تداعيات انخفاض سعر اليورو | مركز سمت للدراسات

تداعيات انخفاض سعر اليورو

التاريخ والوقت : الجمعة, 29 يوليو 2022

د. عبدالحق عزوزي

 

هبط سعر صرف اليورو منذ أيام إلى ما دون عتبة الدولار الأميركي الرمزية للمرة الأولى منذ عام 2002.

وقد تأثرت العملة الأوروبية الموحَّدة بتأجج المخاوف من الوقف التام لصادرات الغاز الروسية إلى أوروبا، فالحكومات الأوروبية بدأت تتحدث عن «احتمال» قطع الإمدادات الغازية الروسية، لتخسر العملة الأوروبية قرابة 12 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام.

ونظراً إلى النمو الضعيف في منطقة اليورو، يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يزيد معدلات الفائدة، لكن بصعوبة، من أجل مكافحة التضخم الذي بلغ في يونيو الماضي 5,8 في المائة في فرنسا و7,6 في المائة في ألمانيا، وفقاً للأرقام الأخيرة التي نُشرت في أوروبا. ويقول المحللون إن تدهور اليورو يمكن أن يأخذ منحنيات خطيرة، ويعتمد ذلك على الأرجح على رغبة روسيا في مفاقمة الحرب الاقتصادية مع أوروبا، خاصةً وأن «معرفة نوايا القيادة الروسية ليست بالأمر السهل». فمثلا ساعات بعد أن وقعت كل من روسيا وأوكرانيا، بوساطة تركية، وتحت رعاية الأمم المتحدة، اتفاقاً يتيح فتح ممرات بحرية عبر البحر الأسود ومروراً بتركيا نفسها، بغية تسهيل تصدير القمح الأوكراني والروسي إلى السوق العالمية، أعلن الجانب الأوكراني أن روسيا قامت باستهداف ميناء أوديسا بصواريخ كروز من نوع كاليبر.

وأوديسا هي أكبر مدينة وأهم ميناء على ساحل البحر الأسود، مما يمنحها أهمية بالغة لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية. وللتذكير فإن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أدت إلى ارتفاع حادّ في أسعار الحبوب والزيوت في أسواق العالم، وذلك لأن البلدين (روسيا وأوكرانيا) يوفران معاً 30 في المائة من صادرات القمح العالمية. وهذا الأمر أسفر عن معاناة كبيرة للعديد من دول العالم التي تعتمد بشدة على هذين البلدين في إمدادات أسواقها الغذائية.

وقد يؤدي انخفاض قيمة اليورو، مع تسارع التضخم في اقتصادات الاتحاد الأوروبي، إلى تشجيع البنك المركزي الأوروبي على رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع، خاصة وأنه يستعد لرفعها خلال الأيام القليلة المقبلة، في سابقة تعد نادرة منذ حوالي أحد عشر عاماً. وأوضح وليام دو فيجلدر، الخبير الاقتصادي في مصرف «بي إن بي باريبا»، أنه لا ينبغي للبنك المركزي الأوروبي أن يرد مباشرة على ارتفاع أسعار السلع الأولية، ذلك أن التحدي الرئيسي يتمثل في استعادة السيطرة على التضخم حتى لا يصبح أكبر مما هو عليه الآن، لأن أسعار الواردات تزداد بسبب ارتفاع سعر الصرف. وكان مصرف فرنسا المركزي اعتبر نهاية مايو الماضي أن ضعف اليورو قد يعرقل جهود البنك المركزي الأوروبي في السيطرة على التضخم.

المهم من هذا الكلام أن تسجيل اليورو أدنى مستوياته سيخلِّف تداعيات وانعكاسات على صُعُد عدة، بما في ذلك التضخم والقدرة الشرائية للعائلات والشركات والنمو والديون.. إلخ، وهو ما ينذر بأشهر عجاف على أوروبا والفضاء المتوسطي، وأفريقيا أيضاً. ولا يعلم أحد متى ستتوقف الحرب في أوروبا، ولا ما يمكن أن يقع في النظام الدولي خلال مرحلة دولية صعبة تتسم بالتوجس والغموض والمجهول واللايقين.

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر