سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بفارق صوت يتيم خرجت الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى النور، لتعلن طي حقبة سياسية طويلة لزعيم حزب الليكود “بنيامين نتنياهو” امتدت إلى 12 عامًا في سدة رئاسة الوزراء المنصب الأهم في إسرائيل.
ماراثون طويل بدأت من الرابعة عصرًا ولمدة أربع ساعات، نجح في الأخير الزعيم اليميني المتشدد “نفتالي بينيت” في الإقامة بشارع بيلفور بالقدس الغربية حيث مقر الرئاسة الإسرائيلية.
على الرغم من أن “بينيت” لا يملك في الحقيقة إلا سبعة مقاعد منحتها إياه الانتخابات، فقد استطاع تشكيل الحكومة مستغلاً عدم نجاح أي من الأحزاب في جمع النصاب الذي يسمح لها بنيل الثقة البرلمانية. ولكن الاستغلال الأكبر هنا كان للإجماع الكبير في كره رئيس الوزراء الخاسر “بنيامين نتنياهو”، من “بينيت” زعيم حزب “يمينا”، و”إيليت شاكيد” نائبته في رئاسة الحزب، وزعيم حزب “تكفا حدشا” (أمل جديد) “جدعون ساعر” الذين خرجوا جميعًا من عباءة الليكود وتحديدًا زعيمه “نتنياهو”. إذ عزم الجميع على المضي قدمًا في إزاحة عدوهم الأكبر ومن يهدد نجاحهم السياسي، بل وبقاءهم أيضًا، كأحزاب يمينية منشقة عن الليكود تحاول أن تلعب دور ما يسمى بالحركة التصحيحية في الحزب.
اليوم.. صحيح أن الجميع في إسرائيل يحتفل بهذا النصر المعنوي الكبير، إلا أن كل ذلك لم يكن ليحدث لولا تأمين الغطاء السياسي الاستثنائي من قبل القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس، الذي وصف اليوم في كلمته بالكنيست ما فعله بـ”الفدائية” من أجل تشكيل الحكومة، وهو يعلم أنه لن ينجح في نيل الجوائز التي يحلم بها، وهي جوائز تخدم المواطنين العرب في إسرائيل كان قد طلبها من سبقه ولم تُعطَ، بل تمت الموافقة عليها ولكن مع شروط تعجيزية تجعل تطبيقها أمرًا صعب المنال.
بدأت أول خسارة اليوم في عدم قدرته على انتزاع موافقة صريحة من الرئيس الجديد بإيقاف هدم المنازل في جنوب النقب، وتحديدًا قرية بير هداج، ما دفع النائب عن القائمة سعيد الخرومي (الفائز عن النقب) الامتناع عن التصويت. ولو كان قد صوت بـ “لا”، لأصبحت الحكومة في عداد الساقطة، ولكنه فعل ذلك لأن المنقذين أحمد الطيبي وأسامة السعدي من القائمة المشتركة (عدوة القائمة الموحدة) غادرا قاعة البرلمان لكيلا يجيبا بموقفهما لحظة منح الثقة للحكومة إلا بعد معرفة قرار الخرومي، إذ في حال كان قراره ضد الحكومة ومن ثَمَّ سيسقطها، يدخلان ويعلنان أنهما يمتنعان عن التصويت وبالتالي لا تسقط، تلبية لطلب صديقهما “يائير لابيد” صاحب الأغلبية اليسارية البرلمانية والعضو الرئيس في الحكومة.
القوميون والإسلاميون اتفقوا على وجوب أن تنجح الحكومة ويخرج “نتنياهو”، وهذا حق لهم في حال كان الرئيس المقبل يساريًا يميل للحقوق الفلسطينية وإن كان ذلك نظريًا، ولكن أن يكون “بينيت” الذي كان يرأس مجلس الاستيطان العام في الضفة الغربية والذي يرأس حكومة برنامجها الانتخابي يشدد على بقاء المستوطنين في قراهم، بل وداعم لتوسعها؛ فهذا يعني أن جميع الشعارات التي ينادي بها عرب إسرائيل هي مجرد شعارات تذكرنا بشعارات “رجب طيب أردوغان”.
إيران بعد انتخاب “بينيت”
كان دقيقًا “نتنياهو” في كلمته الوداعية عندما قال اليوم: “إيران تحتفل اليوم بالحكومة الإسرائيلية الجديدة لأنهم يعلمون أن هناك حكومة ضعيفة في إسرائيل”.
وفعلاً تعلم إيران أن لا أحد في إسرائيل سيتخذ قرارًا يغضب الولايات المتحدة التي تسعى إلى تهدئة واستمالة واضحة للإيرانيين من الحضن الصيني وذلك من خلال الملف النووي الذي يحاول “بايدن” أن يحيد إسرائيل عنه، حيث استقبل قبل نحو شهر مبعوثًا من “نتنياهو” (رئيس الموساد) طلب منه عدم تخريب المباحثات الجارية في الملف على قدم وساق لحلحلته. ولكن يبدو أن “نتنياهو” يعرف جيدًا أن التوقف لن يزيد مكاسبه، بل على العكس سيضعه في موقف الضعيف بعد مغادرة صديقه دونالد ترمب البيت الأبيض.
لذلك قرر فتح النيران على طهران محاولاً إشعال ما يمكن إشعاله ليبقيه في مكانة يمينية ذات وزن كبير تجعل الجمهور الذي انتخب “بينيت” و”ساعر” يضغط عليهما لتشكيل الحكومة اليمينية الأكثر تشددًا في التاريخ الإسرائيلي حيث ستحكم مع أغلبية برلمانية مريحه جدًا تساعدهم على تمرير جميع القرارات الصعبة في الكنيست.
ختامًا، “بينيت” حقق حلمه الكبير الذي لم يكن ليصدق أن يراه، و”لابيد” و”ساعر” و”ليبرمان” نجحوا في إزاحة “نتنياهو”، وأحزاب العمل و”ميريتس” دخلوا الحكومة بعد عودة للساحة لم يكن ليتوقعوها، والقائمة الموحدة الإسلامية صنعت كل ذلك لهم وبدون أي ثمن يذكر سوى الفتات. وفي الأخير كما تشكلت حكومة الصدفة فإن الصدفة وحدها هي من سيجعلها تستمر.
إعداد: وحدة الرصد والمتابعة
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر