لا يجوز لنا أن نسمح بحدوث أمر كهذا. إن علاج نقص الثقة الشعبية يتمثل في الاستثمار بكثافة في مشروعات وابتكارات مناخية، والبدء على الفور. الواقع أن العمل المناخي يمثل فرصة هائلة للشركات والأعمال، ويتعين على صناع السياسات أن يتحلوا بالقدر الكافي من الذكاء لاغتنام هذه الفرصة.
من جانبه، يقود الاتحاد الأوروبي الطريق من خلال التزامات رئيسية، بما في ذلك التعهد بخفض الانبعاثات التي يطلقها من الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي بنسبة 55%، مقارنة بمستويات 1990، بحلول عام 2030. وباعتباره بنك المناخ في الاتحاد الأوروبي، يقف بنك الاستثمار الأوروبي في طليعة هذا الجهد، حيث تعهد بدعم تريليون يورو (1.16 تريليون دولار أمريكي) من الاستثمار في العمل المناخي والاستدامة البيئية بحلول عام 2030.
نحن نعيش الآن العقد الحاسم في التصدي لتغير المناخ وخسارة التنوع البيولوجي. في كل البلدان التي شملها الاستطلاع، ترى الغالبية العظمى من المواطنين (93% في الصين، و81% في الاتحاد الأوروبي، و74% في المملكة المتحدة، و59% في الولايات المتحدة) أن تغير المناخ هو التحدي الأكبر في هذا القرن. مع ذلك، يظل نقص ثقة جماهير الناس في قدرتنا على تحقيق الأهداف الحالية قائماً. في الاتحاد الأوروبي، يعتقد 58% من المواطنين أن بلادهم ستفشل في خفض الانبعاثات الكربونية بشكل كبير بحلول عام 2050، مقارنة بنحو 55% في المملكة المتحدة، و49% في الولايات المتحدة.
هل يعني هذا أن مواطنينا مستسلمون لكارثة بيئية؟ ليس بعد. تعتقد أغلبية صغيرة من مواطني الاتحاد الأوروبي والبريطانيين أن تغييراً جذرياً في العادات هو أفضل طريقة لمكافحة تغير المناخ. لكن الإبداع التكنولوجي سيكون مطلوباً لتمكين هذه التعديلات، والتي تتماشى مع آراء المستجيبين للاستطلاع في الولايات المتحدة والصين حول أفضل طريقة للمضي قدماً إلى الأمام.
في كل الأحوال، يتفوق الاستثمار على التغير السلوكي. في عام 2020، تسببت القيود غير المسبوقة التي فرضتها ظروف الجائحة على التنقل والنشاط الاقتصادي في انخفاض بنسبة 5.8% في الانبعاثات العالمية من الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي. قد يبدو هذا خبراً ساراً، لكنه في حقيقة الأمر يشكل مقياساً لمدى صعوبة تحقيق تخفيضات مماثلة كل عام من الآن فصاعداً.
نحن في احتياج إلى ثورة تكنولوجية، وعندما تأتي يجب أن نكون مستعدين لتمويلها. لقد أتت عقود من الاستثمار في الطاقة المتجددة أُكُـلها. فالآن أصبحت طاقة الرياح والطاقة الشمسية قادرة على المنافسة بقوة وواسعة الانتشار. إذا تحول كل سائق في الاتحاد الأوروبي إلى قيادة سيارة كهربائية غداً، فسوف تكون توربينات الرياح القائمة كافية لتوفير 85% من الكهرباء اللازمة لتشغيل كل هذه السيارات، وفقاً لتقديرات خبراء التنقل في بنك الاستثمار الأوروبي.
الآن، يتعين علينا أن نعكف على توسيع نطاق التكنولوجيات القادرة على تغيير القواعد مثل الهيدروجين الأخضر وحلول تخزين الطاقة المتقدمة.
من المؤكد أن التحول الأخضر لا يخلو من جوانب سلبية محتملة، ومعالجتها تتطلب اتخاذ تدابير فورية. فسوف يحتاج أولئك الأشد تضرراً من الابتعاد عن الصناعات الملوثة إلى الدعم من خلال استثمارات تعويضية. أما عن واضعي السياسات، فتتلخص الحتمية التي تواجههم في إزالة الحواجز التي تحول دون الاستثمار مثل عدم اليقين التنظيمي والأسواق المجزأة، وخصوصاً الآن بعد أن تسببت جائحة مرض فيروس كورونا 2019 في خلق عقبات إضافية مثل ارتفاع ديون القطاع الخاص. وفقاً لتقرير الاستثمار 2021-2020 الصادر عن بنك الاستثمار الأوروبي، تخطط 45% من شركات الاتحاد الأوروبي لخفض أو تأجيل خططها الاستثمارية بسبب الجائحة.
إن الرسالة التي تبثها الدراسة الاستقصائية للمناخ هذا العام واضحة. يتعين على الحكومات أن تتحرك الآن إذا كان لها أن تتمكن من الإبقاء على سلامة نوايا مواطنيها وودهم. وهذا يعني تنفيذ استثمارات فورية في المشاريع المناخية على نطاق ضخم، مع التركيز بشكل كبير على الإبداع والفرص المرتبطة ببناء اقتصاد جديد متطور. ويجب أن تكون أوروبا، ببراعتها وقوتها المالية، في صميم هذا التحول العالمي.