انعدام الكفاءة | مركز سمت للدراسات

كيف تبدو القوى العاملة الحكومية في العصر الرقمي؟

التاريخ والوقت : الأربعاء, 20 يناير 2021

 إيرنست ويونغ

إذا لم تبذل الحكومات جهوداً واسعة لمواكبة باقي العالم، من الناحية الرقمية، فستواجه -في أفضل الأحوال- مخاطر انعدام الكفاءة.

عندما تفشى فيروس كورونا المستجد في جميع أنحاء العالم، اضطرت ملايين الشركات إلى تعديل أساليبها حتى تتمكن من إعداد موظفيها للعمل عن بُعد.

ولولا توافر مهارات محو الأمية الرقمية والمعدات المناسبة والفكر الاستباقي، لكان تنفيذ هذا التحول صعباً -إن لم يكن مستحيلاً- بالنسبة إلى العديد من الشركات. وربما يمكننا أن نقول نفس الشيء عن الحكومات في شتى أنحاء العالم في العصر الرقمي الحالي، فالعالم يتغير بشكل كبير وبوتيرة سريعة للغاية، وإذا لم تبذل الحكومات جهوداً واسعة لمواكبة باقي العالم، من الناحية الرقمية، فستواجه -في أفضل الأحوال- مخاطر انعدام الكفاءة. لنستكشف هذا الأمر معاً من خلال مثال بسيط.

باتت الطريقة التي يتواصل بها كبار القادة الحكوميون والسياسيون والعاملون في مؤسسات القطاع العام مع الجمهور، في العصر الحالي، مباشرة على نحو أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى. على سبيل المثال، يمكننا أن نلاحظ كيف يستخدم هؤلاء الأشخاص حساباتهم على منصات فيسبوك وتويتر وإنستقرام للتواصل المباشر مع المواطنين، أو على الأقل تكليف أحد الأشخاص للاضطلاع بهذه المهمة نيابة عنهم.

إن نشاط الحكومات والأشخاص النافذين بها على وسائل التواصل الاجتماعي يتيح لها التمتع بقدر من الشفافية ويضفي عليها صبغة إنسانية، وهو ما يفسح المجال للشعوب التي تخدمها هذه الحكومات لرؤيتها في صورة أكثر جدارة بالثقة. سيساورنا شعور مفاجئ بأن الأشخاص الذين يديرون الحكومات لا يختلفون كثيراً عن أصدقائنا وأفراد عائلاتنا ومعارفنا الذين نتابعهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

هل تواكب الحكومات العصر؟
المثال السابق ليس أكثر من وسيلة بسيطة تستطيع من خلالها الحكومات العمل في العصر الرقمي. ومع ذلك، ولكي تنجح الحكومات حقاً في هذا العصر الرقمي، فإنها تحتاج دوماً إلى البقاء على اطلاع على آخر مستجدات التكنولوجيات والعمليات، وألا تتوقف عند استكشاف كيفية استخدام هذه التكنولوجيات في أعمالها اليومية، وإنما ينبغي عليها التفكير في كيفية إصلاح نموذج التشغيل الحكومي الحالي بشكل جذري.

نشر موقع هارفارد جازيت، في شهر فبراير 2019، مقالة تزعم أن حكومات الولايات المتحدة لم تقم بما يكفي لمواكبة شركات التكنولوجيا. كما توضح المقالة أنه إلى أن تبذل الحكومة العناية اللازمة، فإن قدرة القوى التكنولوجية الكبرى على تشكيل المجال السياسي والسياسات العامة ستستمر في النمو دون ضوابط مناسبة.

ونقلت المقالة عن سوزان كراوفورد الأستاذة بكلية هارفارد للحقوق، قولها إنه في الوقت الذي ينهار فيه نظام مترو الأنفاق في الولايات المتحدة، تقوم شركة أمازون ببناء مهبط للمروحيات، مضيفة أن “الرعاية الصحية والنقل والاتصالات… كلها ضرورية لأميركا، ومع ذلك يمكن لهذه الشركات العملاقة البناء حولها”. وقالت إن هذه الأمور توضح وجود أمر ما “خاطئ للغاية” في الحكومة الأميركية.

محو الأمية الرقمية هو الحل
في هذا العصر الرقمي، لم تعد معرفة كيفية الاستفادة من التكنولوجيا تقل أهمية عن معرفة القراءة والكتابة. ومع استمرار التكنولوجيا في أتمتة العمليات وتحولها إلى جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فإن أولئك الذين لا يتقنون استخدامها -على اختلاف مستوياتهم من المواطن العادي وحتى أعلى مسؤول حكومي- لن يتمتعوا بالمهارات المطلوبة لتحقيق الازدهار.

وكانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) قد أصدرت تقريراً، عام 2019، يؤيد الادعاء الوارد في موقع هارفارد جازيت، لكن نطاق المنظمة كان أكبر بكثير.

وفقاً للتقرير فإنه “ينبغي على الحكومات مضاعفة جهودها بشكل عاجل، لتحسين سياساتها التعليمية والتدريبية لمساعدة المزيد من الناس على جني ثمار التحول الرقمي، والحد من مخاطر اتساع نطاق عدم المساواة وزيادة البطالة نتيجة عمليات الأتمتة”.

فضلاً عن ذلك، بحثت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أوضاع أسواق العمل على مستوى العالم وكيفية تطورها استجابة للتغيرات التي تشهدها التكنولوجيا. وقد وجدت أن بلجيكا والدنمارك وفنلندا وهولندا والنرويج والسويد من بين الدول القليلة التي تسير في المسار الصحيح نحو الازدهار في عالم رقمي، فيما تتخلف دول أخرى عن الركب.

على سبيل المثال، بالرغم من أن اليابان وكوريا من القوى الكبرى المعروفة في صناعة التكنولوجيا، إلا أنهما لا يبذلان جهوداً كبيرة لضمان قدرة سكانهما المسنين على مواكبة العصر. كما يفتقر سكان تشيلي واليونان وإيطاليا وليتوانيا وجمهورية سلوفاكيا وتركيا إلى المهارات اللازمة للازدهار في عالم تحركه التكنولوجيا، وبالتالي فإنهم في وضع أضعف مقارنة بالدول التي تركز على التكنولوجيا.

إيجاد حلول للتفاوتات في محو الأمية الرقمية
يتمثل الحل الأول والأكثر أهمية للتفاوتات في محو الأمية الرقمية في القدرة على إدراك أن الزمن يتغير وإيجاد الحافز على مواكبة هذا التغير. ويتعين على الحكومات في مختلف أنحاء العالم أن تتبني عقلية النمو بطرق عديدة، أي فهم أننا أصبحنا أفضل حالاً من خلال البحث عن المزيد من المعلومات الجديدة، وأننا على استعداد للتكيف ونحن نتعلم.

ومع شروع الحكومات في التصدي لمشكلة التفاوت في محو الأمية الرقمية بشكل عام، ينبغي عليها أيضاً أن تقدم حلولاً ملائمة للقوى العاملة بها عبر توفير التدريب المناسب، وتعزيز التعليم داخل الوظائف، وتطبيق محو الأمية الرقمية في الأنظمة التعليمية منذ البداية.

إن تيسير الوصول إلى التكنولوجيا وتطبيقها في العمليات بهدف زيادة الكفاءة، سيمكّن الحكومات من معاملة مواطنيها بإنصاف ووضع كل فرد على طريق النجاح.

المصدر: technologyreview

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر