الإيغور يخشون خيانة تركيا المتعطشة للأموال الصينية | مركز سمت للدراسات

الإيغور يخشون خيانة تركيا المتعطشة للأموال الصينية

التاريخ والوقت : الخميس, 7 يناير 2021

قبل أربع سنوات، كانت آخر زيارة يقوم بها جيفلان شيرميميت، من إسطنبول، حيث يدرس القانون، إلى مدينته شينجيانغ الصينية. في حينها، أعدت له والدته الموظفة الحكومية سوريي توريون، طبقه المفضل يخنة لحم الضان والجزر.

كانا قريبَين جداً من بعضهما بعضاً، ولكن بعد عام ونصف العام، عندما اشتدت حملة بكين على الإيغور قامت بحذف اسمه من تطبيق “وي تشات”، تطبيق التراسل الصيني”. وسمع من آخرين أنها نُقلت مع أبيه وأخيه الأصغر إلى أحد معسكرات “إعادة التثقيف”.

كانت جريمتها أن لديها ابناً يدرس في الخارج. يخشى شيرميميت، وآلاف الإيغور غيره ممن يعيشون في تركيا، أن معاهدة تبادل تسليم المجرمين التي تريد بكين من أنقرة أن توقِّع عليها سوف تعرضهم إلى خطر الترحيل إلى الصين؛ وهذا قدر يجب عليهم تجنبه مهما كلف الأمر. يقول شيرميميت ذو الأعوام التسعة والعشرين الذي يعيش في إسطنبول منذ عام 2011: “سوف يعذبوني أو يرسلوني إلى أحد معسكرات الاعتقال ليحولوني إلى عامل سخرة”.

يأمل شيرميميت بأن تتمكن تركيا من مقاومة الضغوط الهائلة التي يقول الدبلوماسيون إن بكين تضعها عليها من أجل الموافقة على المعاهدة التي تدَّعي الصين أنها وضعت بهدف محاربة الإرهاب. ولكن يخشى كثيرون من أن هذه المعاهدة ستستغل لاستهداف الإيغور، وأن بكين سوف تستغل حاجة أنقرة الماسة إلى الاستثمارات الأجنبية للضغط عليها كي توقّع.

يقول مصدر مقرب من حزب الشعب الجمهوري المعارض: “إنها عملية مقايضة بالتأكيد.. لقد أبعدوا الدول الغربية ولم يبقَ لديهم حبل نجاة يتمسكون به سوى الصين”.

إلا أن وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو، قال في الأسبوع الماضي إنه سيكون “من الخطأ ومن الظلم أن يُقال إن هنالك صفقة لتسليم الإيغور.. نحن أكثر حساسية من غيرنا لمثل هذه القضايا”.

تستضيف تركيا ما يقارب 15,000 من الإيغور الحائزين على تأشيرات إقامة رسمية، وأكثر من عشرة آلاف ممن لا يحملونها، في ما يُنظر إليه على أنه أكبر تجمع للإيغور خارج الصين، ولطالما انجذب الإيغور -وهم من جذور تركمانية- إلى تركيا بسبب الدين والروابط الثقافية المشتركة.

وضعت الصين نحو مليون من الإيغور في مخيمات “إعادة التثقيف”؛ حيث تقول جماعات حقوقية إنهم محتجزون ويخضعون لعملية التلقين السياسي الإجباري. كما أُلقي بالآلاف غيرهم في السجون؛ حيث تحدث مَن تمكن منهم من الفرار عن تعرضهم إلى التعذيب. والصين تنكر هذه الاتهامات، وتقول إنها تحارب المتطرفين.

كانت تركيا قد بدأت مؤخراً بحملة لقمع المهاجرين، وقامت بترحيل المئات -بعض مجموعات حقوق الإنسان تقول الآلاف- من اللاجئين السوريين؛ مما أثار مخاوف المجتمع الإيغوري. ومع أنه لم يتم ترحيل أي شخص إلى الصين، فقد تم رفض العديد من طلبات الإقامة الضرورية من أجل العيش والعمل في تركيا. كما تم ترحيل آخرين إلى دول أخرى؛ حيث يقول أقرباؤهم إن هذه الدول قد قامت بترحيلهم إلى الصين.

ومع تدني شعورهم بالأمان في تركيا فرَّ عدد كبير من الإيغور إلى أوروبا. وأفاد كثير ممن تم التواصل معهم، الأسبوع الماضي، أنهم يحاولون الذهاب إلى ألمانيا أو فرنسا؛ لأنهم يعتقدون أنه في حال تم التصديق على المعاهدة، فإن الحكومة الصينية لن تتردد في اختلاق دليل على تورطهم في أنشطة إرهابية لتبرير ترحيلهم إلى الصين. يقول شيرميميت: “إنهم أساتذة في التزييف”.

كان قد سبق لمسؤولين صينيين أن اتهموه بالسفر إلى مصر، التي لم يزرها مطلقاً، وبالتورط في أعمال مشبوهة هناك. “إنهم يستعملون مثل هذه الحيل والوثائق المزورة لتقديمها إلى السلطات التركية؛ بهدف ترحيل الناس إلى الصين”.

هنالك الكثير من التعاطف مع الإيغور في تركيا. فعلى عكس الكثير من الزعماء المسلمين فقد أدان الرئيس رجب طيب أردوغان، أعمال القمع التي تمارس ضدهم. ولكن تركيا لم تكن من بين الدول الأربع وعشرين التي دعت في الأمم المتحدة عام 2019 إلى إجراء تحقيقات في انتهاكات لحقوق الإنسان ضد الإيغور.

وأردوغان الآن في موقف صعب: فالليرة التركية قد تهاوت، وأصبح الكثير من الأتراك يعانون في سبيل تأمين سبل عيشهم. وانخفضت معدلات التأييد التي كان يتمتع بها الائتلاف الحاكم بشكل مطرد. كما أن المشاحنات مع الغرب ومع العديد من دول الخليج، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضت مؤخراً، قد تركت أثراً مؤلماً على التجارة في تركيا، وهنالك حاجة ماسة جداً إلى الاستثمارات الصينية.

 

المصدر: qposts

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر