كبح جماح مؤسسات التكنولوجيا الكبيرة من أجل صناعة ونشر أخبار ومعلومات حرة وعادلة | مركز سمت للدراسات

كبح جماح مؤسسات التكنولوجيا الكبيرة من أجل صناعة ونشر أخبار ومعلومات حرة وعادلة

التاريخ والوقت : الأحد, 20 فبراير 2022

دوغلاس إي. شوين

في ظل المناخ السائد والمشحون سياسيًا اليوم، من النادر أن يحظى جزء أو نص تشريعي بدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. 

في العام الماضي، في عرض نادر للحزبين، وُقِّع على إصلاح أساسي طال انتظاره بهدف تحديث البنية التحتية للولايات المتحدة الأميركية من قبل الرئيس “جو بايدن”، بعد أن حصل على دعم العشرات من أعضاء الكونغرس الجمهوريين وجميع الديمقراطيين تقريبًا.

وفي هذا العام، لدى “بايدن” والديمقراطيين في الكونجرس فرصة فريدة أخرى لإقرار تشريع مهم على أساس الحزبين وهو: قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة.

أُعيد تقديم قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة – الذي جرى تعميمه في بادئ الأمر عام 2018 – العام الماضي من قبل “إيمي كلوبوشار” (عضوة مجلس الشيوخ من ولاية مينيسوتا) و”جون كينيدي”. وعقدت اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار التابعة لمجلس الشيوخ، مؤخرًا، جلسة استماع بشأن التشريع، الذي يهدف إلى الحد من احتكار شركات التكنولوجيا الكبرى للأخبار والمعلومات.

وفي حالة إقراره، سيسمح قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة لناشري الأخبار بالتفاوض بصورة جماعية – تحت سلطة حكم فيدرالي – مع شركات وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدًا “ميتا” (فيسبوك) و”ألفابيت” (جوجل)، حول كيفية نشر الأخبار عبر الإنترنت، وهذا من شأنه أن يجعل صناعة الأخبار أقوى وأكثر إنصافًا من خلال ضمان حصول المؤسسات الإعلامية الصغيرة التي تمتلك وكالات أنباء محلية على تعويض مناسب عن محتواها حتى تتمكن من الاستمرار في العمل.

ووفقًا للوضع الراهن، فإن شركات التكنولوجيا الكبيرة قادرة على نشر الملكية الفكرية لوسائل الإعلام دون تقديم أي تعويض أو فائدة لهذه الوكالات المحلية ومقدمي المحتوى. وهذا ليس فقط غير عادل على نحو سافر – لأنه يمثل مصادرة منتجات عمل المنافذ دون أي فائدة اقتصادية – ولكنه أيضًا أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الوكالات المحلية في جميع أنحاء البلاد تواجه تحديات غير مسبوقة في البقاء على قيد الحياة اقتصاديًا باعتبارها شريان الحياة لمجتمعاتها.

كما يجب على “بايدن” والديمقراطيين في الكونجرس تكريس قدر كبير من الاهتمام، وطاقة ورأس مال سياسي لضمان إقرار قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة، لأسباب عملية وسياسية.

فمن وجهة نظر عملية، من الواضح أنه يجب تنفيذ الإصلاحات الواردة في قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة. إذ إنه على مدى العقدين الماضيين، تغير عالم الأخبار والمعلومات بنحو كبير، لكن قوانين مكافحة الاحتكار لم تتغير.

لذلك، ظلت الصحف المحلية طوال القرن الحادي والعشرين شبه منتهية. إذ تعمل خدمات أخبار “جوجل”، وأخبار “فيسبوك”، ومواقع تجميع الأخبار الأخرى، على توجيه حركة المرور إلى مواقعها من خلال توفير تدفق مستمر من الروابط إلى المقالات من آلاف الناشرين الصغار. كما يمكن للشركات الأم، مثل “ألفابيت” و”ميتا”، بعد ذلك استثمار إعلاناتها والمنتجات ذات الصلة، لكنها تفعل ذلك دون تعويض الناشرين الصغار على نحو عادل عن محتواهم.

في الواقع، لا تنص قوانين حقوق النشر ومكافحة الاحتكار الحالية في الولايات المتحدة تعويض الناشرين، كما أنها لا توفر أي أساس قانوني لناشري الأخبار حتى يتمكنوا من التفاوض بشكل جماعي مع هذه المنصات عبر الإنترنت.

بالنظر إلى أن شركات مثل “ألفابيت” و”ميتا” لم تتخذ زمام المبادرة للتنظيم الذاتي من خلال إجراء تغييرات ذات مغزى على ممارساتها، فمن مسؤولية الحكومة الفيدرالية الآن تكثيف الجهود وجعل صناعة الأخبار والمعلومات صناعة أكثر حرية ونزاهةً

من الجدير بالذكر أن قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة هو جزء من اتجاه عالمي تعمل فيه الحكومات على تعزيز قوانين مكافحة الاحتكار للقضاء على احتكارات وسائل التواصل الاجتماعي. كما تعمل الحكومة الكندية على اقتراح مشابه لقانون المنافسة والمحافظة على الصحافة، وكانت أستراليا أول حكومة تصدر تشريعًا فعليًا لهذا الأمر العام الماضي.

على مدى الأشهر القليلة الماضية، وفي الولايات المتحدة وحدها، كانت هناك العديد من جلسات الاستماع لمكافحة الاحتكار في الكونجرس، إذ استُجوب الرؤساء التنفيذيون لشركات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بشركات التكنولوجيا الكبرى، حول نهجهم المتمثل في تنمر المنافسين بشكل أساسي إمَّا لقبول عمليات الشراء، أو تعرضهم للتدمير.

مع أن قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة يحظى بدعم الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ، إلا أنه يعارضه بعض أعضاء كلا الحزبين.

ويجادل بعض النقاد، من الطيف اليساري في المقام الأول، بأن قانون المنافسة والحفاظ على الصحافة سيسمح للمؤسسات الإخبارية الكبرى بإبرام صفقات خاصة مع شركات التكنولوجيا الكبرى، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة الاحتكار في صناعة الأخبار. ومع ذلك، فهذا غير صحيح؛ لأن مشروع القانون يمنع الشركات الكبيرة من التفاوض بمفردها، أو التوسط في الاتفاقات الجانبية تحت التهديد بعقوبات قاسية.

فقد انتقد أولئك الذين ينتمون إلى الطيف السياسي اليميني مشروع القانون لأسباب مختلفة، زاعمين أنه سيمنح شركات التكنولوجيا الكبرى مزيدًا من القوة للتمييز ضد المنشورات المتحفظة الصغرى من أجل إضفاء الطابع الشيطاني على المنفذ. ومع ذلك، فقد صِيغ قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من الانخراط في مثل هذا السلوك.

على الرغم من وجود أحكام ولغة في مشروع القانون الحالي، فإن هناك حاجة إلى دراستها ومناقشتها بعناية على مدار الأشهر العديدة المقبلة. وعلى ذلك، فمن الواضح أن الوقت قد حان للولايات المتحدة لتولِّي زمام أمور شركات التكنولوجيا الكبرى.

كما أنه من الناحية السياسية، ومع مواجهة الديمقراطيين لجدول أعمال تشريعي متعثر ومواجهة “بايدن” معدلات موافقة منخفضة بشكل قياسي، يحتاج الحزب الديمقراطي إلى أن يثبت للناخبين أنه قادر على تنفيذ إصلاحات مهمة من الحزبين.

أمَّا “بايدن”، فيمكنه البدء في زيادة الوعي بالقضية من خلال الإشارة إلى قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة في خطابه بحالة الاتحاد الشهر المقبل والحث على إقراره. في الوقت نفسه، ينبغي للديمقراطيين في الكونجرس الترويج لمشروع القانون وعرضه للأميركيين على الملأ بأسلوب يمكن للناخبين فهمه والتعامل معه ومنحه الفضل للديمقراطيين.

وفي نهاية المطاف، إذا كان لأميركا أن تتمتع بصناعة أخبار ومعلومات حرة ونزيهة حقًا، فيجب أن نتوقف عن السماح لشركات التكنولوجيا الكبرى بالانخراط في التلاعب بالسوق دون عواقب، كما يمكننا أن نبدأ بسن قانون المنافسة والمحافظة على الصحافة كقاعدة متبعة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: seattletimes

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر