سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
سالي عاشور
شهدت عملة منطقة اليورو تراجعًا بنسبة 12% ليتساوى مع الدولار الأميركي لتسجل أدنى مستوى لها للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين، وذلك كنتيجة لضغوط متعددة تتعرض لها منطقة اليورو بداية من الحرب في أوكرانيا وصولًا لأزمة الطاقة مع ارتفاع أسعار الغاز وعدم التيقن بشأن إمدادات الطاقة الروسية، مما قد يدفع بالركود إلى المنطقة، وعلى الصعيد العالمي دفع التضخم المتزايد في أغلب دول العالم البنوك المركزية إلى تبني سياسات نقدية انكماشية عبر رفع معدلات الفائدة للسيطرة على التضخم، وفي مقدمتها البنك الفيدرالي الأميركي مما ساهم في تزايد الطلب العالمي على الدولار الأميركي كونه ملاذًا آمنًا، والتخلي عن باقي العملات. وأثار انخفاض قيمة اليورو تساؤلات حول التوقعات المستقبلية واتجاهات البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة، والتنبؤات حول قيمة العملة وأبرز الانعكاسات العالمية والمحلية.
شهد سعر صرف اليورو مقابل الدولار انخفاضًا حادًا من مستوى 1.15 دولار قبل الحرب في أوكرانيا إلى اقتراب اليورو من الوصول إلى مستوى التعادل مقابل الدولار الأميركي للمرة الأولى منذ أواخر عام 2002.
الأمر الذي دفع المركزي لرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماع يوليو 2022، أي ضعف الزيادة التي أعلن عنها الشهر الماضي، مخالفًا بذلك التوقُّعات في ظل تفاقم معدلات التضخم في منطقة اليورو، لتصبح أعلى زيادة منذ 11 عامًا.
يُمثل انخفاض قيمة العملة مشكلة للاستهلاك في اقتصاد منطقة اليورو البالغ قيمته 12 تريليون يورو، مما يُغذي ارتفاع التضخم المرتفع بالفعل والذي اقترب من 9%، وقد يتسبب انخفاض قيمة العملة في ارتفاع اسعار الواردات بما قد يرفع من معدلات التضخم المستوردة بما سوف يتعارض مع هدف البنك المركزي الاوروبي لاستقرار الأسعار، كما قد يؤدي انخفاض قيمة اليورو، مع تسارع التضخم، إلى تشجيع البنك المركزي الأوروبي على رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع.
من الناحية النظرية، يجعل انخفاض قيمة اليورو السلع الأوروبية أكثر قدرة على المنافسة خارج منطقة اليورو، الأمر الذي يجعل السلع والخدمات الأوروبية المصدرة أكثر تنافسية في الخارج، وخاصة صناعة الطائرات والسيارات والسلع الفاخرة والكيميائية.
وفي المقابل، يجعل الواردات بالدولار أكثر تكلفة، بما يمكن أن تؤدي إلى زيادة ارتفاع الأسعار المحلية. وبالإضافة إلى التهديد المزدوج للتضخم والركود، فإن منطقة اليورو تواجه مخاطر كبيرة من الارتفاع الكبير لتكاليف الاقتراض السيادي، وخاصة لتلك الدول التي أصدرت سندات بالدولار، كما أن انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار سيرفع من تكلفة السداد.
وبالنسبة لسداد ديون الدول الأوروبية، فإن التأثير يبدو أقل وضوحًا، حيث ترى إيزابيل ميجان، الأستاذة في جامعة “سيانس بو” في باريس، أن المزيد من النمو من شأنه أن “يسهل سداد الديون”، شريطة أن تعتبر الأسواق الديون الأوروبية آمنة بما فيه الكفاية وأن تظل أسعار الفائدة منخفضة.
فيما يخصّ نسب الاحتياطي العالمي من اليورو، تشير التوقعات إلى اتجاه الدول نحو خفض نسب الاحتياطي من عملة اليورو مقابل الدولار، حيث يمثل اليورو نحو 20% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، وقد شهدت الاحتياطيات العالمية من اليورو انخفاضًا بالفعل منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية. وهو ما يشير له الشكل التالي.
وفي انعكاس إيجابي للأمر سوف يتسبب انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار الامريكي في جذب مزيد من السياح الأميركيين، وبالتالي سيعطل السياحة الأوروبية بشكل واضح، وخاصة إلى الولايات المتحدة، وذلك على مستوى الدول المرتبطة عملتها بالدولار الأميركي ومقدمتها دول الخليج العربي.
أما على صعيد الآثار المحتملة على الأوضاع المحلية في مصر فمن المتوقع أن سيأتي التأثير محليًا على جانبين؛ الأول يمس حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي، والثاني على مستوى الضغط على الدولار، الذي سيؤثر على فاتورة الاستيراد، حيث قد يساهم تراجع سعر اليورو مقابل الدولار الأميركي في خفض تكلفة الواردات المصرية من الأسواق الأوروبية والتي تعد من أكبر الشركاء التجاريين لمصر، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن الانخفاض في أسعار الواردات قد لا يكون كبيرًا نظرًا لارتفاع تكاليف الإنتاج في منطقة اليورو مدفوعة بارتفاع أسعار الطاقة، والتأثير الثاني يتمثل في انخفاض قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر كون أن سلة العملات لدى البنك المركزي المصري مكونة من عدد من العملات، منها اليورو، وبالتالي فإن انخفاض قيمته سيؤدي إلى انخفاض قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر