قراصنة عمالقة رغم حداثة عهدهم | مركز سمت للدراسات

قراصنة عمالقة رغم حداثة عهدهم

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 29 مارس 2022

Tim Culpan

 

تسبب مراهق يعيش مع والدته بمنزل في أوكسفورد بإنجلترا، ويُعتقد أن عمره 16عاماً، بفوضى على الجانب الآخر من العالم. فقد تمكّن من اختراق أهداف متنوعة، من شركة “مايكروسوفت” إلى شركة “أوكتا” (Okta)، مخلفاً تلّة مشكلات.

ليس صغر السن الأمر الوحيد الذي يميز القرصان الشاب عن ناشطين آخرين في عصابات برامج الفدية الأشهر، مثل “كونتي” (Conti) و”ريفيل” (Revil). عصابته المسماة “$لابسوس” (Lapsus$) تشتهر “باستخدام نموذج ابتزاز وتدمير بحت لا يتضمن المرفقات المخفاة التي تتطلبها برامج الفدية”، وفقاً لتدوينة من “مايكروسوفت” نشرتها هذا الأسبوع، التي تعتمد تعريف “DEV-053” بتتبع المجموعة.

نقلت “بلومبرغ نيوز” أن أربعة من الباحثين الذين يُجْرون تحقيقات حول “$لابسوس” يعتقدون أن المراهق هو العقل المدبر للمجموعة، أمّا العضو الآخر فيشتبه أنه مراهق ثانٍ يعيش في البرازيل. كانت شرطة مدينة لندن قد اعتقلت الخميس سبعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 16 و21 عاماً على صلة بتحقيق تجريه حول المجموعة. بينما لم تحدد الشرطة هوية عصابة القرصنة، قال شخص مشارك في التحقيق إن الاعتقالات على صلة بالقضية.

تريليون دولار خسائر

بينما يتابع العالم عمليات قرصنة روسيا ضد أوكرانيا وغيرها من الأهداف، واصلت “$لابسوس” عملياتها الخاصة، ما أسهم في مفاقمة الجرائم السيبيرانية حول العالم، التي تكلّف الاقتصاد العالمي نحو تريليون دولار سنوياً.

معظم تكتيكات “$لابسوس” مألوفة لفرق الاستجابة الأمنية، ومن بينها عمليات الهندسة الاجتماعية، إذ ينتحل القرصان هوية شخص ما لخداع أحد موظفي مكاتب المساعدة لمنحه إمكانية الوصول إلى الأنظمة أو تقديم معلومات حساسة له يستخدمها لاحقاً لاختراق الهدف، كما بيّنت “مايكروسوفت”. ويعتبر تبديل بطاقة هوية المشترك الهاتفية (SIM) طريقة احتيال أخرى، إذ يستبدل القرصان برقم هاتف الضحية رقم هاتفه لتلقي رمز الأمان للنظم متعددة وسائل التوثيق عبر رسالة نصية.

لكن بدل التخطيط لعملية الاختراق بهدوء، بما يشمل إنشاء محفظة للعملات المشفرة وإعداد رسالة فدية لكلّ ضحية، يبدو أن “$لابسوس” تعتمد مقاربة أكثر لفتاً للأنظار ومحفوفة بمخاطر أكبر من تلك التي يستخدمها المشغلون الأكثر انضباطاً المدفوعون بالمال فقط، إذ يبدو أن “$لابسوس” تسعى لكسب الشهرة.

بلغ بالعصابة الأمر أنها أعلنت عبر مجموعة على “تليغرام” عن استعدادها لشراء بيانات اعتماد موظفين في شركات تستهدفها لتستخدمها باختراق أنظمة الأمن لدى المؤسسات. يهدف ذلك إلى دخول أجهزة الكمبيوتر وسرقة البيانات ثمّ طلب المال مقابل عدم نشر معلومات حساسة للعامة. كان ذلك الهدف الظاهر لاختراق شركة “أوكتا” المتخصصة بتوثيق هوية المستخدمين.

تهوّر شباب؟

لك أن تسمي هذا ثقة مفرطة بالنفس أو تهوّر الشباب، لكن الأفعال لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل وصل به أو بهم الأمر حد الانضمام إلى منتديات الدردشة الخاصة بالضحايا ومكالمات التواصل الخاصة بالأزمات على منصات مثل “سلاك” و”مايكروسوفت تيمز” للتنصت على الإجابات، وفق “مايكروسوفت”.

تتسلل مجموعتا “كونتي” و”ريفيل” خلسة إلى الخوادم المستهدفة وتشفر آلاف الملفات، تاركة رسالة تشير إلى كيفية دفع فدية لفك التشفير. اتبعت مجموعة “دارك سايد” (Darkside) هذا النهج متسببة بتعطيل شبكة أنابيب “كولونيا بايبلاين” في الولايات المتحدة في أبريل.

لكن لا ينبغي أن نستنتج بأن صغر السن هو المبرر الوحيد لنهج “$لابسوس” الجريء. في الواقع كان بعض أشهر القراصنة في العالم في سنّ المراهقة حين خاضوا غمار الجريمة السيبيرانية للمرّة الأولى. كيفن ميتنيك كان عمره 16 سنة فقط حين اخترق أنظمة “ديجيتال إكويبمنت” (Digital Equipment) في 1979. أمّا جوناثان جيمس فكان أصغر بعام من ميتنيك حين انخرط بالقرصنة، وكانت وزارة العدل الأمريكية من ضحاياه. تضمنت قائمة أهداف الكندي مايكل كالسي مواقع “ياهو” و”إي باي” و”ديل” حين كان عمره 17 عاماً.

عوائق العقوبة

يشكّل كون القراصنة في سنّ المراهقة تحدياً لأجهزة إنفاذ القانون وهيئات الادّعاء. مثلاً، أقرّ جيمس بالذنب بتهمتَي جنح أحداث، وحُكِم عليه بالحبس المنزلي وإطلاق سراح مشروط. توصل ميتنيك إلى اتفاق تسوية بعد توجيه نحو 20 تهمة وحُكِم عليه بسبع قضايا فقط وقضى خمس سنوات في السجن، فيما احتُجز كالسي لمدة ثمانية أشهر فقط في سجن للأحداث.

رغم أن السجن من المخاطر الواضحة التي قد يواجهها المقرصنون الشباب، هناك أيضاً جوانب إيجابية، فقد ألَّف ميتنيك كتاباً ألهم الفيلم الهوليوودي “وور غيمز” (War Games) وانطلق لمسيرة مهنية ناجحة بصفته مستشاراً أمنياً. كما انتقل كالسي إلى صفوف القراصنة الخلوقين الذين يركزون على حماية الأنظمة والمعروفين باسم “ذوو القبعات البيضاء”. لم تكن النهايات السعيدة من نصيب جميع القراصنة الشباب، إذ انتحر جيمس عن عمر 24 سنة بعد اتهامه بعملية قرصنة لم يرتكبها، كما تُوفي قرصان آخر يُدعى أدريان لامو نتيجة ما يُعتقد أنها جرعة زائدة من المخدرات عن طريق الخطأ.

يدرك إخصائيو الأمن السيبيراني أن المقرصنين الأطفال أذكياء وماهرون وخطرون جداً، فيما لا تنسى الشرطة والمحاكم أنهم رغم ذلك مجرد أطفال.

 

المصدر: صحيفة الشرق “بلومبيرغ”

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر