سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تسبب وباء «كورونا» في انهيار الأنشطة التجارية في العديد من القطاعات في كافة أنحاء العالم، ولا يزال هذا التأثير قائماً إلى الآن بصورة لم يكن يتوقعها أحد، الأمر الذي أدى إلى معاناة بعض أقوى الاقتصادات من حالة ركود. من ناحية أخرى، نجد أن نقمة الوباء كانت بمثابة نعمة لبعض نماذج الأعمال، لاسيما في صناعة التكنولوجيا، التي شهدت نمواً غير مسبوق خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويعد سوق التكنولوجيا المالية من بين القطاعات، التي استفادت من الوضعية التي أوجدها الوباء، حيث حقق مكاسب كبيرة. لقد أجبر الوباء المنافذ المختلفة على الإغلاق لفترة طويلة، وتجنّب المستهلكون الذين يشعرون بالقلق، القيام بعمليات التسوق التقليدية حتى بعد إعادة فتح المتاجر، الأمر الذي مهّد الطريق لحلول الدفع عن بُعد بدون معاملات نقدية مباشرة. وشهدت أوروبا، وفقاً لدراسة أجرتها مجموعة ديفير العالمية للاستشارات المالية، زيادة بنسبة 72% في استخدام تطبيقات التكنولوجيا المالية في أسبوع واحد فقط خلال الفترة الأولى لانتشار الوباء. ولُوحظ ظهور اتجاه مماثل لذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث من المتوقع أن تسجل معاملات سوق التكنولوجيا المالية 2.5 مليار دولار بحلول عام 2022.
حلول لمواجهة تباطؤ الطلب
تم إنشاء شركة «تابي» في عام 2019، وهي شركة تكنولوجيا مالية ناشئة في الإمارات. وتُمكن الشركة المؤسسات التجارية المختلفة من تقديم خيارات الدفع المؤجل للمتسوقين بالنسبة لمشترياتهم دون الحاجة للقيام بأي معاملات بنكية أو حتى استخدام بطاقة ائتمان. وتوفر الشركة للمستهلكين إما الدفع بعد 14 يوماً من استلام المنتج بدون فوائد، أو الدفع على أقساط على مدى عدة أشهر.
بعد ثلاثة أشهر من انتشار الوباء في المنطقة، استطاعت شركة «تابي» جمع 7 ملايين دولار في جولة تمويل بقيادة صندوق «رائد فنتشرز». وتحتاج الشركة إلى رأس مال لتمويل توسعها وتنمية أعمالها في المملكة العربية السعودية.
خلال شرحه لأهمية إتاحة هذه الخيارات البسيطة للدفع الائتماني في المنطقة بعد انتشار جائحة «كوفيد 19»، يقول الرئيس التنفيذي لشركة «تابي» حسام عرب: «اتضحت في تلك الفترة الأهمية القصوى للتوصل إلى حل يُعالج مسألة التباطؤ في عملية الطلب من جانب المستهلكين».
ازدهار التسوّق الإلكتروني
من جهته، يقول الرئيس التنفيذي لشركة «فوري» لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية أشرف صبري: «نتيجة لظهور الوباء، ارتفعت عمليات التسوق عبر الإنترنت على مستوى العالم بنسبة 55%، حيث أصبح الناس يميلون أكثر للتواصل عن بُعد وتفادي التواصل المادي المباشر، واستخدام مناطق لاستلام احتياجاتهم، والاستعانة بخدمات التوصيل لتجنب خطر الإصابة بالوباء».
وقد أصبحت مؤخراً شركة «فوري»، التي تعتبر منصة للمدفوعات الرقمية وخدمات التكنولوجيا المالية، أول شركة ناشئة مصرية في مجال التكنولوجيا تتخطى قيمتها مليار دولار، حيث وصلت قيمتها السوقية إلى 20 مليار جنيه (ما يعادل 1.3 مليار دولار) بعد أن تضاعفت تلك القيمة أربع مرات خلال فترة «كوفيد 19».
وفي ظل التطور الذي يشهده قطاع التكنولوجيا المالية في المنطقة، فقد كان ظهور الوباء بمثابة فرصة للمشروعات المحلية لحل المشكلات الجديدة التي ظهرت على الساحة، وإثبات أن خدماتها ذات نفع للعملاء، الذين يتسمون بالحيطة والحذر. وتعمل شركات المنطقة جاهدة لإحداث ثورة في تجربة الدفع بالنسبة للمتسوقين. ومن بين العديد من الإيجابيات، التي ساهمت هذه الشركات في طرحها، أنها أعادت للمشهد فكرة الدفع على أقساط، حيث أصبحت هذه الميزة متاحة لكل من المستهلكين والشركات.
وفي معرض وصفه لمشهد التكنولوجيا المالية في مصر، يضيف صبري قائلاً: «ساهمت شركات التكنولوجيا المالية في مصر، بالتعاون مع الحكومة والبنك المركزي المصري، في زيادة الوعي بين العملاء باستخدام خدمات الائتمان بدلاً من النقد، والتأكيد أكثر على عامل الأمان في هذا النوع من المعاملات المالية، والقضاء على الاحتيال، علاوةً على فوائد أخرى أكثر من النقد».
وتُتيح شركة «فوري» حالياً عمليات الدفع غير النقدية للخدمات الحكومية، وفواتير الخدمات، والمصروفات الدراسية الجامعية، وعمليات الشراء في متاجر البيع بالتجزئة، وحتى دفع التبرعات. ويتم قبول مدفوعات «فوري» في شبكة تضم أكثر من 165 ألف نقطة بيع في جميع أنحاء مصر، بالإضافة إلى بوابة الدفع عبر الإنترنت المعروفة باسم «فوري-باي». ويسمح كلا النظامين لحاملي بطاقات الائتمان بتقسيم المعاملات بسهولة إلى أقساط متساوية ثابتة بناءً على الخطط المتاحة لمدة 3 أو 6 أو 9 أو 12 شهراً.
ويقضي هذا الخيار على الكثير من التعقيدات والتكاليف الإضافية للتعامل من خلال البنوك، ويجعل خدمة «الشراء الآن والدفع لاحقاً» متاحة لكافة العملاء.
سوق مزدهر وأهداف تنموية
لا يلوح في الأفق ما يشير إلى أن سوق التكنولوجيا المالية سوف يعاني من أي موجة تباطؤ في هذا الجزء من العالم. وتستهدف «رؤية مصر 2030» إلى تحقيق التحول الرقمي الكامل باعتباره هدفاً استراتيجياً لتحقيق أهداف التنمية وتعزيز مكانة الدولة في الاقتصاد العالمي.
ويشرح أشرف هذه النقطة بقوله: «في ظل وجود 42% من التركيبة السكانية في مصر ممن تتراوح أعمارهم بين 15 – 40 عاماً، فإنها تمثل بذلك سوقاً جاذباً يحمل مقومات النمو بالنسبة للشركات، التي ستأخذ زمام المبادرة بالعمل في مجال التكنولوجيا المالية».
وتظهر تحولات سكانية وأهداف تنموية مشابهة في دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وإذا ما أضفنا إلى كل هذه العوامل معدل انتشار الهواتف الذكية في المنطقة، الذي يتراوح ما بين 40% إلى 50%، سنجد أن المنطقة تتمتع بكل المقومات التي تؤهلها لأن تصبح بمثابة منجم ذهب لخدمات التكنولوجيا المالية خلال السنوات القليلة القادمة.