سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
جون أريما
في مارس 2021، احتفلت اليابان بمرور عشر سنوات على زلزال شرق اليابان الكبير وكارثة فوكوشيما النووية، وقد تم إيقاف جميع محطات الطاقة النووية في اليابان وتمت إعادة تشغيل عدد قليل منها فقط، بعد تلبية معايير السلامة النووية الجديدة الصارمة، وقد أدى ذلك إلى خسارة كبيرة في طاقة الحمل الأساسي، والتي تم تعويضها إلى حد كبير بالغاز الطبيعي والفحم، ونظرًا لعدم وجود موارد محلية للوقود الأحفوري في اليابان، فقد انخفض معدل الاكتفاء الذاتي من الطاقة إلى أدنى مستوى بين اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وكدولة أرخبيلية لا يتشارك اليابان خطوط أنابيب أو وصلات شبكية مع الدول المجاورة، كل ما سبق يؤدي إلى تعريض اليابان لمخاطر جيوسياسية أكبر.
في الوقت نفسه أصبحت معالجة قضية تغير المناخ أكثر إلحاحًا، لكن نظرًا لأدائها المتميز بالفعل في مجال كفاءة الطاقة، فإن تكلفة الحد الهامشية في اليابان لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أعلى بكثير بالمقارنة مع الدول الأخرى، ذلك أن تعريفة الكهرباء الصناعية في اليابان مرتفعة للغاية بالفعل، بمعدل تزايد بمقدار “1.5: 2” عن نظيراتها في الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية.
وبشكل عام فاليابان هي الدولة الوحيدة التي تلتزم بمواجهة التحديات الأربعة والتي تتمثل في: نقص الموارد المحلية، والاعتماد الكبير على الشرق الأوسط، وارتفاع تكاليف الطاقة، وارتفاع التكاليف لزيادة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ففي عام 2015، قدَّمت اليابان مساهمتها المحددة بموجب “اتفاق باريس”، بهدف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 26% عن مستويات عام 2013 وبحلول عام 2020. تم دعم هذا الهدف من خلال مزيج من الطاقة يتكون من: “الوقود غير الأحفوري بنسبة 44%، والطاقة المتجددة بنسبة 22%- 24%، والطاقة النووية بنسبة 20-22%” من إجمالي توليد الطاقة.
لقد تم إعداد مزيج الطاقة هذا لتلبية ثلاث متطلبات وهي: استعادة الاكتفاء الذاتي من الطاقة إلى مستوى ما قبل 3/11 بنسبة 25%، وخفض تكاليف الكهرباء، وتحديد هدف للحد من الغازات الدفيئة يمكن مقارنته مع البلدان المتقدمة، وقد تم تصميم الاستراتيجية اليابانية بحيث يمكن تخفيض تكاليف استيراد الوقود الأحفوري، عن طريق إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية وزيادة الطاقة المتجددة، وبالتالي استيعاب التوسع في تكاليف التعريفة الجمركية.
إن التقدم نحو هذه الأهداف مختلط فمن ناحية، توسعت حصة الطاقة المتجددة بشكل كبير بفضل الصناديق الائتمانية، لكن تكاليف الدعم انتشرت أيضًا، ومن ناحية أخرى كانت إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية بطيئة، فمن بين 50 مفاعل نووي تم إعادة تشغيل تسعة فقط، فإذا كانت الطاقة النووية في حالة ركود وما زالت اليابان تنوي تحقيق مساهمتها المحددة وطنيا، فإن حصتها من مصادر الطاقة المتجددة بحاجة إلى مزيد من التوسع، مما سيزيد حتما من التكاليف الباهظة بالفعل، كما أن ارتفاع أسعار الكهرباء سيقلل من القدرة الدولية على منافسة التصنيع الياباني.
في أكتوبر أعلن رئيس الوزراء “يوشيهيدي سوجا” هدف اليابان لحياد الكربون في عام 2050، منضمًا إلى أكثر من مئة دولة فعلت ذلك اعتبارًا من مارس 2021. وبموجب اتفاقية باريس تتعرض الدول لضغوط متزايدة، للإعلان عن أهدافها بشأن حياد الكربون لعام 2050 وتحديث المساهمات المحددة وطنيًا لعام 2030. فقد طرحت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، استراتيجية النمو الأخضر كمخطط لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، وتقترح الاستراتيجية إزالة الكربون من قطاع الطاقة، من خلال مزيج من مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 50%- 60%، والطاقة النووية والحرارية بالإضافة إلى احتجاز الكربون بنسبة 30%- 40%، والهيدروجين 10%.
ويؤكد ذلك على دور الرياح البحرية مع أهداف توليد تمهيدية تبلغ 10 جيجاوات بحلول عام 2030، وحوالي 30- 40 جيجاوات بحلول عام 2040. وتبدو الرياح البحرية واعدة بالتأكيد لاستكشافها، لكن جغرافيا الرياح في اليابان ليست مصادفة مثل بعض المناطق، مثل بحر الشمال الذي يحتوي على نسبة استخدام سنوية أعلى بنسبة 20%. وستؤدي التعديلات التصاعدية في حساب المساهمات المحددة وطنيًا على الرياح البحرية لا محالة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، فعلى الرغم من وفرة موارد الطاقة الحرارية الأرضية في اليابان، إلا أنه لا يمكن الاستفادة منها جميعًا، نظرًا لوجود العديد منها في المتنزهات الوطنية في ظل قيود صارمة على التنمية.
إن اليابان الآن بصدد صياغة خطتها الاستراتيجية السادسة للطاقة، حيث يؤثر كل ما سبق حتمًا على هذه العملية ويؤدي إلى مراجعة المساهمات المحددة وطنيا الحالية، ومن المرجح أن تقوم اليابان بتحسين خطتها بشكل أكبر، كمشارك في قمة المناخ التي تستضيفها الولايات المتحدة هذا الشهر.
لقد تم تشويه مناقشات سياسة الطاقة اليابانية بعد 11 سبتمبر، بسبب الجدل الثنائي بين مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية، حيث يتطلب الواقع نهجًا أكثر واقعية ليدمج ويستفيد من مزايا كل منهما، وبجانب مصادر الطاقة المتجددة يجب على اليابان تسريع إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية على المدى القصير إلى المتوسط، حيث يجب أن يكون بناء محطات نووية جديدة وأكثر تقدمًا، أحد خيارات خطة الحياد الكربوني لعام 2050. لذا فمن الأهمية بمكان أيضًا الحفاظ على تقنيات الطاقة النووية اليابانية، والموارد البشرية ذات الصلة وتطويرها.
ليس ثمة شك في أن أنظمة السلامة الصارمة تزيد من تكاليف الطاقة النووية، ومع ذلك فالحجم الكبير من إمدادات الطاقة المستقرة الخالية من الانبعاثات تعد أداة قوية لتحقيق إزالة الكربون، فالطاقة النووية هي الأخرى لا تواجه نفس تكاليف تكامل النظام، مثل مصادر الطاقة المتجددة حيث لا يوجد إعداد مثالي للطاقة، إن واقع اليابان لا يسمح لها بالاعتماد على مصدر أو آخر للطاقة بينما تستبعد الخيارات الأخرى، وعليه فإن البحث عن أفضل “مزيج” متنوع هو الاستجابة الصحيحة، فقد حان الوقت لأن تعود اليابان إلى البراغماتية في نقاشها حول الطاقة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: منتدى شرق آسيا
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر