سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مايكل ليليفيلد
نالت خطط الطاقة والبيئة الصينية التي تم الإعلان عنها مؤخرًا، مراجعات سلبية حيث تستمر المخاوف المناخية في التسبب في تراجع النمو الاقتصادي.
أعرب محللون عن خيبة أملهم من أهداف الاقتصاد والانبعاثات لعام 2021 لفترة الخمس سنوات المنتهية في 2025 وذلك بعد أن كشف عنها رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ في تقرير عمله إلى المؤتمر الوطني لنواب الشعب في 5 مارس.
ويقول خبراء الطاقة ونشطاء المناخ إن التقرير السنوي لتحديد الأهداف كان فضفاضًا وأقلُ طُموحًا، مما يجعل الأمر غير واضح فيما يتصل بكيف سيوفي الرئيس شي جين بينغ بوعده في سبتمبر الماضي بالوصول إلى ذروة الانبعاثات قبل عام 2030 وتحقيق حياد الكربون قبل عام 2060.
لقد كان المُدافعون عن البيئة يتوقعون أن يروا إشارات على تغيرات كبيرة في السياسة تؤثر على الانبعاثات في الخطة الخمسية الرابعة عشرة التي تبدأ هذا العام، وبدلًا من ذلك يبدو أن الحكومة قد أجلت المهام الصعبة المتمثلة في خفض استخدام الفحم وتسريع الكفاءة حتى فترة الخمس سنوات المُستقبلية التي تبدأ في عام 2026.
وقد وصفت صحيفة صنداي تايمز البريطانية الأهداف بأنها: “قفزة كبيرة إلى الوراء فيما يتعلق بخفض الانبعاثات”، وهو ما يجعل الصين حرة في مواصلة حرق المزيد من الفحم.
نقلت بلومبيرج نيوزو عن يان تشين المحلل المتخصص في شؤون الكربون: “إن تزايد الانبعاثات في عام 2021 والأعوام القادمة سيرفع من أداء الصين لتحقيق الوصول إلى ذروة الانبعاثات قبل عام 2030، الأمر الذي يتطلب المزيد من الإجراءات الصارمة التي ينبغي أن يتم تنفيذها لاحقًا”.
وتدعو خطة الحكومة الحالية إلى خفض الانبعاثات بنسبة 18% لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو نفس المقدار الذي تم تحديده لفترة الخمس سنوات السابقة، ويستهدف استخدام الطاقة لكل وحدة تحسين بنسبة 13.5%، وهو أقل من التوفير البالغ 15% في الخطة الخمسية الثالثة عشرة.
كما قال لي شو كبير مستشاري السياسة العالمية في مؤسسة غرينبيس شرق آسيا لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست: “إن هذا الوضع يبدو متواضعًا بالنظر إلى أن الصين بحاجة إلى تسريع إجراءاتها بشأن المناخ لتحقيق الحياد الكربوني”.
كما وضعت الحكومة لنفسها هدف الحد من التباطؤ، وهو ما يعد هدفًا فضفاضًا حيث يتمثل في أكثر من 6%” للنمو الاقتصادي هذا العام، مما سمح لها بالمطالبة بالنجاح في سياسات التخطيط المركزي مع الالتزام فقط بالنطاق المناسب للنمو في الفترة من2021- 2025 وتتيح هذه الفسحة للحكومة حرية المناورة بشأن أداء الكفاءة السنوي ونسب انبعاث الكربون.
عقبات سياسية
حذَّر تحليلٌ أجراه معهد أكسفورد لدراسات الطاقة من أن الصين قد تجاوزت أهدافها السابقة لخفض كثافة الكربون وأنه قد تظهر قيود أكثر صرامة في الخطط القطاعية، لكن التحليل خلص إلى أن الخطة هي: “السعي إلى تحقيق التوازن بين الطموح والواقع السياسي، وإلى حد ما كان يُفتقَر إلى الطموح لحد كبير في الواقع السياسي”، ونظرًا لأن المسودة الأخيرة لا تتضمن سقفًا لانبعاثات الكربون وتواصل تحديد أهداف كثافة الطاقة وكثافة الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي، ومع استمرار النمو الاقتصادي حتى عام 2025، ستستمر انبعاثات الكربون في الارتفاع كل عام.
لقد حذفت الصين هدف الناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي، مشيرة إلى حالة عدم اليقين بشأن أزمة “كوفيد- 19” العالمية التي أسهمت في خفض النمو الاقتصادي إلى 2.3% مقارنة بـ 6% في 2019، وذلك وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء.
أما صندوق النقد الدولي فقد توقع نموًا مدفوعًا بالانتعاش بنسبة 8.1% هذا العام، ما يشير إلى أن الحكومة ستبقي التزاماتها منخفضة.
وفي خططها للخطة الخمسية الرابعة عشرة، عالجت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح تحديات المناخ بشكل عام فقط، وكالة التخطيط العليا قالت: “سنحقق تقدمًا قويًا نحو الوصول إلى ذروة انبعاثات الكربون وتحقيق حيادية الكربون”.
كما تعهدت اللجنة الوطنية لإدارة الكوارث بصياغة خطة متوسطة وطويلة الأجل لتنمية الطاقة دون الكشف عن تفاصيل التوقيت أو المحتوى، وكان الالتزام الرئيسي للوكالة بشأن الفحم يتمثل في تحسين أنظمة التوزيع وضمان الإمدادات.
بعد الإنتاج القياسي للبلاد لأكثر من مليار طن متري من الفولاذ العام الماضي، فإنه ليس
من الواضح ما إذا كانت الحكومة ستفرض أي قيود كبيرة على الصناعات عالية التلوث من أجل تلبية الأهداف المناخية، إذا ما كان ذلك على حساب النمو الاقتصادي.
وفي نوفمبر الماضي حسبما ذكرت وكالة أنباء شينخوا الرسمية فقد قال الرئيس شي للجنة المركزية للحزب الشيوعي: “إن من الممكن تمامًا مضاعفة الحجم الاقتصادي الإجمالي أو دخل الفرد بحلول عام 2035”، مما يزيد احتمالية حدوث تسابق للنمو الاقتصادي في نفس الإطار الزمني لأهداف الحد من انبعاثات الكربون.
يشير فيليب أندروز سبيد الزميل الرئيسي الأول في معهد دراسات الطاقة بجامعة سنغافورة الوطنية، إلى أن العواقب المناخية لا تزال خاضعة لخطة الطاقة الخمسية للجنة، وإلى الخطط القطاعية للصناعات والتي يمكن إصدارها لاحقًا هذا العام أو في عام2022.
وقال سبيد: “إن الضغط من أجل الحفاظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف قد يتعارض مع هدف تحييد الكربون ما لم يتغير هيكل الاقتصاد بشكل جذري”، كما قال في ندوة عبر الإنترنت من جامعة نيو ساوث ويلز: “أنه من الممكن أن يتم حل هذه التوترات بدقة من خلال الخطط الخمسية القادمة، لكن الممارسة السابقة تشير إلى أن هذا لن يكون هو الحال”.
وتوضح الحسابات المحيطة بأهداف الطاقة والاقتصاد وتأثيرها على الانبعاثات أوجه القصور في أهداف الوحدة من إجمالي الناتج المحلي، وبينما تسمح التخفيضات النسبية للحكومة بالمطالبة بالتقدم فقد استمر الحجم المنطلق لانبعاثات الكربون في الارتفاع مع نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتشير البيانات الرسمية إلى أن انبعاثات الصين قد زادت مع الجهود الحكومية لتعزيز التوسع الاقتصادي، خاصة عندما تم تخفيف القيود بعد تحقيق أهداف مدتها خمس سنوات.
ففي العام الماضي على سبيل المثال تحسن مؤشر كفاءة الطاقة في الصين لعام 2020 بنسبة ضئيلة تبلغ 0.1% بعد تحقيق أهداف الخمس سنوات في وقت مبكر، وقد حددت الحكومة هدف هذا العام عند 3%. وبالمثل فقد انخفضت كثافة الكربون بنسبة 0.8% فقط العام الماضي حيث تصدرت عملية الخفض لمدة خمس سنوات الهدف مع تحقيق توفير بنسبة 18.8%.
أهداف نبيلة
لكن التراجع عن الكفاءة أوقف فعليًا الجهود المبذولة لتحقيق أهداف المناخ لعامي 2030 و2060، ففي تقرير لمجموعة “كربون بريف” التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها قال المحلل لوري ميليفرتا من مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف: “إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين قفز بأكثر من 4% في النصف الثاني من عام 2020، متجاوزًا بذلك النسبة الأولى حيث كانت قد حققت انخفاض بنسبة 3% ودفع ذلك بالزيادة للعام بأكمله إلى 1.5% عن وتيرة ما قبل الجائحة لعام 2019.
وقالت وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، أنه في ديسمبر فقط ارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين بنسبة 7% عن العام السابق.
ويتمثل جوهر مشكلة الانبعاثات في الصين من الفشل في كبح جماح استهلاك الفحم، والذي يستمر في الارتفاع من حيث الحجم على الرغم من انخفاض حصته من إجمالي استخدام الطاقة.
وقد ذكرت مصلحة الدولة للإحصاء أن استهلاك الفحم قد ارتفع العام الماضي بنسبة 0.6% دون إعطاء رقم محدد وقدرت جمعية الفحم الوطنية الصينية أن الاستهلاك سيبلغ 4.2 مليار طن في فترة الخمس سنوات القادمة، مما يسمح باستخدام الفحم للنمو بنسبة 6% بحلول عام 2025. وحتى الآن تفسح خطط الطاقة الصينية مجالًا للحجم الإضافي من الفحم على الرغم من هدف زيادة الحصة غير الأحفورية من الطاقة إلى 20% في إطار الخطة الخمسية الرابعة عشرة في مقابل 15.9% العام الماضي.
تشمل الفئة غير الأحفورية الطاقة النووية وكذلك المصادر المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، كما أشارت الحكومة إلى حملة جديدة للمشاريع النووية مع الإشارة إليه في تقرير العمل هذا العام، وذلك وفقًا لصحيفة جلوبال تايمز حيث أورد تقرير للحزب الشيوعي أنه: “في الوقت الذي نعزز فيه الاستخدام النظيف والفعال للفحم، سنقوم بدفع كبير لتطوير مصادر جديدة للطاقة، ونتخذ خطوات نشطة ومنظمة بشكل جيد لتطوير الطاقة النووية على أساس ضمان استخدامها الآمن”.
لكن التقرير لم يشر إلى إنهاء بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم، وهي قضية مثارة حاليًا من قبل الجماعات البيئية وتغير المناخ، ففي العام الماضي أضافت الصين 38 قيقاواط من طاقة الفحم الجديدة، أي ما يعادل حوالي محطة جديدة واحدة في الأسبوع، ووفقًا لميليفيرتا وكاربون بريف فقد تم الإعلان عن إضافة 73 قيقاواط كمشاريع جديدة، ويجادل المدافعون عن ذلك بأن القدرة الجديدة ستحافظ على دور الفحم في السنوات والعقود القادمة مما يؤدي إلى إبطاء التخفيضات في انبعاثات الكربون، يقول ميليفيرتا لموقع بيت المناخ الإخباري: “من الواضح أنه لا يوجد استعداد لوضع حد لتوسع الفحم”.
إن التباطؤ في خفض الكربون في فترة الخمس سنوات الحالية يعني أنه سيتعين تسريع التخفيضات بشكل أكبر في 2026- 2030 لتلبية شيء من الأهداف في ما يعتبر ذروة الانبعاثات.
ولكن بحلول ذلك الوقت ستعمل العشرات من محطات الفحم الجديدة مع استمرار سنوات من العمر الإنتاجي لها، مما يجعل إيقاف التشغيل أكثر تكلفة وصعوبة من الناحية السياسية.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: راديو آسيا الحرة Radio Free Asia
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر