المبادئ الخمسة للاقتصاد الأخضر
التاريخ والوقت :
الجمعة, 5 أغسطس 2022
كيف يبدو الاقتصاد الأخضر والعادل من حيث المبدأ في الممارسة العملية؟
تواجه البشرية تحديات خطيرة في العقود المقبلة من بينها تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وتزايد عدم المساواة، وغيرها. ونظرًا لترابط هذه الأزمات العالمية الشاملة، لا يمكن معالجتها بعضها بمعزل عن بعض. لكن أنظمتنا الاقتصادية الراهنة لا تبدو مناسبة بما يكفي لتحقيق توازن جيد بين الأهداف البيئية والاجتماعية.
إن الاقتصادات في جوهرها هي مجموعة من القواعد والأعراف التي تكافئ بعض السلوكيات وتعاقب الآخرى. وفي شكلها الحالي، فإن اقتصاداتنا تحفز الاستهلاك المفرط، وتقوض الروابط المجتمعية، وتدمر الثروة الطبيعية. لكن هذا الأمر قابل للتغير، ذلك أنها ببساطة تتماثل مع الطريقة التي تطورت بها اقتصاداتنا للعمل. ولحل هذه المشاكل، فإن جل ما نحتاجه هو رؤية اقتصادية جديدة.
الرؤية: مستقبل اقتصادي أخضر عادل
إن الغاية من رؤيتنا للاقتصاد الأخضر هي توفير الرخاء للجميع ضمن الحدود البيئية للكوكب. وذلك وفقًا لخمسة مبادئ رئيسية، يعتمد كل منها على سوابق مهمة في السياسة الدولية، يمكن أن توجه مجتمعة الإصلاح الاقتصادي في سياقات متنوعة.
أولاً: مبدأ الرفاه
الاقتصاد الأخضر محوره الناس، والغرض منه خلق ازدهار حقيقي ومشترك.
- يركز الاقتصاد الأخضر على الثروة المتزايدة التي ستدعم الرفاهية. إن هذه الثروة ليست مالية فحسب، بل تشمل النطاق الكامل لرؤوس الأموال البشرية والاجتماعية والمادية والطبيعية.
- يعطي الأولوية للاستثمار والوصول إلى النظم الطبيعية المستدامة والبنية التحتية والمعرفة والتعليم اللازم لجميع الناس للازدهار.
- يوفر الاقتصاد الأخضر فرصًا لسبل العيش الخضراء واللائقة والمؤسسات والوظائف.
- يقوم على العمل الجماعي من أجل المنافع العامة، لكنه يقوم على الخيارات الفردية.
ثانيًا: مبدأ العدالة
- يعزز الاقتصاد الأخضر المساواة بين الأفراد والاجيال، ذلك لأنه شامل وغير تمييزي؛ لأن ثمة تشارك في صنع القرار والمنافع والتكاليف بشكل عادل؛ وذلك دون الاقتصار على النخبة. كما أنه يدعم بشكل خاص تمكين المرأة.
- يعزز التوزيع العادل للفرص والنتائج، ويحد من التفاوت بين الناس، مع توفير مساحة كافية للحياة البرية.
- يتخذ منظورًا طويل المدى للاقتصاد، مما يخلق الثروة والمرونة التي تخدم مصالح مواطني المستقبل، مع العمل أيضًا بشكل عاجل على معالجة الفقر والظلم بكل أشكاله الحالية.
- يقوم على التضامن والعدالة الاجتماعية، وتعزيز الثقة والروابط الاجتماعية، ودعم حقوق الإنسان، وحقوق العمال، والشعوب الأصلية والأقليات، والحق في التنمية المستدامة.
- يشجع الاقتصاد الأخضر على تمكين المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والمؤسسات الاجتماعية، وسبل العيش المستدامة.
- يسعى إلى انتقال سريع وعادل ويغطي تكاليفه، مع عدم ترك أي شخص يتخلف عن الركب، وتمكين الفئات الضعيفة من أن تكون عوامل للانتقال، والابتكار في الحماية الاجتماعية وإعادة تشكيل المهارات.
ثالثًا: مبدأ حدود الكواكب
- إن الاقتصاد الأخضر يحمي الطبيعة ويعيدها ويستثمرها.
- يغذي القيم المتنوعة للطبيعة، وكذلك القيم الوظيفية لتوفير السلع والخدمات التي يقوم عليها الاقتصاد، وكذلك القيم الثقافية للطبيعة التي تدعم المجتمعات، إلى جانب القيم البيئية للطبيعة التي تقوم عليها الحياة نفسها.
- تقر أسس الاقتصاد الأخضر بقابلية الاستبدال المحدودة لرأس المال الطبيعي بموارد أخرى، مستخدمة المبدأ الوقائي لتجنب فقدان رأس المال الطبيعي الحرج وخرق الحدود البيئية.
- في إطار الاقتصاد الأخضر، يمكن الاستثمار في حماية وتنمية واستعادة التنوع البيولوجي والتربة والمياه والهواء والنظم الطبيعية.
- كما أنه مبتكر في إدارة النظم الطبيعية، مستنيرًا بخصائصها مثل: الدوران، والمواءمة مع سبل عيش المجتمع المحلي القائمة على التنوع البيولوجي والأنظمة الطبيعية.
رابعًا: مبدأ الكفاءة والكفاية
- يوجه الاقتصاد الأخضر لدعم الاستهلاك والإنتاج المستدامين.
- الاقتصاد الأخضر الشامل منخفض الكربون ويحافظ على الموارد ومتنوع ودائري (قائم على إعادة التدوير). كما أنه يتبنى نماذج جديدة للتنمية الاقتصادية تتصدى لتحدي خلق الازدهار داخل حدود الكوكب.
- يمكن إدراك أنه يجب أن يكون ثمة تحول عالمي كبير للحد من استهلاك الموارد الطبيعية إلى مستويات مستدامة ماديًا إذا أردنا البقاء ضمن حدود الكوكب.
- يعترف الاقتصاد الأخضر “بأرضية اجتماعية” لاستهلاك السلع والخدمات الأساسية التي تعتبر ضرورية لتلبية رفاهية الناس وكرامتهم، فضلاً عن “قمم” الاستهلاك غير المقبولة.
- يراعي مواءمة الأسعار والإعانات والحوافز مع التكاليف الحقيقية التي يتحملها المجتمع، حيث تعود الفوائد على أولئك الذين يقدمون نتائج خضراء شاملة.
خامسًا: مبدأ الحكم الرشيد
- يسترشد الاقتصاد الأخضر بمؤسسات متكاملة مرنة وخاضعة للمساءلة.
- ذلك أنه قائم على الأدلة، إذ إن معاييره ومؤسساته متعددة التخصصات، وتنشر العلوم والاقتصاد السليمين جنبًا إلى جنب مع المعرفة المحلية لاستراتيجية التكيف.
- أن تكون مدعومة من قبل مؤسسات متكاملة ومتعاونة ومتماسكة أفقيًا عبر القطاعات، وعموديًا عبر مستويات الحوكمة، ولديه القدرة الكافية للوفاء بأدوار كل منها بطرق فعالة وكفؤة وخاضعة للمساءلة.
- إن الاقتصاد الأخضر يتطلب المشاركة العامة، والموافقة المسبقة المستنيرة، والشفافية، والحوار الاجتماعي، والمساءلة الديمقراطية، والتحرر من المصالح الخاصة في جميع المؤسسات العامة والخاصة والمجتمع المدني، بحيث يتم استكمال القيادة المستنيرة بالطلب المجتمعي.
- يعزز الاقتصاد الأخضر عملية صنع القرار المفوض للاقتصادات المحلية وإدارة النظم الطبيعية مع الحفاظ على معايير وإجراءات وأنظمة امتثال مشتركة قوية.
- يبني نظامًا ماليًا بغرض توفير الرفاهية والاستدامة، تم إنشاؤه بطرق تخدم مصالح المجتمع بأمان.
- إن الاقتصاد الأخضر ينطوي على تغيير شامل وتحويلي للوضع الراهن العالمي. لذلك، فإنه سوف يتطلب تحولاً جوهريًا في أولويات الحكومة. وبالتالي، فإن تحقيق هذا التغيير ليس بالأمر السهل، ولكنه يبدو ضروريًا إذا أردنا تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: greeneconomycoalition