سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
دامودار بوجاري
للتغلب على العديد من الخلافات الدائرة، اتفقت الدول المتقدمة والنامية في الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في 17 يونيو الماضي على إلغاء الدعم الذي يسبب الصيد الجائر. وقد أسفرت المفاوضات التي استمرت إلى ما بعد موعدها النهائي، عن مجموعة من الصفقات، بما في ذلك تلك المتعلقة بدعم مصايد الأسماك، بغرض إنهاء جفاف استمر لما يقرب من عشر سنوات من اتفاقيات التجارة العالمية.
إن اتفاقية مصايد الأسماك تخلق إطارًا عالميًا للحد من الإعانات للصيد غير المشروع وغير المبلغ عنه وغير المنظم أيضًا. وتعتبر الاتفاقية الأخيرة خطوة تاريخية، حيث تمثل خطوةً نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة ، كما أنها تمثل أول اتفاقية متعددة الأطراف تقوم بذلك.
تقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن ثلثي الأرصدة السمكية العالمية تتعرض في الوقت الحالي للصيد الجائر بما يتجاوز مستويات التجديد، وأن ما يقدر بـ20 مليار دولار من 35 مليار دولار من الإعانات السنوية تبدو مسؤولة ــ جزئيًا ــ لأنها تؤدي إلى الصيد العدواني في الداخل، وأيضًا كمناطق اقتصادية خاصة بالدول الخارجية. إذ تقدم الدول الكبيرة والمتقدمة مثل الصين والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية الدعم الأكبر الذي يتراوح ما بين 5 و8 مليارات دولار سنويًا. وبالمقارنة، فإن البلدان النامية الأخرى مثل الهند، لا تدعم قطاع مصايد الأسماك لديها إلا جزئيًا، حيث تقدم نيوديلهي بضع مئات من ملايين الدولارات أو أقل من ذلك.
إن الصيد في معظم البلدان النامية يتم من أجل الكفاف على عكس العالم المتقدم، حيث يشيع الصيد على نطاق صناعي باستخدام معدات متطورة. ولذلك، فرغم إلغاء منظمة التجارة العالمية للإعانات، فيما يعد خطوةً مهمةً في الاتجاه الصحيح، كانت البلدان النامية تطالب بمهلة أطول لإلغاء الإعانات. وقد أرادت البلدان المتقدمة إلغاء الدعم قبل عام 2030 وذلك للوفاء بالموعد النهائي لأهداف التنمية المستدامة، ولأن الإعانات المقدمة من دول مثل الصين تساهم بشكل كبير في أعمال الصيد الجائر. ويبدو أن البلدان المتقدمة قد انتصرت من خلال السماح لأقل البلدان نموًا بمنح امتياز لمدة عامين للتخلص التدريجي من هذه الإعانات.
تعتبر مصايد الأسماك مصدرًا مهمًا للرزق في مجتمعات الصيد. وعلى الصعيد العالمي، يعمل 59 مليون شخص في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، 80% منهم من آسيا وهم مهمشون في الغالب، ويتلقون دعمًا أقل. إذ يتم تصدير حوالي 67 مليون طن من الأسماك بقيمة 164 مليار دولار دوليًا كل عام.
ورغم أهمية الاتفاقية، فإنه ينطوي على أوجه قصور خطيرة. أولاً، إن عدم وجود تعريف للصيد غير المنظم وغير القانوني ربَّما يؤدي إلى خلق مشاكل أثناء التحكيم في الانتهاكات. وبدلاً من تعريف هذا الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم، فإن الاتفاقية تشير إلى خطة منظمة الأغذية والزراعة لمعالجة المشكلة، وهي خطة تعتمد على اللوائح الوطنية للبلدان الأعضاء، أو على تعريف منظمات إدارة الصيد الإقليمية. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى التباس بشأن الأماكن التي يُسمح فيها بالصيد، لا سيما في المناطق الواقعة خارج المناطق الاقتصادية الخالصة. ثانيًا، صمت الاتفاقية بشأن الطاقة المفرطة، بما يسمح للصيادين بأنشطة صيد أكثر مما هو مستدام. ومن العوامل المساهمة في ذلك، يمكن الإشارة إلى الإعانات الإضافية المقدمة بغرض تطوير سفن الصيد والمعدات والقوى العاملة أيضًا. لقد كلَّف اجتماع منظمة التجارة العالمية لعام 2017 الاجتماع الذي يليه في عام 2022، بوضع تدابير شاملة تحظر الطاقة المفرطة والصيد الجائر. وبناءً على ذلك، فإن مسودة العمل للاتفاقية المقدمة لمفاوضات هذا العام، قد فعلت ذلك على وجه التحديد، لكن اتفاقية منظمة التجارة العالمية أسقطت الاقتراح تمامًا، مما سمح فعليًا لمثل هذه الإعانات التي تشجع الطاقة الزائدة بالاستمرار.
ثالثًا، تعتمد الاتفاقية على الدول الأعضاء وهيئات مصايد الأسماك الإقليمية لتحديد أنواع الصيد الجائر واتخاذ التدابير اللازمة لاستدامتها. لقد كان من الممكن تفويض هذه المهمة إلى وكالات مثل منظمة الأغذية والزراعة ومركز “بيو” وجامعة كاليفورنيا، التي يوجد لديها آليات صارمة لجمع البيانات الضخمة باستخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد للحصول على معلومات موثوقة تدعم اتخاذ القرار، وهو ما يمكن أن يوفر الشفافية والمصداقية التي تشتد الحاجة إليها للبيانات ولكن لا يتم استخدامها.
أخيرًا، فإن الاتفاقية لا تضمن على وجه التحديد معاملة خاصة وتفاضلية ذات مغزى للبلدان النامية والأقل نموًا. إنها تحث الدول المتقدمة فقط على تقديم مساعدات فنية ومالية طوعية لتحقيق أهداف الاتفاقية. كما توضح اتفاقية باريس للمناخ مدى صعوبة التعبئة المالية لتغير المناخ من العالم المتقدم. وفي هذا الإطار، فإن الدول النامية ينبغي أن تكون واقعية بشأن اتفاقية منظمة التجارة العالمية وأن تعتبرها غير فعالة.
إن صيد الأسماك في أعالي البحار، خارج المناطق الاقتصادية الخالصة، غالبًا ما يكون غير قابل للتطبيق في البلدان المخالفة دون دعم حكومي، لأنها غالبًا ما تكون أعلى من هوامش الربح. ومع بدء الحظر على الإعانات، يمكن أن ترتفع أسعار أنواع الأسماك المرغوبة بشدة مثل أسماك القرش والتونة والحبار، بدلاً من تسريع أنشطة الصيد الجائر.
هنا يجب على البلدان النامية أن تصوغ لوائحها الخاصة وأن تنشئ آليات لمنع الصيد الجائر غير القانوني وغير المنظم داخل مياهها الإقليمية. ولحماية سبل عيش مجتمعات الصيد في أعالي البحار، تحتاج المنصات متعددة الأطراف مثل “سارك” SAARC و”بيميستيك” BIMSTEC و”آسيان” ASEAN و”كواد” QUAD إلى فهم مشترك للمصطلحات التي وردت بشكل غامض في اتفاقية منظمة التجارة العالمية. وبالتالي، يمكن لهذه المنصات تطوير قواعد البيانات الخاصة بها وإنشاء آليات لتحديد المخالفين دومًا، مثل الصين التي تضر بالبيئة وسبل عيش مجتمعات الصيد الضعيفة، والإبلاغ عنهم. إن هذه المجموعات وأعمالها الجماعية هي التي ستضمن أن تكون حدود الإعانات التي تقدمها منظمة التجارة العالمية قادرة على تحقيق هدفها المتمثل في الحفاظ على مخزون الأسماك.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: Gateway House
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر