روسيا رقم صعب للمستثمرين في الأسواق الناشئة | مركز سمت للدراسات

روسيا رقم صعب للمستثمرين في الأسواق الناشئة

التاريخ والوقت : الإثنين, 19 أبريل 2021

فيرام شاه

 

لدى الاقتصاد الروسي الكثير ليقدمه، أكثر من مجرد التركيز على النفط والعقوبات. عندما نفكر في الاقتصاد الروسي اليوم، تتبادر إلى الأذهان مباشرة كلمتان، بالنسبة لي، وربما بالنسبة للعديد من الأشخاص الآخرين، وهما (النفط والعقوبات).

لطالما اعتمدت روسيا بشكل كبير على صادرات النفط. ومع ذلك، في عام 2014، سارت الأمور نحو الأسوأ حيث أدى الانخفاض الحاد في أسعار الذهب الأسود، إلى جانب العقوبات الغربية المفروضة على روسيا لغزوها القرم، إلى دفع اقتصاد البلاد نحو أزمة خانقة. فانخفض سوق الأسهم الروسية بنسبة 30% في ذلك العام، وظل ثابتاً إلى حد كبير في عام 2015. وبالرغم من تدخل البنك المركزي الروسي، انخفضت العملة الروسية من 33 روبل مقابل الدولار في يناير/كانون الثاني عام 2014 إلى 69 روبل مقابل الدولار في فبراير/شباط من العام الذي يليه.

في الحقيقة، روسيا ليست بغريبة عن الأزمات المالية، فقد أدت أزمة عام 1998 إلى خفض قيمة الروبل، وتخلف الحكومة الروسية عن سداد ديونها. وضربت أزمة أخرى الاقتصاد الروسي في عام 2008 وقضت على أكثر من تريليون دولار من رأس المال في سوق الأوراق المالية. لكن أزمة 2014 كانت مختلفة، وبدا الأمر كما لو أن الحكومة الروسية قد استيقظت من صدماتها المتتالية وقرّرت عدم تلقي المزيد من الضربات.

لقد أدت الأزمة قبل 7 سنوات إلى سلسلة من الإجراءات التصحيحية التي اتخذتها حكومة فلاديمير بوتين، إجراءات حولت مسار الاقتصاد الروسي منذ ذلك الحين، وجعلت البلاد واحدة من أكثر الأسواق الناشئة استقراراً.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، اتخذت الحكومة الروسية خطوات لضمان حماية اقتصادها من التقلبات في أسعار النفط ومن العقوبات الخارجية. كما أدخلت الحكومة سياسة استبدال الواردات والتي تهدف إلى تحسين جودة الشركات الروسية وتقليل اعتماد البلاد على الواردات.

وعلى غرار الصين، وضعت روسيا قوانين تُروج بها لشركات التكنولوجيا المحلية مقابل العمالقة العالميين. وقد أدى ذلك إلى سيطرة الشركات المحلية على أسواق التجارة الإلكترونية والبحث عبر الإنترنت.

ومن أجل تقليل الاعتماد على تقلب أسعار النفط، بدأت روسيا بحفظ الأرباح الزائدة عندما تكون أسعار النفط مرتفعة، بحيث يمكن إنفاق هذه الاحتياطات مع انخفاض الأسعار.

لقد ساعدت كل هذه الجهود روسيا على إثبات نفسها منافساً قوياً من حيث الأداء المتطور بين الأسواق الناشئة. واعتباراً من ديسمبر/كانون الأول 2020، كانت لدى الجمهورية الاتحادية أدنى نسبة دين حكومي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي من بين 17 دولة من أكبر الأسواق الناشئة. حيث بلغت نسبة ديون روسيا 14% مقابل 72% للهند و89% للبرازيل. فضلاً عن امتلاكها خامس أكبر احتياطي من العملات الأجنبية في العالم بقيمة تبلغ 580 مليار دولار اعتباراً من مارس/آذار، وبزيادة كبيرة عن 350 مليار دولار في عام 2015. وامتلكت كذلك خامس أكبر فائض في الحساب الجاري وأعلى فائض حكومي بين الأسواق الناشئة.

بالإضافة إلى أن الدين قصير الأجل الذي تدين به روسيا للمقرضين الأجانب بالكاد يصل إلى 10% من احتياطي عملاتها الأجنبية، مقارنة بأكثر من 30% في المتوسط في باقي الأسواق الناشئة.

توفر كل هذه العوامل للاقتصاد الروسي أساساً مستقراً ومتيناً تشتد الحاجة إليه للمساعدة بشكل فاعل على حماية الاقتصاد من مزيد من التهديدات الاقتصادية.

ولتعزيز أمنها الاقتصادي بشكل أكبر، ستحتاج الحكومة الروسية إلى التركيز على إنعاش نمو الناتج المحلي الإجمالي، ونصيب الفرد من الدخل الذي تأثر بفعل جائحة فيروس كورونا.

لدى الاقتصاد الروسي اليوم الكثير ليقدمه، أكثر من مجرد التركيز على النفط والعقوبات. وإذا كنت مستثمراً متفائلاً في الأسواق الناشئة، فسيكون من الصعب تجاهل روسيا المنتعشة والتي يعمل بوتين على تجميع اقتصادها معاً قطعة قطعة.

 

المصدر: صحيفة الخليج

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر