تدرس إدارة بايدن ما إذا كانت ستعلن أن تفشي مرض جدري القرود في البلاد يمثل حالة طوارئ صحية عامة. وتبحث أيضاً تعيين منسق للبيت الأبيض للإشراف على الاستجابة ضمن المسعى لمنع الفيروس من الانتشار في الولايات المتحدة.

ناقش البيت الأبيض وقادة الوكالات الصحية في الأيام القليلة الماضية الخطوات التالية لمكافحة الفيروس، بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية يوم السبت (23 يوليو الجاري) أن جدري القرود يمثل حالة طوارئ صحية عامة مثار قلق دولي، في أقصى تحذير للوكالة. وتأكد إصابة 17 ألف شخص خارج أفريقيا منذ مايو، من بينهم نحو 2900 شخص في الولايات المتحدة، والإصابات تواصل تصاعدها في البلدان التي لم يتم العثور على الفيروس فيها تاريخيا.

وتأكدت الإصابة في أول حالتين من الإصابة بجدري القرود في الولايات المتحدة لدى الأطفال يوم الجمعة (22 يوليو)، ربما نتيجة العيش في منزل مع شخص بالغ مصاب. لكن السلطات الصحية الاتحادية ذكرت أنه لا دليل حتى الآن على استمرار انتقال العدوى بين مجموعات سكانية أوسع. وصرح ثلاثة أشخاص اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم أن بعض مسؤولي الصحة يعتقدون أن إعلان الطوارئ ضروري لمنح الحكومة سلطة تخطي الإجراءات الروتينية وجمع البيانات حول انتشار الفيروس، لكن آخرين يجادلون بأن هذه الخطوة شكلية غالبا ولن تعالج نقص اللقاحات والتحديات الأخرى التي أعاقت الاستجابة الأميركية. وأثار مسؤولون أيضا تساؤلات حول مدى جواز مثل هذا الإعلان تجاه فيروس لم يتأكد ارتباطه إلا بحالة وفاة أميركية واحدة.

وترتبط سلالة جدري القرود المتهمة بهذا التفشي بالحمى والإصابات في الجلد والآلام الشديدة التي قد تستمر لأسابيع، بالإضافة إلى مضاعفات لدى النساء الحوامل والأطفال وغيرهم من الفئات الأكثر هشاشة. وذكر اثنان من الأشخاص الثلاثة الذين اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم أن المسؤولين يأملون التوصل إلى قرار بشأن إعلان الطوارئ في الأيام القليلة المقبلة، وهذا يرتبط بإعلان توزيع حوالي 80 ألف جرعة لقاح إضافية بعد الانتهاء من مراجعة تقوم بها إدارة الأغذية والعقاقير. والقرار معقد أيضاً بسبب السياسات الداخلية.

فقد طالبت جماعات ناشطة حقوقية وجمعيات صحية إدارة بايدن بأن تعلن حالات طوارئ صحية عامة تتعلق بالإجهاض وعنف المسدسات، وأعلن البيت الأبيض أنه يدرس إقرار إعلان طوارئ أوسع لتغير المناخ، مما أثار جدلاً حول القضايا صاحبة الأولوية. وواصلت إدارة بايدن أيضاً تجديد إعلانات الطوارئ الصحية العامة التي تنتهي صلاحيتها كل 90 يوماً، الخاصة بالمواد الأفيونية وفيروس كورونا. وشكك مسؤولون في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في مدى جدوى إعلان الطوارئ. وجاء في مذكرة مرسلة إلى الرئيس بايدن يوم الأحد (24 يوليو) حصلت «واشنطن بوست» على نسخة منها أن الإعلان هو «أداة يمكن استخدامها للتماشي مع منظمة الصحة العالمية وتعزيز الوعي، فضلاً عن تقديم مسوغ مهم لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية لاستخدام أدوات (وإن تكن محدودة) من شأنها المساعدة في الاستجابة».

وذكر مسؤولو البيت الأبيض أن القرار يعود إلى خافيير بيسيرا، وزير الصحة والخدمات الإنسانية، وأنهم ما زالوا قلقين بشأن بطء وتيرة الاستجابة. وذكر مرضى أنهم ما زالوا يواجهون تأخيرا لمدة أيام في الحصول على نتائج الاختبار، واشتكى أطباء من العوائق البيروقراطية عند محاولة وصف العلاج، ودعا مسؤولون، مثل عمدة نيويورك الديمقراطي إريك آدامز، إلى المزيد من جرعات اللقاح لأن الإمدادات الحالية تنفد سريعا. وصرح بيسيرا لشبكة «سي. إن. إن.» يوم الاثنين (25 يوليو) أن وزارته ما زالت تفحص بموضوعية إعلان حالة الطوارئ. وأكد أن هناك رغبة في التصدي لجدري القرود وألا يصبح مثار قلق للأميركيين. ومضى يقول «لكن كم عدد الأشخاص الذين ماتوا مقارنة بفيروس كوفيد؟ صفر… نعلن حالات طوارئ الصحة العامة بناء على البيانات والعلم، وليس بناء على مخاوفنا».

يرى خبراء آخرون أن إعلان الطوارئ لمدة 90 يوما قد يكون أداة مهمة لتركيز الاستجابة ويبحث البيت الأبيض أيضا تعيين منسق وطني لجدري القرود، بعد أن خلص إلى أن الدور ضروري لإدارة استجابة يتزايد اتساع نطاقها. ومن المرشحين للمنصب رون كلاين، كبير موظفي البيت الأبيض، الذي نسق استجابة الولايات المتحدة للإيبولا أثناء إدارة أوباما، وأيضا منسق فيروس كورونا في البيت الأبيض «آشيش جها» وخبير الأمراض المعدية «أنتوني فوتشي» وعشرات من مسؤولي الأمن القومي والصحة الآخرين. وامتنع البيت الأبيض عن التعليق على هذا الشأن.

ويشعر البعض بالقلق من احتمال فوات الأوان بالفعل لمنع الفيروس من اكتساب موطئ قدم في البلاد نظراً للزيادة السريعة في الحالات وصعوبات الوصول إلى الاختبارات. ويعترض مسؤولو إدارة بايدن على أنه ما زال من الممكن احتواء الفيروس، مشيرين إلى مخزون الولايات المتحدة من العلاجات واللقاحات والتوفر السريع للاختبارات.

وأكد بيسيرا يوم الاثنين (25 يوليو) قائلا «لا يوجد مكان آخر في العالم يوجد به 300 ألف جرعة من اللقاحات وُزعت على الولايات، كما لدينا هنا في أميركا». وذكر مسؤولون من إدارة الغذاء والعقاقير الأميركية أيضا أنهم ينتظرون قرار الطوارئ قبل متابعة إعلان منفصل قد يسرع باستخدام الإجراءات الطبية المضادة. وسمحت خطوة مماثلة خلال الاستجابة لفيروس كورونا للصيادلة بإعطاء اللقاح للأطفال الصغار وللأطباء بإعطاء اللقاح للمرضى من خارج الولاية.

 

المصدر: صحيفة الاتحاد خدمة واشنطن بوست وبلومبيرغ