كيف أنقذت كرة القدم اقتصاد بعض الدول من كارثة تداعيات كورونا؟ | مركز سمت للدراسات

كيف أنقذت كرة القدم اقتصاد بعض الدول من كارثة تداعيات كورونا؟

التاريخ والوقت : الإثنين, 9 مايو 2022

رشا عمار

 

كشفت دراسة حديثة عن أهمية الدور الذي لعبته “كرة القدم”، في إنقاذ اقتصاديات بعض الدول، أبرزها بريطانيا، من تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية، وكيف أسهمت في تحقيق تعافٍ جزئي جرّاء التدهور الاقتصادي الذي تسبب به انتشار الفيروس، وما تبعه من إجراءات منذ العام 2020.

وفي دراسته المنشورة بمركز تريندز للبحوث والاستشارات تحت عنوان: “الآثار الاقتصادية لكرة القدم ودورها في تسريع التعافي والنمو الاقتصادي البريطاني”، تحدث الباحث المختص بالإعلام الرياضي محمد أحمد زيادة عن “تعاظم ونمو مكانة قطاع الخدمات، ضمن القطاعات الاقتصادية المولّدة للناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك مكانته في الاستثمار والتوظيف والتصدير.”

كيف صعدت الرياضة كاقتصاد بديل؟

وبحسب الدراسة “زادت باطّراد مساهمة الأنشطة الخدمية في توليد الناتج المحلي حتى تجاوزت في العديد من الاقتصادات نصف هذا الناتج؛ ففي المملكة المتحدة مثلاً بلغت مساهمة قطاع الخدمات في القيمة المضافة المولدة خلال العام 2020 نحو 72.8% من إجمالي القيمة المضافة المتولدة في ذلك العام.”

لعبت الدعاية والإعلان دوراً مهماً في زيادة الطلب على الخدمات الترفيهية والخدمات المرتبطة بها والمتشابكة معها

وتشير الدراسة إلى أنّه “من نتيجة ذلك أن زادت التشابكات القائمة بين أنشطة الإنتاج الخدمي وباقي أنشطة الاقتصاد الوطني، كما زادت آثار قطاع الخدمات في تحديد اتجاهات النمو الاقتصادي؛ بل لعب هذا القطاع دوراً حاسماً في تسريع التعافي الاقتصادي من الآثار السلبية لجائحة كورونا في بعض دول العالم.”

ما علاقة التكنولوجيا؟

وفي تفسير هذه الطفرة الكبيرة لقطاع الخدمات في الاقتصادات المتقدمة والنامية على السواء، يمكن الإشارة، وفق الدراسة، إلى دور التكنولوجيا الحديثة في هذا الصدد، ومؤخراً دور وسائل التواصل الاجتماعي المعتمدة بالأساس على ما قدّمته التكنولوجيا من أدوات ووسائل حديثة، فقد وفرت التكنولوجيا الوسائل الضرورية لتنوع الأنشطة الخدمية واتساعها.

وساهمت، بحسب الباحث، في زيادة قاعدة المستهلكين للمنتجات الخدمية المتنوعة، بما في ذلك الخدمات الشخصية وخدمات الترفيه المختلفة. ولعبت الدعاية والإعلان دوراً مهماً في زيادة الطلب على الخدمات الترفيهية والخدمات المرتبطة بها والمتشابكة معها؛ بما أدّى في النهاية إلى زيادة في نمو مكانة هذه الخدمات في القيمة المضافة المحلية.

الاستثمار في كرة القدم

ويرى الباحث أنّ أنشطة كرة القدم تُعدّ في مقدمة الأنشطة الخدمية في عدد كبير من الاقتصادات الحديثة، نظراً لأنّها تمثل مكانة استثمارية وتشغيلية وتصديرية مهمّة في اقتصادات متقدمة عدة في قارة أوروبا كالاقتصاد البريطاني، محاولاً إلقاء الضوء على ذلك عبر تناول (3) أفكار رئيسية: الأولى استعراض لمؤشرات عامّة للمكانة الحالية لقطاع كرة القدم والدوري الممتاز في الاقتصاد البريطاني.

والثانية، وفق الدراسة، تكمن في السؤال حول كيف ساهم هذا القطاع في تسريع التعافي البريطاني من تبعات وتداعيات جائحة كورونا خلال الفترة 2020-2021، أمّا ثالثة هذه الأفكار وأكثرها أهمية، فهي الدروس المستفادة التي يمكن استخلاصها من التجربة البريطانية في تعظيم العوائد الاقتصادية المولدة من أنشطة قطاع كرة القدم، باعتباره أحد مكوّنات القطاع الخدمي في الاقتصادات الحديثة.

وفق الدراسة، وصلت مساهمة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالدوري الإنجليزي في تمويل حصيلة الضرائب البريطانية نحو (3.6) مليارات جنيه إسترليني في العام 2019/2020

واستدلت الدراسة بشواهد عدة على أنّ صناعة كرة القدم صارت صناعة رابحة عالمياً، وفي القارة الأوروبية بصفة خاصة.

وتتجلى قصة نجاح هذه الصناعة أوروبياً، بحسب الباحث أيضاً، فيما يحدث في الدوري الإنجليزي الممتاز المعروف بأنّه الأقوى على كوكب الأرض، ليس لما به من إثارة فحسب، بل لما يدور في فلكه أيضاً من أرقام ضخمة تؤثر إيجابياً في الاقتصاد البريطاني. وفقاً لتقرير حديث عن مساهمة أنشطة الدوري الإنجليزي الممتاز في الأداء الاقتصادي والاجتماعي البريطاني.

أرقام مهمّة عن الدوري الإنجليزي

وبحسب الباحث، فإنّ أهم الآثار الاقتصادية له تمثلت في أن بلغت القيمة المضافة المتولدة في الاقتصاد البريطاني من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بطريقة مباشرة وغير مباشرة بالدوري الإنجليزي نحو (7.6) مليارات جنيه إسترليني في العام 2019/2020. وتمثل هذه المساهمة نسبة مهمّة من القيمة المضافة السنوية التي تولدها الأنشطة الاقتصادية البريطانية، وبلغت قيمة الوظائف التي ترتبط بأنشطة الدوري الإنجليزي نحو (94) ألف وظيفة خلال العام 2019/2020.

ووفق الدراسة، وصلت مساهمة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالدوري الإنجليزي في تمويل حصيلة الضرائب البريطانية نحو (3.6) مليارات جنيه إسترليني في العام 2019/2020. وقد مثلت هذه الحصيلة الضريبية نمواً مقداره 50% من المساهمات الضريبية للأنشطة الكروية منذ 2013/2014.

وتخلص الدراسة إلى أنّ ريادة قطاع الخدمات في الأداء الاقتصادي لا تعني فقط قيمة ما يولده من قيم مضافة سنوية، فالمهم أن تتمتع هذه الريادة بالاستقرار والاستدامة في مواجهة الجوائح والأزمات، وأن تتمكن من خلق الوظائف المنتجة والتي تتسم بالاستقرار. ويتطلب ذلك دوراً معززاً لنوعية تنموية من الأنشطة الخدمية، ونوعية تتمتع بالقبول الجماهيري، ولديها طلب مستقر ومتصل على ما تقدمه من منتجات، كما هو الحال في أنشطة الدوري الممتاز الإنجليزي.

يمكن لصادرات حقوق البث للخدمات المختلفة، كما هو الحال في حقوق بث مباريات كرة القدم، أن تشكّل رافداً مهمّاً للصادرات الخدمية

وتشكّل السياسات والبرامج والتنظيمات الحكومية المعززة لقدرات الصادرات الخدمية ضمانة أساسية لنجاح قطاع الخدمات في توليد القيمة المضافة الوطنية. ويمكن لصادرات حقوق البث للخدمات المختلفة ـ كما هو الحال في حقوق بث مباريات كرة القدم ـ أن تشكّل رافداً مهمّاً للصادرات الخدمية.

ماذا عن المستقبل؟

وأخيراً، يقول الباحث: إنّه “نظراً لأنّ التكنولوجيا الحديثة، ولا سيّما التكنولوجيا الرقمية، تلعب أدواراً متنامية في الاستقرار والنمو الاقتصادي؛ فإنّ المزيد من تطوير وتوطين هذه التكنولوجيا، والمزيد من تهيئة البنى الأساسية اللازمة لها، والمزيد من الجاهزية لرأس المال البشري للريادة التكنولوجية، كلّ ذلك سيمثل رافداً مهمّاً في تعزيز القيمة المضافة المحلية.

كما أنّ توظيف منصات ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات التجارة الإلكترونية للخدمات، والمنصات القائمة على الاقتصاد التشاركي،  تمثل كلها فرصاً لا يجوز تفويتها؛ من أجل استدامة النمو الاقتصادي في الدول التي تخطو خطوات ثابتة نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في المستقبل.

المصدر: حفريات

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر