سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
جوهان فوري
يسير العالم على الطريق الصحيح لتحقيق تغييرات كبيرة فيما يتعلق بالفضاء والغذاء والطاقة والمؤسسات.
المؤرخون يتنبؤون بشكل جيد. إنهم جيدون ليس لأنهم يمتلكون بعض البصيرة الثاقبة للمستقبل، بل لأنهم أذكياء في اختيارهم للأفق الزمني؛ فبدلاً من التكهن بالحياة خلال الأشهر القليلة المقبلة، يفضلون التنبؤ بالمستقبل البعيد. إذ يجلب ذلك درجات أكثر من الحرية مع قليلٍ من الرقابة. وهو ما يرجع إلى أن البشر يميلون إلى المبالغة في تقدير التغيير على المدى القصير، لكنهم يقللون من شأن التغيير على المدى الطويل.
لذا، فبالعودة إلى صفحة من كتاب “قواعد المؤرخ”، يمكننا أن نحاول التنبؤ بالمكان الذي سنكون فيه بنهاية عام 2021، بل بالأحرى عالم 2030. ولنتساءل: ماذا يمكن أن يحدث في غضون عشر سنوات؟
السفر عبر الفضاء، ستكون شركة “سبيس إكس” SpaceX أكبر شركة في العالم بحلول عام 2030، وتنافسها شركة أمازون الفضائية؛ إذ سيتم تشغيل مستعمرة مستوطنة بشكل دائم على كوكب المريخ.
ومع ذلك، لا يمكننا أن نتوقع أعدادًا كبيرة من السكان بعدُ. إذ سيكون لدى “سبيس إكس” وغيرها مستوطنات صغيرة يسكنها الجيولوجيون وعلماء الأحياء والمهندسون، وكذلك علماء النفس لبناء نموذج لمجتمع المستقبل.
وسنرى الخطوات المبدئية الأولى نحو حلم الرئيس التنفيذي لشركة أمازون “جيف بيزوس” الذي تعهد بجميع الصناعات الثقيلة إلى الفضاء.
لكن الفضاء لن يدور فقط حول الحياة خارج الأرض، إذ يمكن لتقنيات الفضاء أن تقلل من تأثير الكوارث الطبيعية وتربط أولئك الموجودين في الأجزاء النائية من العالم بالإنترنت عالي السرعة.
وفي تقرير جديد صادر عن مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي “أنووسا” (Unoosa)، هناك إصرار على أن تكنولوجيا الفضاء هي المفتاح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الطموحة للأمم المتحدة بحلول عام 2030.
ولا تُفاجأ إذا كان أكبر تأثير لتكنولوجيا الفضاء على الصناعات الأكثر قدمًا؛ ففي مجال الزراعة تتيح تقنية “نظم المعلومات الجغرافية” GPS للجرارات ذاتية القيادة زراعة معظم الأراضي الزراعية في أميركا.
وبالفعل، يساعد الاستشعار عن بُعد في إدارة موارد المياه، خاصة في المناطق الأكثر جفافًا. ونظرًا لأن المزيد من الأقمار الصناعية تغطي الكرة الأرضية وتوسع الاستشعار عن بُعد في أسواق جديدة، فقد تكون هناك ثورة خضراء أخرى وشيكة.
بل إنها ستكون ثورة خضراء وزرقاء؛ لأن المصايد في عرض البحر آخذة في التضاؤل، لأن تربية الأحياء المائية هي المستقبل. وتعدُّ مصر هنا مثالاً رائعًا لما يمكن القيام به؛ فعلى الرغم من موقعها الصحراوي، تنتج مزارع الاستزراع المائي المملوكة للقطاع الخاص 65٪ من أسماك مصر، مما يوفر فرص عمل لأكثر من 800 ألف شخص، كثير منهم من النساء الريفيات.
ومع تطور الأبحاث في علم وراثة الأسماك، والتغذية، والحشرات، وزيادة الغلة وخفض التكاليف، يمكننا توقع المزيد من رواد الأعمال الأفارقة لدخول هذا المجال.
ولن تأتي هذه الثورات الغذائية من جانب العرض فقط، ولكن من جانب الطلب أيضًا. فبحلول عام 2030، لن يكون غريبًا أن نأكل “برجرًا” منتجًا بالكامل من البدائل النباتية للحوم.
إن هذا لا يعني أن استهلاك اللحوم سينخفض. فمع زيادة الدخل، لا سيما في آسيا وإفريقيا، سيزداد الطلب على اللحوم عالية الجودة. والمزيد من التنبؤات الغذائية: أننا سوف نستهلك كميات أقل من السكر، لكن سنستهلك المزيد أيضًا من النيكوتين؛ وفي حين سنستهلك القليل من الكحول، سيزيد استهلاك المواد الأفيونية.
كما سيتغير دفع ثمن البرجر النباتي. فبسبب انتشار العملات الرقمية، ستصدر البنوك المركزية عملاتها الخاصة. وستكون العملات الرقمية للبنك المركزي، معادلة للعملة الورقية لأي بلد، مدعومة باحتياطيات نقدية مثل الذهب والعملات الأجنبية وغيرها من العملات المشفرة مثل بيتكوين Bitcoin أو “إيثريوم”Ethereum ، لكن بلوكتشين blockchain سوف تتوسع قريبًا خارج نطاق الخدمات المالية.
وستستمر السرعة الهائلة التي حلت بها مصادر الطاقة المتجددة محل الوقود الأحفوري في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بلا هوادة، وستنضم إليها حاليًا طاقة الهيدروجين، وربَّما يشكل مفاجأة للبعض ما يتصل بالطاقة النووية. ففي أكتوبر، تلقت شركتان مِنَحًا من وزارة الطاقة الأميركية لتطوير المفاعلات النووية المتقدمة.
إن شركة ” تيراباور” TerraPower التي أسسها “بيل جيتس” و”ناثان ميهرفولد”، سوف تقومان بالجمع بين مفاعل الصوديوم وتخزين طاقة الملح المصهور في وحدات نووية معيارية. وستقوم شركة “إكس إنيرجي” X-Energy، وهي شركة كندية يرأسها العديد من العلماء الجنوب إفريقيين، ببناء مفاعل هيدروجين معياري بقدرة 80 ميجاوات بحلول عام 2027، وستقومان بغلق جزيئات اليورانيوم بطبقة واقية، مع الاحتفاظ بالنفايات بالداخل إلى الأبد، مما يجعله مقاومًا للانهيار.
أمَّا شركة “رولز رويس” Rolls- Royce، فإن لديها خططًا لمفاعلات نووية معيارية. إذ يتوقع أن تكون معظم المدن الكبيرة في طور الحصول على مفاعلاتها النووية المعيارية بحلول عام 2030.
ولن يشهد العقد المقبل تغييرات تكنولوجية فحسب، بل تغييرات مؤسسية أيضًا. فبخلاف العام الأخير من العقد الماضي، اخترت تضمين عام 2020 كجزء العقد الذي بدأ عام 2010، ليس بسبب التقارب مع الأساس التقويمي لحساب العقود، ولكن لأن ذلك العام الكارثي يبدو أفضل مقترنًا بالعقد الضائع السابق في جنوب إفريقيا، حيث ستشهد العشرينيات عودة المدن إلى الحياة.
وفي أجزاء كثيرة من إفريقيا، سوف يتسارع التحضر بشكل أكبر، مما يؤدي إلى تراكم كبير في الخدمات العامة ومستويات حادة من عدم المساواة، كما أنه يغذي الطلب على السيارات الكهربائية ووسائل النقل العام (الكهربائية والآلية).
وستصطدم القوة الاقتصادية الصاعدة للمدن بشكل متزايد بالسلطة السياسية للدولة القومية؛ إذ نتوقع المزيد وليس القليل من الحركات المطالبة بالحكم الذاتي والاستقلال.
إن ذلك هو السبب وراء رغبة معظم البلدان في استرضاء الناخبين من خلال طرح مِنَح الدخل الأساسي.
وعلى الرغم من عدم وجود توافق في الآراء بشأن التأثير طويل الأجل لمِنَح الدخل الأساسي، بالنظر لما إذا كانت السياسات البديلة، مثل التحويلات المستهدفة، لا تلبي المزيد من الدفعات بالنسبة لكل دولار، فإن إدخالها سيكون سياسيًا وليس اقتصاديًا.
إن التحدي الأكبر في خلال العقد المقبل سيتمثل في تغير المناخ، إذ سيشكل أيضًا تحديات سياسية كبيرة. وسيكون لدى علماء الطبيعة والاجتماع الحلول التكنولوجية والاقتصادية لاستباق الأعاصير المدمرة، وتقليل انبعاثات الكربون، وكذلك ما إذا كان يمكن الوصول إلى تعاون عالمي سيعتمد على القيادة السياسية.
وسيتم تقديم دليل واحد من خلال الاستجابة لوباء “كوفيد – 19″، وهي الاستجابة التي شهدت اتساع خط الصدع بين العالم الغني والعالم الذي سيصبح ثريًا قريبًا.
لكن بحلول نهاية هذا العقد، لن يكون تغير المناخ أكبر تحدٍّ يواجه البشرية. فمع الانخفاض السريع في معدلات النمو السكاني، وشيخوخة السكان، والرقمنة والروبوتات حتى العلاقات الحميمة، فإن القضية الأكثر إلحاحًا بحلول عام 2030 ستكون هي “الشعور بالوحدة”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: News24
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر