سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
د. مصطفى كولونجو
أصبح العالم الحديث أكثر ترابُطًا من ذي قبل بسبب تأثير التحديث والتغيرات التكنولوجية على مستوى العالم، كما أصبح الأمن مصدر قلق دولي بسبب الجنود غير التابعين للدولة.
على سبيل المثال سيطرت تنطيمات كالقاعدة، وداعش، وأبو سيّاف، والشباب، وبوكو حرام، وحزب الله وغيرها على الصراع المعاصر على مستوى العالم مما زاد من تحديات الأمن العالمي.
كما كانت هناك مخاوف متزايدة من دول مختلفة بشأن إنشاء كيانات أجنبية لصياغة استراتيجيات وتقنيات لتكثيف تفاعلات الجنود غير التابعين للدولة، وقد طوَّرَ هؤلاء الجنود غير التابعين للدولة معلومات استخباراتية لجمع وتبادل المعلومات واستخدام المرونة التكتيكية في عملياتهم، كما تُستخدم هذه المجموعات في عمليات تطهير فعّالة، وبالتالي تكسب المعارك المحلية بسهولة.
لذلك سوف نستكشف عبر هذه الورقة أسس الجنود غير التابعين للدولة، كما ستناقش الورقة عددًا من الجماعات مثل التطرف اليساري، والشيشان، والفيتكونغ، والجنود غير التابعين للدولة في إفريقيا، والهلال السني والهلال الشيعي، والقوميين العراقيين، وجيوش المؤسسات الإجرامية.
إن السخط الشعبي الناتج عن التحديث والتصنيع والتغيرات السريعة في الظروف الاجتماعية والاقتصادية يمثل الأساس الحالي للجنود غير النظاميين، وهو ما يتصل بمقاتلين من أجل الحرية والإرهابيين، والميليشيات، والعصابات، والثوار، والمقاتلين، والقوات شبه العسكرية، والهيئات شبه الحكومية وكلها مجموعات موجودة بسبب الاضطرابات العالمية بسبب التصنيع، إن الجنود غير التابعين للدولة هم مجموعات دينية، أو عرقية، أو مقاتلين أجانب لا ينتمون إلى سيادة الدولة، هدفهم السيطرة على الدولة من خلال تدهور، أو تدمير، أو هزيمة البلاد وتمتلك هذه المجموعات سمات فريدة تجعلها تنجز أعمالها الشنيعة ثم تنجو.
تشمل هذه السّمات تطبيق تكتيكات حرب العصابات مثل تَجَنُّب الاتصال المُباشر، والصراع مع قوات الدولة ثم التخفّي، والخداع، والتجسس، والاعتماد على عالَمٍ سِرّي للبقاء والعمل على جمع المعلومات، كما تقوم المجموعات بتجنيد الناس بِالقوّة من خلال تأثيرها على النسيج السُّكَّاني، وهكذا يستخدم الجنود غير التابعين للدولة السكان للتواصل بشكل فعال لإرسال الأسلحة والطعام إلى مجموعتهم وكملاذ آمن للتجنيد والتدريب، مع ذلك فإن التغيرات التكنولوجية، وشبكات الاتصال، وشبكات السفر، ووسائل الإعلام المُتَنامِية قد عزز من ايديولوجيات وعمليات تجنيد الجنود غير التابعين للدولة على مستوى العالم.
تستخدم حركة الجناح اليساري أفرادًا وجماعات متشددة مستقلة مناهضة للفاشية في الولايات المتحدة مؤكدين على الأخوة، والتقدم، والعالمية، والإصلاح، والمساواة، والحقوق، وأفكار الحرية التي تعود جذورها إلى الإرهاب الفوضوي في القرن التاسع عشر والقرن العشرين بعد الحرب الباردة، فالإرهاب اليساري المتطرف يتمثل في الإطاحة بالأنظمة الرأسمالية واستبدالها بالنظام الاشتراكي أو الماركسي اللينيني، لكنه يحدُث أحيانًا داخل الدُوَل الاشتِراكيّة كنشاط ضد السُّلطة الحاكمة وكذلك الدعاية عن طريق الفعل والاشتراكية والشيوعية وتأثير الإرهابيين اليساريين، فالإرهاب اليساري له دوافع أيديولوجية في حين أن الإرهاب القومي الانفصالي له دوافع عرقية، تشمل هذه المجموعات فصيل الجيش الأحمر الألماني الغربي، واللواء الأحمر الإيطالي، والجيش الأحمر الياباني، ونمور تحرير تاميل إيلام.
يفسر لنا تاريخ ما بعد الاتحاد السوفيتي”1758″ كل شيء عن العنف في منطقة الشيشان وروسيا، بين القوات الشيشانية والروسية منذ عدة سنوات مضت، فالحرب الروسية الشيشانية عكست توترًا بين تَطلُعات الشيشان للانفصال عن روسيا وبين المحاولة الروسية لتأمين وحدة أراضيها، حيث تعود جذور هذه الحرب إلى غارات القوقاز في القرن السادس عشر، وقد كان الدافع الروسي للحرب هو الرغبة في الحد من أعمال اللصوصية وتعزيز موطِئ قدم استراتيجي في بحر قزوين، لقد أخضعوا الشيشان للدمار الزراعي والقتل والاغتصاب كاستراتيجية ترويع مما أدّى إلى مُعاناة الشيشان، وأجبر السكان على العيش في تضاريس جبلية وعرة أو إلى نفيهم إلى سيبيريا.
في حين كان أنصار الفيتكونغ الفيتناميين لجبهة التحرير الوطنية الشيوعية عبارة عن منظمات غير سياسية في جنوب فيتنام وكمبوديا، كان جيشها يحارب الشيوعية والقومية اليسارية والأيديولوجية الفيتنامية، كما قاتلت المنظمة ضد حكومتي فيتنام الجنوبية والولايات المتحدة، وظهرت كفائزة بسبب شبه تكتيكاتها بحرب العصابات وبسبب وشبكة الكوادر من وحدات الجيش النظامي التي تسيطر على جميع الأراضي، وقد طوّر الجيش برامج خاصة بالإرهاب والاغتيالات لحماية موظفي الحكومة والمسؤولين.
يمثل الأمن مصدر قلق في إفريقيا، بسبب وجود جنود غير تابعين للدولة مثل جيش الرب للمقاومة، وبوكو حرام، وجماعة الشباب، والقاعدة، وحركة تحرير دلتا النيجر.
جيش الرب للمقاومة، يعمل لصالح حركة الرب التي هي بالأساس جماعة متمردة في شمال أوغندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان.
جيش الخلاص المقدس الموحد، تتمتع هذه المجموعة بقدرات فريدة مثل شبكات الاستخبارات الموسعة، والدائرة الداخلية الموالية، والقوة التي تحمي المجموعة وهم يقومون باستغلال التضاريس الجغرافية والسياسية ومناطق الغابات في المقام الأول، وكذلك يستفيدون من الثقافة المحلية والإقليمية والأعراف الاجتماعية واستغلال السكان في المجموعة.
حركة الشباب الإرهابية، تعمل هذه الحركة في الصومال على الرغم من تقليص قوتها وحجمها من خلال العمليات التي تقوم بها قوات الجيش من دول مختلفة مثل الجيش الكيني.
أما حركة تحرير دلتا النيجر، فتعمل في دلتا النيجر وقد نشأت بسبب الصراع الاجتماعي في هذه المنطقة الغنية بالنفط، حيث يشعر بعض السكان الأصليين بأنهم مهمشون، مما أدى إلى اندلاع حرب نظمها المواطنون.
الهلال الشيعي والسني، هو عبارة عن مجموعات بين سكان الشرق الأوسط، لكن هناك اختلاف ينعكس في تأثير الاعتبارات الأميركية مع التوترات المتزايدة في العراق.
يختلف المتطرفون الشيعة عن المتطرفين السنة في مقارباتهم وأهدافهم الإرهابية، فمثلًا السنة يعملون باستمرار بطريقة متوسطة الكثافة ويعتبرون الحرب ضد الكفار والمرتدين شرط دائم يشير إلى موجات متداخلة.
على سبيل المثال، تشير الحملات المفتوحة التي تشنها الجماعة الشيعية ضد إسرائيل إلى حملات إرهابية تتم بأهداف تنظيمية، وتُظهر المجموعات أنماطًا مختلفة من تجنيد العناصر الإرهابية وصياغة مهامها.
مع ذلك فإن الإرهابيين الشيعة يتمتعون بدعم من الدولة، ومن المؤكد أن مصدر الدعم هو شركات تديرها الدولة وقنصليات وسفارات إيرانية، فيما يعتمد المتطرفون السنة مثل السلفيين الجهاديين، على مجتمعات المغتربين المتدينين لتسهيل عملياتهم، على الرغم من تبنيهم لوجهة نظر الأقلية داخل المجتمع الإسلامي السني.
وعلى الرغم من أن كِلا المجموعتين لديها تكتيكات واستراتيجيات متشابهة، إلا أن ناتج الإرهاب الشيعي المتطرف سيكون أكثر كثافة بسبب خطف الأبرياء للمقايضة وإظهار نسبة عالية من القتلة المستهدفين لتحقيق مكاسب سياسية، كما تقوم الجماعات الإرهابية السنية بأعمال اختطاف وقتل كبيرة، لا سيما الجماعة السلفية الجهادية.
كما أن القومية العرقية تمثل نوعًا من العنصرية حيث تُحدّد الأمة على أساس العرق، ويتمثل الموضوع المركزي للقومية العرقية في أن البلد عبارة عن تراث مشترك، ولغة يومية، وإيمان مشترك، وأصل عرقي واحد، حيث تنشأ الجماعات الإجرامية كمجموعات عرقية تتطور وتنمو لتصبح جيوشًا غير شرعية بسبب الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية، وتتعارض هذه الجماعات مع الحكومة أو الدولة وتستخدم تكتيكات واستراتيجيات فريدة لإنجاز أنشطتها، وتستفيد هذه الجماعات من قدرتها وفعاليتها وقابليتها للتشغيل بسبب التغيرات التكنولوجية، وتراجع احتكار السلطة من قبل السلطة الحاكمة، وصقل المهارات وبالتالي التحسين من عملياتها.
أخيرًا، فإن مخاوف الدول مؤخرًا فيما يتعلق بالجنود الغير تابعين للدولة هي قضية تحتاج إلى موارد وإلى تعاون العديد من أصحاب المصلحة، ويشمل ذلك جمع وتطوير البرامج التي تهدف إلى مواجهة عمليات هذه المجموعات والتقليل من نقاط قوتها وقدراتها.
الدروس المستفادة من هذه المجموعات، هي قدرتها المتزايدة على جمع المعلومات الاستخبارية وتبادل المعلومات فيما بينها، وتطبيق ناتج هذه الدروس في عملياتها التكتيكية يؤدي إلى تطوير المعرفة، والمرونة، التكتيكية، والقيام بعمليات تطهير فعالة، وتقليل السيطرة على الأراضي… بالإضافة إلى قُدُراتٍ أُخرى.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: Eurasia Review
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر