سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
سولي شاه – عبد السيد
لا يتطلب العديد منها موافقة إدارة الغذاء والدواء، وتلك التي تتطلب ذلك لا تخضع للتجارب السريرية.
تُستخدم الخوارزميات الطبية عبر نطاق الرعاية الصحية لتشخيص الأمراض وتقديم خطط علاجية ومراقبة صحة المرضى والمساعدة في المهام الإدارية مثل جدولة المواعيد، ولكن تاريخ استخدام تلك التقنيات في الولايات المتحدة مليء بقصص عن فسادها. بدءًا من وصف ضحايا الصدمات الجنسية على نحو غير عادل بكونهم معرضون لخطر سوء استخدام العقاقير وحتى الأخطاء التشخيصية الناتجة من خوارزمية الكشف عن الإنتان المستخدمة من قبل أكثر من 100 أنظمة صحية على الصعيد الوطني، إلى برنامج دعم القرار السريري (CDS) الذي يمنع ترشيح الإحالات الضرورية إلى الرعاية المعقدة لملايين المرضى السود مما يتراكم عنه مشاكل أخرى. قد تؤدي تلك المشاكل إلى تمديد مدة الجائحة الحالية أيضًا: وجدت مراجعة 2021 لعشرات من خوارزميات التعلم الآلي المصممة لاكتشاف أو توقع تطور “كوفيد-19” أن لا شيء مفيد من الناحية السريرية.
الضربة القاضية في الأمر هي أن العديد من الخوارزميات الطبية المستخدمة اليوم لا تتطلب موافقة إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة، وأن تلك التي تتطلب ذلك لا تخضع عادة للتجارب السريرية.
لفهم السبب علينا التعمق قليلاً في التاريخ، ففي 1976 بعد تورط “دالكون شيلد” (وهو جهاز مانع للحمل داخل الرحم) في عدد من حالات الوفاة والعديد من حالات الإدخال إلى المستشفى عدل الكونجرس قانون الأغذية والدواء ومستحضرات التجميل وذلك بفرض ضرورة أن تثبت الأجهزة الطبية سلامتها وفعاليتها من خلال التجارب السريرية. لتسريع عملية الموافقة على الجهاز تم إنشاء شرط يُعرف باسم 510 (k) للاستفادة من آلاف الأجهزة الطبية التي يتم تسويقها بالفعل، وبموجب مسار التخليص 510 (k) لن يحتاج الجهاز إلى بيانات التجارب السريرية إذا كان بإمكان مصنعيه إثبات “تكافؤ جوهري” في المواد والغرض وآلية العمل مع جهاز آخر كان معروضًا في السوق. في ذلك الوقت بدت تلك الخطة كتسوية معقولة للغاية لواضعي السياسات، فلِمَ على صانعي القفازات الطبية المرور بتجارب سريرية صارمة إن كانت القفازات الطبية خضعت للموافقة بالفعل؟
بالطبع أصبحت الأجهزة الطبية أكثر تعقيدًا بمرور الوقت، فبدلًا من القفازات الطبية باتت الروبوتات الجراحية هي ما تجذب الانتباه، واستُبدلت دعامات الركبة بالركب الاصطناعية، وتدريجيًا بات من الصعب تحديد ما إذا كان أي جهازين متساويين فعليًا. بدءًا من تسعينيات القرن الماضي بدأت الحكومة الفيدرالية بالتحرك لمعالجة التعقيد المتزايد وذلك من خلال تبسيط بعض التنظيمات التي تشمل توسيع الأفق في تعريف التكافؤ الجوهري ليشمل الأجهزة التي لها آليات وتصميمات مختلفة بشكل كبير ما دام لديها ملفات تعريف أمان مماثلة. الهدف من ذلك كان تشجيع الابتكار، ولكن في نهاية المطاف أدى ذلك التغيير إلى عدد أكبر من الأجهزة غير الآمنة وغير الفعالة.
وزيادة في التعقيد فإن الجهاز الذي يوافق عليه من خلال 510 (k) يمكن أن يبقى في السوق حتى وإن اُسترجع الجهاز الأساسي لاحقًا نتيجة لمشاكل الجودة والسلامة. وقد أدت هذه الممارسة إلى ظاهرة “المبنى المنهار” حيث تستند العديد من الأجهزة المستخدمة حاليًا في المستشفيات على أسلافها الفاشلة، وقد اُسترجع أكثر من 3000 جهاز بين 2008 و2017 وكان 97 بالمئة منها حاصلة على تخليص 510 (k).
بموجب القانون الحالي تُصنف الخوارزميات الطبية كأجهزة طبية ويمكن اعتمادها من خلال عملية الموافقة على 510 (k)، ومع ذلك فهي أقل شفافية وأكثر تعقيدًا بكثير، ومن المرجح أن تعكس التحيز البشري الموجود مسبقًا وأكثر استعدادًا للتطور (والفشل) بمرور الوقت من الأجهزة الطبية في الماضي. بالإضافة إلى ذلك، استبعد الكونجرس بعض البرامج المتعلقة بالصحة من تعريف الجهاز الطبي في قانون علاج القرن الحادي والعشرين لعام 2016. لذلك يمكن لبعض الخوارزميات الطبية مثل تلك المستخدمة في برنامج دعم القرار السريري التهرب من أعين إدارة الغذاء والدواء تمامًا. وهذا مثير للقلق بشكل خاص نظرًا لانتشار هذه الخوارزميات في الرعاية الصحية في كل مكان: في عام 2017 كان 90 بالمئة من المستشفيات في الولايات المتحدة – حوالي 5580 مستشفى – تطبق برنامج دعم القرار السريري.
في نهاية المطاف يحتاج التنظيم إلى التطور مع الابتكار، ونظرًا للتهديدات التي تشكلها الخوارزميات الطبية غير المنظمة على المرضى والمجتمعات نعتقد أنه يجب على الولايات المتحدة بشكل عاجل تحسين اللوائح والرقابة على هذه الأجهزة الحديثة العهد، ونوصي بثلاثة بنود عمل محددة يجب على الكونجرس متابعتها.
أولاً: على الكونجرس خفض الحد الأدنى من تقييم إدارة الغذاء والدواء. وفيما يتعلق بالخوارزميات الطبية ينبغي تضييق تعريف التكافؤ بموجب 510 (k) للأخذ بالاعتبار ما إذا كانت مجموعات البيانات أو تكتيكات التعلم الآلي المستخدمة من قبل الجهاز الجديد وخواص النسخة القديمة متشابهة. إذ سيمنع هذا النوع من الإجراءات، على سبيل المثال، شبكة من الخوارزميات لتقييم مخاطر الإصابة بأمراض الكلى من الموافقة عليها لمجرد أنها تتنبأ بأمراض الكلى. علاوة على ذلك، لا ينبغي إعفاء أنظمة دعم القرار السريري الموجودة في كل مكان بين المستشفيات الأميركية من مراجعة إدارة الغذاء والدواء. فعلى الرغم من أن نتائج خوارزميات برنامج دعم القرار السريري لا يُقصد بها أن تكون المحددات الوحيدة في خطط الرعاية، فإن العاملين في مجال الرعاية الصحية غالبًا ما يعتمدون عليها بشدة في اتخاذ القرارات السريرية؛ مما يعني أنها غالبًا ما تؤثر في نتائج المرضى.
ثانيًا: على الكونجرس تفكيك الأنظمة التي تزيد من اعتماد عاملي الرعاية الصحية على الخوارزميات الطبية، ولا بدَّ أن تتضمن ولايات مراقبة الأدوية التي تستلزم وصفة طبية، والتي تتطلب من الممارسين الصحيين استشارة الخوارزميات لتسجيل استخدام المواد قبل وصف المواد الأفيونية – على سبيل المثال – إعفاءات شاملة في جميع الولايات مثل مرضى السرطان وزيارات قسم الطوارئ ورعاية المسنين. بشكل عام ما لم تؤدِّ قراراتهم إلى إلحاق الأذى بالمريض يجب ألا يواجه الأطباء عقوبات كبيرة لاستخدامهم حكمهم السريري بدلاً من قبول توصيات الخوارزميات الطبية. قد تصنف الخوارزمية المريض على أنه عرضة لسوء استخدام العقاقير، لكن فهم الطبيب لتاريخ ذلك المريض من الصدمة يضيف فارقًا بسيطًا مهمًا في التفسير.
ثالثًا: على الكونجرس إنشاء أنظمة مساءلة للتقنيات التي يمكن تطويرها بمرور الوقت. وبالفعل يوجد الآن بعض التقدمات المنجزة تجاه هذا الهدف. قبل بضع سنوات قدمت النائبة “إيفيت كلارك” من نيويورك قانون المساءلة الخوارزمية لعام 2019، حيث سيتطلب هذا القانون من الشركات التي تنشئ “أنظمة قرار مؤتمتة عالية المخاطر” تتضمن معلومات شخصية لإجراء تقييمات الأثر التي تتم مراجعتها من قبل لجنة التجارة الفيدرالية بشكل متكرر حسب ما يُعتقد ضرورته. وفيما يتعلق بالخوارزميات الطبية المستخدمة في مجال الرعاية الصحية، فإن لجنة التجارة الفيدرالية تتطلب المزيد من التقييمات المتكررة لمراقبة التغير على مدار الوقت.
لم يصل مشروع القانون هذا والمشاريع الأخرى المشابهة له التي تم تقديمها إلى مكتب الرئيس بعدُ، ولكن ما زال لدينا أمل أن القوة الدافقة له ستزداد خلال الأشهر المقبلة. في ذلك الوقت بدأت إدارة الغذاء والدواء بأخذ خطوات أولية لتحسين رقابة الخوارزميات الطبية، ففي العام الماضي أصدرت الوكالة أولى خططها التنفيذية والمصممة خصوصًا لتلك التقنيات، ولكنها ما زالت بحاجة إلى توضيح بعض المسائل المتعلقة بإعفاءات دعم القرار السريري وتخليصات 510 (k) الملائمة.
إننا على دراية تامة بأن الخوارزميات في قطاع الرعاية الصحية عادة ما تكون متحيزة أو غير فعالة، ولكن الولايات المتحدة عليها تولية مزيد من الاهتمام بالأنظمة التنظيمية التي تتيح لهم الدخول إلى المجال العام كبداية، فحين يكون القرار مؤثرًا في حياة المريض فلا بدَّ من تنفيذ “لا ضرر ولا ضرار” حتى في خوارزميات الحاسوب.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: scientificamerican
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر