سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بيتر فابريسيوس
من غير المرجح أن تفي حكومة “إدغار لونجو” بشروط قرض صندوق النقد الدولي في عام الانتخابات. فالعديد من البلدان الإفريقية تغرق أكثر في الديون التي لا يمكن تحملها. وفي نوفمبر الماضي، تجلت تلك المشكلة بالنسبة إلى زامبيا عندما تخلفت عن سداد 42.5 مليون دولار أميركي لسندات دولية. ويلاحظ “بيتر ليون”، الرئيس المشارك لمجموعة إفريقيا في شركة محاماة “هربرت سميث فريهيلز”: “أن الحكومة انطلقت في عمليات اقتراض خلال السنوات القليلة الماضية، ولم تتمكن من السداد”.
لقد تمَّ إنفاق بعض القروض على مشروعات للبنية التحتية الجيدة، مثل الطرق والمستشفيات، والبعض الآخر على الأفيال البيضاء. وربَّما يكون الكثير من هذه القروض قد استقر في جيوب السياسيين. وقد يكون الانخفاض الحاد في سعر النحاس، وهو المصدر الرئيس لصادرات زامبيا، ووباء “كوفيد – 19″، عاملاً أساسيًا لهذه الأزمة. لكن نسبة الدين الخارجي لزامبيا إلى الناتج المحلي الإجمالي تجاوزت 100٪، إلا أنها تعثرت على أي حال.
ودعت زامبيا صندوق النقد الدولي إلى تقديم خطة إنقاذ لها، وأقرت حكومة الرئيس “إدغار لونجو”، على عجل، برنامج التعافي الاقتصادي، في ديسمبر الماضي، لمحاولة إقناع صندوق النقد الدولي بجديتها. لكن “ليون” يشير إلى أن الخطة في الأساس مجرد كلمات أكثر من كونها جوهرية وليست ذات مصداقية. وبعد زيارات استكشافية إلى لوساكا أواخر العام الماضي، لم يعلن صندوق النقد الدولي عن قراره بعد، لكن قِلةً من المراقبين يتوقعون أن يتم تمديد القرض الذي تحتاج إليه زامبيا بشدة. ومن غير المرجح أن يثق صندوق النقد الدولي في التزام حكومة “لونجو” وبقدرتها على التنفيذ الفعلي لأي من الإصلاحات، التي سيطلبها صندوق النقد الدولي كشرط للحصول على القرض، والتي تقوم بشكلٍ أساس على تدابير التقشف.
ويرجع ذلك إلى أن “لونجو” وحزبه الحاكم (الجبهة الوطنية) يواجهان انتخابات صعبة في 12 أغسطس المقبل، في حين أن آخر شيء في أذهانهم هو فرض أية تدابير مثل التقشف على ناخبيهم المحتملين. بل على العكس تمامًا، وكما يشير “سايمون وولف”، رئيس شركة مارلو الاستراتيجية في لندن، فإن “لونجو” أعلن الأسبوع الماضي، أنه سيزيد دعم الوقود، وهو عكس ما كان سيطلبه صندوق النقد الدولي. كما كان صندوق النقد الدولي سيطلب الشفافية بشأن ديون زامبيا، وهي مسألة غامضة جدًا، وهو ما يرجع أساسًا إلى القروض الصينية. فيقول “وولف” إن حجم ديون زامبيا لحاملي السندات الصينيين معروف، حيث تبلغ 3.5 مليار دولار أميركي. لكن تقديرات حجم الدين الصيني تتراوح بين 3 مليارات دولار و20 مليار دولار. ويقول “وولف” إنه ربَّما حتى حكومة “لوساكا” نفسها لا تعرف الرقم الحقيقي؛ لأن العديد من القروض مقدمة لكيانات حكومية دون وطنية.
لقد أصبح هذا الدين الخفي قضية رئيسية بالنسبة لحاملي السندات. ذلك أنهم يترددون في تأجيل مدفوعات خدمة الدين؛ لأنهم يعتقدون أنه سيتم تحويلها لخدمة القروض الصينية. وهنا ما يجعل التساؤلين التاليين أكثر شيوعًا في الفترة المقبلة: هل سيؤتي رفض “لونجو” فرض تدابير تقشفية من صندوق النقد الدولي ثماره؟ هل سيفوز هو والجبهة الوطنية في أغسطس؟. فـ”لونجو” كاد يخسر في عام 2016، حيث حصل على أغلبية ضئيلة بنسبة 50.3٪ من الأصوات. ومن الناحية الموضوعية، كان من المحتمل أن يخسر انتخابات حرة ونزيهة في عام 2016، لذا فإنه يتوقع أن سيخسر معركة عادلة في أغسطس. لكن من غير المرجح أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة تمامًا. كما يقول “ليون” إن قرار “لونجو” بإلغاء قائمة الناخبين القديمة، العام الماضي، ومطالبة الناخبين بإعادة التسجيل من البداية، كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه حيلة لحرمان العديد من ناخبي المعارضة من التصويت.
وتقوم الحكومة حاليًا باستخدام سلاح جائحة “كوفيد – “19 الذي ينتشر في البلاد. ففي الأسبوع الماضي، تذرعت الحكومة بـ”كوفيد – 19” لمنع منافس “لونجو” اللدود وخصمه الدائم “هاكيندي هايتشليما”، زعيم الحزب المتحد للتنمية الوطنية، من السفر إلى إقليم كوبربريلت Copperbelt، وهي منطقة محورية من الناحية السياسية بالنسبة للحملة الانتخابية. فقد كانت المنطقة معقلاً للجبهة الوطنية، لكن “هايتشليما” والحزب المتحد للتنمية الوطنية يسيطرون فيها على مساحات واسعة في الوقت الراهن. ولكسب الدعم من هذه المنطقة، قامت حكومة “لونجو” بدعم شركات التعدين الأجنبية بقوة مثل شركة فيدينتا Vedanta، وجلينكور Glencore وذلك لمواصلة أعمالهم. ومن ثم الحفاظ على الوظائف بها، حتى وإن لم يكن ذلك مربحًا. كما قامت أيضًا بمصادرة خطوط النقل الخاصة بشركة “كوبربيلت للطاقة” Copperbelt Energy Corporation (CEC) من أجل الحفاظ على تدفق الطاقة إلى مناجم النحاس في كونكولا، حيث هددت بقطع الكهرباء بعد فشل كونكولا في سداد الديون المتراكمة عليه.
وكما يقول “ليون”: “تتميز زامبيا بتفكير قصير المدى للغاية، حيث يبدو أن الحكومة لا تفهم جيدًا، فإنك إذا هددت شركات التعدين، فلن تحصل على استثمارات جديدة”. لقد استخدم “لونجو” وسائل مشكوك فيها لخنق “هايتشليما” في الماضي، مثل اعتقاله بتهمة الخيانة خلال حملة 2016 عندما رفضت قافلة ” هايتشليما” إفساح الطريق للسماح من لـ”لونجو” بالمرور. وتتزايد المخاوف من أن حملة هذا العام قد تصبح أكثر عنفًا عن المعتاد. ففي ديسمبر الماضي، قتلت شرطة مكافحة الشغب اثنين من أنصار “هايتشليما” كانوا يتظاهرون خارج مقر شرطة لوساكا، حيث طُلب منهما الحضور للإجابة عن أسئلة حول صفقة خاصة بممتلكات قديمة. ويعتقد “وولف” أن التحزب العرقي لسياسات زامبيا، وفشل “هايتشليما” في حملته بقوة كافية في كوبربيلت ولوساكا، وبعض التلاعب بالعملية الانتخابية، قد يُبقي الجبهة الوطنية في السلطة.
إن معضلة السجين تعدُّ نموذجًا مثاليًا بالنسبة إلى “لونجو” وصندوق النقد الدولي، فقد وصفها “فونتيه أكوم”، المدير التنفيذي لمعهد الدراسات الأمنية، بمأزق زامبيا. إذ يقول إن “لونجو” سيطلق حملة الإصلاح المالي الذي يمكن أن يمضي لحماية فرصه في الاحتفاظ بالرئاسة. ومن المرجح أن ينتظر صندوق النقد الدولي حتى بعد الانتخابات للموافقة على تسهيل ائتماني ممتد من أجل تجنب ظهور التدخل السياسي لدعم مرشح متعثر. وفي غضون ذلك، سيتحمل الزامبيون وطأة البطالة والتضخم، على الرغم من أنه لا يوجد جديد في لغة “لونجو”، ولا حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي يمكن أن يضمن نتائج تنمية اقتصادية إيجابية.
وهناك تذكير آخر، بما في ذلك جميع البلدان الإفريقية الأخرى التي تدور في أتون الإخفاقات والتخلف عن سداد الديون، فعندما تترك الأمور تسوء لدرجة أنك تحتاج إلى الاتصال برقم 911 (أو أيًا كان رقم هاتف صندوق النقد الدولي في واشنطن)، فمن المرجح أن تكون النتيجة رهيبة. ويعتقد “وولف” أنه رغم ارتفاع أسعار النحاس خلال الأشهر القليلة الماضية، لن يتم يحل المشاكل الاقتصادية في زامبيا. إذ يقول إن الأسعار المرتفعة “تتأرجح فوق التصدعات في الاقتصاد (وربَّما تملأ صناديق الحرب الانتخابية)”. لكن سوء إدارة الحكومة لقطاعي التعدين والطاقة “يمنع البلاد من تسخير إمكانات النحاس الكاملة”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: معهد الدراسات الأمنية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر