان الاقتصاد الرقمي تظهر علامات على الوصول إلى النضج “مرحلة من الوصول إلى اكتمال التطور مع احتمالية عدم النمو بسرعة في المستقبل”. أشارت أحدث تقارير الأرباح والتوقعات الصادرة عن شركات التكنولوجيا الكبرى إلى تباطؤ ملحوظ وغير متوقع في التجارة الإلكترونية والإعلانات الرقمية مع تباطؤ الطلب من المستهلكين. أما الآن وبعد أن أصبحت شركات التكنولوجيا تمثل هذه الحصة الكبيرة من الاقتصاد الكلي، لم يعد من السهل عليها أن تتجاهل الاتجاهات الكلية.
في الوقت نفسه، حتى لو لم يتباطأ الطلب على بعض الخدمات، فإن الاقتصاد الضعيف يقلل من رغبة العملاء في دفع أسعار أعلى.
أدى هذا إلى نمو أبطأ من المتوقع في أعمال الحوسبة السحابية لشركتي أمازون ومايكروسوفت في الربع الأخير. قالت الشركتان إن العملاء كانوا يعملون على تحسين إنفاقهم على خدمات الحوسبة السحابية، بعبارة أخرى، كانوا ينتقلون إلى خطط تخزين بيانات أرخص أو يديرون أعباء أعمالهم باستخدام شرائح أقل تكلفة. الأحجام لم تتأثر، بينما كانت الإيرادات مخيبة للآمال.
مع ذلك، كان الطلب على قوة الحوسبة الإضافية يتزايد باطراد. كان ظهور الحوسبة السحابية، وفي الآونة الأخيرة، الدفع لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي فيها، قد أدى إلى إحداث تغيير كبير في الإنفاق الرأسمالي لشركات التكنولوجيا الكبرى.
قالت شركة ميتا، التي خيبت آمال وول ستريت الأسبوعين الماضيين بالإعلان عن خطط لتكثيف إنفاقها على ميتافيرس، “إن احتياجات الذكاء الاصطناعي كانت تتسبب في قفزة في الإنفاق الرأسمالي”. يتوقع أن تصل النفقات الرأسمالية لـ”ميتا” من 16 في المائة في 2021 إلى 28 في المائة من إيراداتها هذا العام، قبل أن تصل إلى 30 في المائة في 2023. أثارت التغييرات التي حصلت على هذا النطاق المخاوف في وول ستريت من أن كثافة رأس المال لأعمال شركات التكنولوجيا الكبرى آخذة في التغير.
في الحالات التي كانت فيها العوائد تبدو متناسبة مع مستويات الإنفاق الأعلى، كان المستثمرون يتعاملون معها بكل هدوء. قفز إنفاق “أمازون” كنسبة مئوية من الإيرادات من نحو 5 في المائة بين 2016 و2019 ليصل إلى أكثر من 12 في المائة في كل من 2021 والأشهر التسعة الأولى من العام الحالي. كانت التكنولوجيا الجديدة، التي تهدف في الأساس إلى دعم توسع أعمال “أمازون ويب سيرفيسيز”، قد تسببت إلى حد كبير في هذه القفزة. فيما أدى الدفع نحو الحوسبة السحابية والإعلانات “وهي أعمال أخرى مدفوعة بالتكنولوجيا” إلى تعزيز هوامش ربح “أمازون”.
لكن العوائد المحتملة من كثير مما أنفقته شركات التكنولوجيا الكبرى يصعب التنبؤ بها. تشير الجهود الأخيرة التي بذلها العملاء لخفض فواتيرهم من الخدمات السحابية إلى احتمال أن تواجه شركات التكنولوجيا ضغوطا على الأسعار في وقت باتت فيه خدمات السحابية تحتل شريحة أكبر من إجمالي تكنولوجيا المعلومات.
في الوقت نفسه، لم يكن من المؤكد أن التحسينات التي سيدخلها الذكاء الاصطناعي في الخدمات الموجودة حاليا – أو الخدمات الجديدة تماما التي سيجعلها متاحة – ستحقق إيرادات جديدة كافية لتغطية التكلفة.
قالت “ميتا”، “إن الذكاء الاصطناعي سيساعدها على تحليل المحتوى المتدفق عبر شبكتها حتى تتمكن من وضع أكثر الصور أو مقاطع الفيديو ملاءمة أمام كل مستخدم، مع تمكين إعلاناتها من استهدافهم بشكل أكثر دقة. لكن فاعلية هذه المزاعم ليست مثبتة”.
في بعض الحالات، أصبح الذكاء الاصطناعي هو المنتج بعينه. تسببت أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تستخدم لإنتاج النصوص الكتابية أو الصور عند الطلب في تغذية السباق الذي شهدناه أخيرا في عالم الذكاء الاصطناعي لبناء نماذج أكبر، وأكثر تكلفة.
من الصعب التنبؤ بتكلفة سباق التسلح هذا، أو الأرباح الإضافية التي سيحققها. لكن حتى مع اندفاع شركات التكنولوجيا الكبرى نحو التراجع، فهي ليست على وشك تخفيف الإنفاق.

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر