سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
جيمس بوليتي وكولبي سميث
تمثل مكافحة التضخم تحولا كبيرا في استراتيجية بايدن الاقتصادية مقارنة بالأشهر الأولى التي قضاها في منصبه، وذلك عندما كان الهدف الرئيس للإدارة هو إحياء الاقتصاد الأمريكي الذي ضربته الجائحة عندما حدث ارتباك في الطلب بسبب التحفيز المالي.
لكن محاربة الأسعار المرتفعة باتت الآن محور التركيز الرئيس لفريق بايدن الاقتصادي بعد أن أربكت البيانات الواردة توقعاته بأن الضغوط التضخمية ستكون قصيرة الأجل. حيث أظهر مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الأربعاء مكاسب 6.2 في المائة عن تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، وهو أسرع ارتفاع منذ 1990.
وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ”الفاينانشيال تايمز”، “إننا لسنا متقاعسين ونقول فقط انتظروا حتى تتبلور الأمور على المدى الطويل”. وأضاف، “بحوزتنا مجموعة من الإجراءات والتدخلات التي خضنا فيها منذ أسابيع (…) إننا نعمل على حل هذه الأمور”.
على المدى القريب، يحاول المسؤولون في البيت الأبيض التخفيف من وطأة ضغوطات الأسعار من خلال استقراء وسائل لتخفيف بعض الاختناقات في سلسلة التوريد، مثل النقص في أشباه الموصلات إلى التأخيرات في الموانئ، التي من شأنها رفع التكاليف. وقد تحدث بايدن هذا الأسبوع إلى كبار تجار التجزئة بما في ذلك سلسلة محلات “وول مارت” و”تارجيت” لمناقشة السبل التي يمكنهم من خلالها التقليل من وطأة ضغوط الأسعار.
لكن الخطوات التي تم اتخاذها أسفرت عن نتائج محدودة، الأمر الذي أثار الشكوك حول قدرة البيت الأبيض على التأثير في العوامل التي تدفع بالتضخم نحو الارتفاع.
أما على الصعيد الدولي، لم تستسلم الإدارة بعد لمطالب الشركات التي تريد من البيت الأبيض تخفيف الرسوم الجمركية على واردات الصين المقدرة بمليارات الدولارات، ما قد ينتج عنه ضغط هبوطي على الأسعار الاستهلاكية.
وقال مارك زاندي، الخبير الاقتصادي في “موديز أناليتيكس”، “لا توجد وسيلة لتحقيق ضربة قاضية حتى لو أرادوا فعل ذلك”، مشيرا إلى أن أفضل ما يمكن للبيت الأبيض أن يأمله قد يكون في تراجع التضخم عند انحسار الجائحة.
وأضاف زاندي، “لا أعتقد أنه يتعين علينا الانتقال من 6 في المائة إلى 2 في المائة في غضون ثلاثة أشهر حتى لا تتصدر هذه القضية أولوياتنا اقتصاديا وسياسيا”. وزاد، “إن كل ما علينا رؤيته هو أن تبدو خطوط الاتجاهات أفضل بكثير”.
لقد خيم استمرار التضخم المرتفع على بعض أكثر الأخبار الاقتصادية إيجابية للبيت الأبيض، بما في ذلك الأرقام المرتفعة لإيجاد الوظائف الجديدة الشهر الماضي، والانخفاض الحاد في المطالبات بمعونات البطالة، وإقرار الكونجرس لمشروع قانون البنية التحتية لبايدن بقيمة 1.2 تريليون دولار بعد أشهر من الجدل بشأنه في “كابيتول هيل”. كما أنه أسهم في انتكاسات الديمقراطيين في انتخابات الولايات والانتخابات المحلية في وقت سابق من هذا الشهر، بما فيها خسارتهم في سباق حاكم ولاية فرجينيا.
قال مايكل سترين، مدير الدراسات السياسة الاقتصادية في معهد “أمريكان إنتربرايز”، وهو مركز أبحاث في واشنطن، “أعتقد أن إدارة بايدن قلقة حتما بشأن هذا الأمر، وأعتقد أنهم يدركون تماما أنه يتسبب بمشكلة سياسية لهم”. وأضاف، “لكنهم يعانون حيال ما يجب فعله بصدده”.
وخلال زيارته ميناء بالتيمور أخيرا، أقر بايدن بالضغط الذي يفرضه التضخم على ميزانيات الأسر. حيث قال، “لقد أصبح سعر كل شيء من جالون الغاز إلى رغيف الخبز أكثر من ذي قبل. إن هذا الوضع أسوأ على الرغم من ارتفاع الأجور. إننا ما زلنا نواجه التحديات”. وأضاف قائلا، “إننا نتعامل مع هذه القضايا ونحاول التعرف على الطريقة المثلى لمعالجتها”.
يمكن أن يشكل استفحال التضخم المرتفع تهديدا للمرحلة الثانية من جدول الأعمال التشريعية لبايدن – وهو مشروع قانون للإنفاق الاجتماعي ومكافحة تغير المناخ تبلغ قيمته 1.75 تريليون دولار – الذي حذر الجمهوريون حتى بعض الديمقراطيين من أنه قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
لكن الرئيس أصر على أن مشروع القانون سيساعد على التخفيف من حدة التضخم عن طريق خفض تكاليف الإسكان، ورعاية الأطفال والتعليم بالنسبة إلى كثير من العائلات. لكن الجمهوريين طالبوا بايدن بإلغاء الخطط كاستجابة لارتفاع الأسعار.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن جو مانشين، السيناتور الديمقراطي المعتدل الذي قال إنه قلق من أن مشروع قانون الإنفاق الكبير يمكن أن يؤدي إلى زيادة الأسعار، قد حذر أخيرا من أن “التهديد للشعب الأمريكي جراء هذا التضخم القياسي ليس “عابرا” بل إنه يزداد سوءا عوضا عن ذلك”.
“من متجر البقالة إلى مضخة الغاز، الأمريكيين يعرفون أن ضريبة التضخم حقيقية، وأن واشنطن لم تعد قادرة على تجاهل الألم الاقتصادي الذي يشعر به الأمريكيون كل يوم”، هكذا غرد مانشين، الذي يجب أن يصوت لمصلحة حزمة الإنفاق إذا كانت لديها أي فرصة للتمرير في مجلس الشيوخ.
وقد جاءت المخاوف من التضخم في البيت الأبيض أيضا خلال فترة انتقالية حرجة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث يفكر بايدن فيما إذا كان سيعيد تعيين جاي باول كرئيس له لولاية ثانية، أو سيستبدله بآخر.
وقال البنك المركزي الأمريكي إنه لا يزال يتوقع أن تنحسر الضغوط على سلسلة التوريد مع مرور الوقت، لكن كبار المسؤولين يقرون الآن بأن التضخم آخذ في الانحسار بشكل أبطأ بكثير مما توقعوه، الأمر الذي يثير مخاوف من أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى تشديد سياسته النقدية بسرعة أكبر مما تتوقعه الأسواق.
وقد أعلن البنك المركزي بالفعل إنهاء برنامج لشراء الأصول الذي تبلغ قيمته 120 مليار دولار شهريا بوتيرة تشير إلى أن التحفيز سيتوقف كلية بحلول حزيران (يونيو). فيما يرى الاقتصاديون والمشاركون في السوق بشكل متزايد أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بعد فترة وجيزة. قال ديفيد رايلي، كبير محللي الاستثمار في “بلو باي أسيت مانيجمنت”، “لن تختفي قيود العرض والطلب القوية في أي وقت قريب”.
المصدر: صحيفة الاقتصادية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر