العملات الرقمية | مركز سمت للدراسات

الأخطار الكامنة وراء اليورو الرقمي

التاريخ والوقت : الأربعاء, 3 مارس 2021

ثورستن بوليت

 

تقوم الصين الاشتراكية والسويد والعديد من الدول الأخرى بإصدار عملات رقمية من عبر بنوكها المركزية. كما يعمل البنك الأوروبي على مثل هذه المخططات. إذ يسعى لإطلاق أمواله من خلال اليورو الرقمي في أسرع وقت ممكن. ويثني العديد من الاقتصاديين على المشروع باعتباره “ابتكارًا”، وكخطوة مهمة لا غنى عنها في عالم يتزايد فيه التحول الرقمي. ويحرص البنك المركزي الأوروبي على الإفصاح عن نواياه، معلنًا أن اليورو الرقمي سيكون متاحًا للجميع، وقويًا وآمنًا وفعالًا ومتوافقًا مع القانون المعمول به. ومع ذلك، يجب أن يكون واضحًا أن الطريق نحو التحول إلى نظام دولة مراقبة سوف يتسارع بشكل كبير إذا تمَّ إصدار اليورو الرقمي، وعندما يتم إصداره، دعونا لا نتجاوز أنفسنا.

ولا يعتبر اليورو الرقمي “نقودًا أفضل” من اليورو المتداول بالفعل اليوم. فاليورو الرقمي المخطط له يعدُّ نقودًا إلزامية، مثل التعامل النقدي باليورو والأرصدة البنكية باليورو التي تمثل نقودًا قانونية ذات وضعية قانونية، إذ تمَّ إنشاؤها جميعًا “من لا شيء” عبر البنك المركزي الأوروبي، الذي يحتكر إنتاج اليورو. وكما هو الحال بالنسبة لليورو في الوقت الحالي، يمكن زيادة كمية اليورو الرقمي في أي وقت، ولا يتم دعمه بأي شيء. وينطوي اليورو الرقمي على مخاطر تخفيض قيمة العملة بنسبة 100٪. وكما ذكرنا سابقًا، سيكون اليورو الرقمي هو اليورو الورقي.

ويمكن أن يكون اليورو الرقمي إمَّا “قائمًا على الحساب”، ويمكنك الاحتفاظ به في حساب لدى البنك المركزي الأوروبي، أو يمكن أن يكون “مستندًا إلى رمز مميز”، حيث يتلقى مستخدمو الأموال “رمزًا مميزًا” يمكن نقله من الهاتف الذكي إلى الهاتف الذكي عبر أحد التطبيقات. إن الأمل في “عدم الكشف عن هويته” في معاملات الدفع سيكون عديم الجدوى في كلتا الحالتين، وهو ما يجب على المرء أن يحذر منه.

وربَّما تُظهر نظرة سريعة إلى الصين إلى أين تتجه، ذلك أنه من المفترض أن يكون لأموال البنك المركزي الرقمي الصيني القدرة على “إخفاء متحكم فيه”. وبعبارة أخرى، يجب أن يكون لدى بنك الصين الشعبي “فقط”، أي الحزب الشيوعي الصيني، الحق في الوصول إلى بيانات معاملات الدفع.

يقول البنك المركزي الأوروبي إن اليورو الرقمي “مُكَمِّل” للنقد والأرصدة المصرفية. لكن هذا ليس مقنعًا؛ لأن أولئك الذين يدفعون نقدًا يجدون ذلك مناسبًا ويريدون التأكد من عدم الكشف عن هويتهم وإلا فسيضطرون إلى الدفع الإلكتروني، أي تحويل الأرصدة من خلال “باي بال”PayPal أو “أبل باي “Apple Pay  أو بطاقات الخصم أو الائتمان.

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الأشخاص لا يحتفظون بالنقد لأغراض الدفع فقط. كما أنهم يلجؤون إليها لحماية أنفسهم من فشل البنوك أو الاحتفاظ بالنقود لتكون سائلة حتى في حالة انقطاع التيار الكهربائي، وذلك لتكون مستقلة عن الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.

ومع ذلك، فإن الشك في أن البنك المركزي الأوروبي مهتم بشكل أكبر بسحب الأموال من التداول لا يمكن دحضه بسهولة. لكن إذا كانت المدفوعات الإلكترونية ممكنة، فسوف يختفي القليل المتبقي من “الخصوصية المالية”. إذ يصبح المواطن شفافًا تمامًا، بما يرضي الدولة وغيرها من المستفيدين منها.

وبمجرد أن يتم دفع النقد للخلف أو تجريده بالكامل، يمكن لصانعي السياسة النقدية تنفيذ سياسة أسعار فائدة سلبية غير مقيدة لخفض قيمة الديون. ولم يعد بإمكان العملاء الخروج من “الميزانية العمومية للبنك”، ثم يتم قفل باب الهروب الأخير.

إنه من غير المحتمل أن يسود اليورو الرقمي بشكل طبيعي ضد النقد التقليدي. لكن بدلاً من ذلك، سيتعين على البنك المركزي الأوروبي أن يجعل استخدام النقد غير جذاب، وذلك عبر زيادة تكاليف النقد عن طريق زيادة الرسوم في أجهزة الصرف الآلي، أو من خلال الحدود العليا للمدفوعات النقدية، أو من خلال الوصم الاجتماعي للنقد.

ولا يتنافس اليورو الرقمي مع وحدات التشفير مثل “البيتكوين”. فمع كل شيء، فإن اليورو الرقمي، كما ذكرنا سابقًا، يعدُّ نقودًا ورقية تصدرها الدولة، وهو بالضبط ما لا يريده كل من يبحثون عن أموال أفضل.

وبدلاً من ذلك، تشمل المجموعة المستهدفة لليورو الرقمي أولئك الذين يكتفون أساسًا باليورو، كما هو حاليًا، وأولئك الذين يقلقون بشأن انهيار مصرفي محتمل. وربَّما تمثل هذه المجموعة عددًا كبيرًا نسبيًا من الأشخاص الذين يتعرضون للتساؤل كعملاء مستهدفين محتملين لليورو الرقمي.

وتهدف الخطة إلى السماح بمبادلة النقد باليورو وأرصدة مصرفية تجارية باليورو الرقمي. فمن الناحية الاقتصادية، فإن هذا يعني أن البنك المركزي الأوروبي بحكم الواقع يؤمن التزامات بنوك اليورو، حيث يقوم البنك المركزي الأوروبي بتحويل أهليته الائتمانية، التي هي – بلا شك – ممتازة، إلى البنوك التجارية باليورو.

ومع خيار التبادل المتساوي فلا داعي للقلق بشأن فقدان أرصدته المالية في البنوك التجارية باليورو، حيث يحتكر البنك المركزي الأوروبي إنتاج اليورو. ولا يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يُفلِس. كما يمكنه إنشاء يورو في أي وقت لتسوية التزامات الدفع، بغض النظر عن المبلغ.

ومع ذلك، فلا داعي للقلق من أن أرصدته المحتفظ بها في بنك تجاري يمكن أن تضيع إذا أفلس البنك وفشل صندوق حماية الودائع. وإذا تمَّ قبول اليورو الرقمي علنًا، فإن سيناريو انهيار البنوك التجارية باليورو يصبح غير محتمل؛ حيث سيتم دعم نظام النقود والائتمان باليورو أكثر من أي وقت مضى من خلال القوة المطلقة للبنك المركزي الأوروبي.

وكما هو معروف جيدًا، ففي بيانه الشيوعي عام 1848 قام كارل ماركس وفريدريك إنجلز بتعيين عشرة “إجراءات” من شأنها أن يؤدي تنفيذها إلى الشيوعية. أمَّا الإجراء المعياري فيقرأ على النحو التالي: “أن تكون مركزية الائتمان في يد الدولة من خلال بنك وطني برأسمال الدولة والاحتكار الحصري”. ذلك أن إصدار اليورو الرقمي والنتائج المترتبة على ذلك، إنما هي – بلا شك – خطوة حاسمة أخرى في تحقيق رؤية الماركسيين للثورة المنشودة.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: Mises Institute

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر