سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تارونيما برابهاكار – براتيك واجر
تشير تحقيقات الشرطة الجارية للعثور على الجناة المدانين في تطبيقي “بولي باي” و”سولي ديلز”، اللذين “باعوا” العديد من النساء المسلمات البارزات وذوات الصيت في مزادٍ علني، إلى تورط أفراد ولدوا في مطلع هذا القرن.
للوهلة الأولى يشير هذا إلى أن هؤلاء الذين اعتادوا الرقمية منذ ولادتهم ليست لديهم المرونة الكافية للتعامل مع مشاكل مثل التضليل وخطابات الكراهية والتطرف التي باتت آفة في مساحات المعلومات لدينا، ومع ذلك نظرًا لضعف مستويات التماسك الاجتماعي في المجتمع الهندي، فإن حقيقة إنشاء مثل هذه التطبيقات تتطلب تأطير فهمنا بطريقة يمكن أن توجهنا نحو المجموعة الصحيحة من التدخلات طويلة الأجل.
لمعرفة كيف انتهى بنا الحال إلى هنا لا بدَّ من بدء البحث في تأثير تقنيات الوسائط الجديدة التي تطورت على مدار العشرين عامًا الماضية على سلوكنا الجماعي وهوياتنا، فقد غيرت التقنيات حجم وهيكل الشبكات البشرية، وأدت إلى وفرة وانتشار المعلومات. يفترض بعض علماء الاجتماع أن هذه التحولات السريعة تغير في كيفية تأثير الأفراد والجماعات على بعضهم البعض داخل أنظمتنا الاجتماعية. إذ تشير وتيرة التطور التكنولوجي إلى جانب سرعة انتشار هذه التأثيرات أيضًا إلى عدم إمكانياتنا لفهم التغييرات بشكل كامل ولا التنبؤ بنتائجها، بينما ركز البعض الآخر على آثارهم في تطور الهويات الفردية والسياسية والاجتماعية والثقافية. إذ يمكن تشكيل هذه الهويات شعوريًا أو لا شعوريًا من خلال تفاعلاتنا، وبالتالي فإنها تؤثر في كيفية معالجة المعلومات والاستجابة للأحداث في المساحات الرقمية والمادية.
تؤثر هوياتنا في نهاية المطاف في عملياتنا المعرفية، إذ يمكن للحجج المخالفة لقيمنا المحددة أن تنشط نفس المسارات العصبية مثلها مثل التهديد بالعنف الجسدي. لقد ارتبط ظهور وسائل التواصل الاجتماعية بتعزيز الهويات الاجتماعية الشخصية على حساب زيادة الانقسامات بين المجموعات، وقد أشار البعض إلى أن المواجز الشخصية في تقنيات الوسائط الجديدة تحبسنا فيما يسمى “بغرف الصدى”، مما يقلل من فرص التعرف على وجهات النظر البديلة. بينما تُظهر الأعمال التجريبية الأخرى أن الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعية ينجذبون نحو الأشخاص ذوي التفكير المماثل على الرغم من التفاعل المتكرر مع الأفكار والأشخاص المختلفين معهم، فيمكن للناس أيضًا الانخراط في مجموعات تعزز معتقداتهم وتؤيد أفعالهم. ما زلنا بحاجة إلى فهم الآثار النفسية والاجتماعية على المدى البعيد بشكل أفضل، وتحديدًا في بيئة المجتمع الهندي؛ ومع ذلك تشير التجربة إلى أنه عندما تتحول هذه المعتقدات إلى تحيزات واستياء ضد مجموعة معينة من الناس، فإن حلقات الآثار الرجعية فيما يتعلق بالموافقة والتأييد الاجتماعي يمكن أن تنتج على هيئة عنف. حتى نتائج الأعمال المتقطعة عند تكرارها وانتشارها على نطاق واسع يمكن أن تزعزع استقرار العلاقات الاجتماعية السياسية الحساسة التي تم بناؤها على مدى عقود.
تُحلل الأضرار الناجمة عن تصاعد مستويات الاستقطاب والتطرف في المقام الأول من خلال عدسة التضليل وخطابات الكراهية التي تعطي الأولوية للدوافع. لكن هذا التأطير يتيح لبعض الفاعلين التهرب من المسؤولية بحجة إمكانية اعتبار هذه الدوافع ذاتية. وقد يكون الآخرون غافلين عن النتائج طويلة المدى لأفعالهم، التي يمكن أن ينجم عنها عواقب سلبية غير متوقعة، حتى إذا قاموا بها بأحسن النوايا. اقترح كلٌّ من “ويتني فيليبس” و”ريان إم ميلنر” استعارة النظام البيئي للمعلومات، الذي يقارن الخلل الحالي في المعلومات بالتلوث البيئي. إنه يحثنا على إعطاء الأولوية للنتائج على الدوافع، إذ يجب أن نهتم بكيفية انتشار التلوث وليس إن كان الشخص يقصد التلوث أو لا. كما ينذرنا أن عواقب التلوث تتفاقم بمرور الوقت. والأسوأ استغلال هذا التلوث سيؤدي حتمًا إلى تفاقم المشكلة ليس فقط لمن يتأثرون به مباشرةً ولكن للجميع.
ينصب تركيزنا على أولئك الذين يحظون بأكبر قاعدة جماهيرية، ولديهم أصوات أعلى أو يقولون أكثر الأشياء جرأة بلا تردد. وبالرغم من أهمية ذلك، فإنه يهمل أو يقلل أيضًا من دور الآخرين أو يصورهم كجماهير سلبية وطائعة مما ينتج عنه مخاطر بإغفال الطبيعة التشاركية للمأزق الحالي. يتغذى الملوثون الكبار والصغار على أفعال ومحتوى بعضهم البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعية والوسائط التقليدية، وكذلك المساحات المادية. قليلاً ما يمكن تصنيف وتمييز الفروق بين التأثيرات أو الأضرار “على الإنترنت” أو “خارجه”، فالتحرش “على الإنترنت” هو تحرش بكل الأحوال. وتتنوع الجهات الفاعلة بين الطلاب الشاعرين بالملل، أو الطامحين السياسيين المحليين، أو منشئي المحتوى، أو المؤثرين، أو السياسيين على المستوى الوطني، أو الأشخاص الذين يحاولون اكتساب النفوذ وما إلى ذلك، إذ يشاركون في جميع أنحاء النظام البيئي للمعلومات. يمكن أن تتأرجح دوافعهم الأساسية بين المبتذلة (الخوف من تفويت شيء ما “فومو” أو البحث عن الترفيه أو الشهرة)، والفاسدة (النشر المنظم والمنهجي والتعاوني للدعاية، أو الكراهية)، والإنجازية (نشر الفضيلة وإسقاط القوة والقدرة والخبرة)، وما إلى ذلك. ينجم عن تفاعلات هذه المجموعات المتباينة من الجهات الفاعلة والدوافع نظام معقد وغير متوقع، ويتألف من دورات متعددة متشابكة وذاتية التعزيز والتقلص، إذ يمكن أن يكون للتدخلات غير المختبرة عواقب غير متوقعة وغير مقصودة.
دعا العديد من المنصات المختلفة إلى اتخاذ إجراءات لمكافحة خطابات الكراهية. إذ لا بدَّ من اعتبار الإشراف على المحتوى تدخلاً في المراحل المتأخرة فقط. كما ينبغي على الأفراد التوقف والرجوع مبكرًا عن طريق التطرف والسلوك المتشدد لمنع تطوير تطبيقات مثل “بولي باي”.
هذا هو المكان الذي يمكن أن تلعب فيه خطوات مثل الخطابات المضادة وتكتيكات مواجهة خطاب الكراهية، دورًا مهمًا من خلال تقديم قصص بديلة، والتي ستخضع إلى مزيد من الدراسة في بيئة المجتمع الهندي. يمكن أن يتخذ الخطاب المضاد شكل رسائل تهدف إلى نشر التعاطف بإيقاظ الجانب الإنساني للمستهدفين وتطبيق المعايير الاجتماعية فيما يتعلق بالاحترام والانفتاح وتقليل حدة الحوار. والجدير بالذكر أن هذا يستثني التدقيق في صحة الحقائق.
إذ عندما يكون لدى الناس نزعات أيديولوجية قوية، فإن مواجهة رواياتهم بالاعتماد على الدقة وحدها لن يكون فعالاً بشكل كبير. ويمكن أيضًا أن يساعد العمل والتوعية الشخصية في المجتمع، نظرًا لارتباط السلوك على الإنترنت بالمساحة المادية. كما يمكن نقل المعايير الاجتماعية من خلال العائلات والأصدقاء والمؤسسات التعليمية.
ويؤدي “المؤثرون”، ومن هم في مناصب قيادية، دورًا كبيرًا في تشكيل هذه المعايير. وفي مثل هذه الأوقات، تكتسب الإشارات التي يرسلها القادة السياسيون ومؤسسات الدولة أهمية خاصة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: indianexpress
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر