البرلمان الأوروبي | مركز سمت للدراسات

هل ستدخل تركيا مرحلة جديدة من الصراع مع الاتحاد الأوروبي؟

التاريخ والوقت : الأحد, 6 ديسمبر 2020

لواء دكتور سمير فرج

 

أعلنت تركيا سحب سفينة التنقيب عن الطاقة «أوروتش رئيس» من المناطق المتنازع عليها مع اليونان وقبرص في منطقة شرق المتوسط، وأكدت تركيا عودة السفينة إلى ميناء أنطاليا جنوب تركيا. وجاء قرار تركيا لتجنب إصدار أي عقوبات في قمة الاتحاد الأوروبي التي ستعقد بعد أسبوعين، وكانت تركيا قد سحبت هذه السفينة من المياه المتنازع عليها قبل القمة السابقة للاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي خوفًا من صدور أي عقوبات ضدها لكنها أعادت إرسال هذه السفينة مرة أخرى، بعد ما وصفت تركيا قرارات القمة الأوروبية السابقة بأنها غير مرضية، ولكن هذه المرة الأمر أصبح مختلفًا لأن البرلمان الأوروبي وافق في قرار غير ملزم الشهر الماضى بناءً على طلب تقدمت به قبرص يطالب بفرض عقوبات على تركيا، ردًا على زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى شمال قبرص التي تحتلها أنقرة بعد غزو عسكرى عام 1974 وأقامت عليه جمهورية من طرف واحد لم تعترف بها أى دولة أخرى في العالم غير تركيا.

وحث قرار البرلمان الأوروبي قادة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ إجراءات وفرض عقوبات صارمة على تركيا، حيث وصف البرلمان الأوروبي قيام تركيا بهذه الأنشطة في التنقيب في مناطق مشروعة لليونان في نطاق الجرف القاري بها بأنها غير قانونية، ومن المنتظر ألا تقتصر العقوبات على أشخاص بل ستمتد إلى الشركات المساهمة في التنقيب عن الغاز، كذلك من المنتظر أن تشمل العقوبات إغلاق الموانئ الأوروبية في وجه تركيا وحرمانها من قطع الغيار، كذلك فرض عقوبات من البنوك الأوروبية على الشركات القائمة بأعمال التنقيب وقد تتصاعد هذه العقوبات بعد ذلك- كما ألمح جوزيب بوريل- لتشمل قطاعات اقتصادية بأكملها في تركيا

..خاصة أن الاقتصاد التركي والأوروبي مرتبطان ببعضهما منذ زمن بعيد مما سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد التركي، حيث تشير التقارير إلى أن الاتحاد الأوروبي سبق أن أعلن عن حزمة عقوبات على تركيا في عام 2019 حين قرر قطع المساعدات المالية التي يقدمها لتركيا وإعادة النظر في دعم القروض المقدمة من بنك الاستثمار الأوروبي.

وعلى الجانب الآخر فإن تركيا تلوح دائمًا لدول الاتحاد الأوروبي بأنه في حالة اتخاذ أى قرارات اقتصادية ضدها خصوصًا بعد الموقف الاقتصادى المتردي في تركيا فإنها تلوح دائمًا بالرد الفورى وهو إطلاق الثلاثة ملايين من اللاجئين السوريين الموجودين في معسكرات داخل تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبى الأمر الذى سيسبب انزعاجا شديدا لهذه الدول، رغم أن الاتحاد الأوروبي يدفع لتركيا كل عام 3 مليارات يورو لإيوائهم ومنعهم من الاندفاع داخل دول الاتحاد الأوروبي. وهناك مشكلة أخرى تنتظر تركيا من دول حلف الناتو وهى بدء تشغيل النظام S400 الروسي الذى اشترته تركيا ليكون ضمن منظومتها الدفاعية، الأمر الذى أقلق دول حلف الناتو الذى تعتبر تركيا أحد أعضائه، ورغم وصول هذه الصواريخ إلى تركيا إلا أن دول حلف الناتو قد أرسلت تهديدًا مباشرًا لتركيا لمنع تشغيل هذه المنظومة، وفي حالة ضرب تركيا عرض الحائط بتهديدات حلف الناتو وقيامها بتشغيل هذه المنظومة فإن الناتو سوف يتدخل بشدة ضد تركيا خاصة أن الكونجرس الأمريكي أصدر عقوبات ضد تركيا فور شرائها هذه المنظومة، لكن الرئيس ترمب قام بتأجيل تنفيذ هذه العقوبات على أمل عدم تشغيل تركيا هذه المنظومة، خاصة أن عدد القواعد الأمريكية داخل تركيا كبير ومنها قاعدة أنجرليك الجوية التي تقوم الولايات المتحدة بتخزين أكثر من خمسين رأسا نووية فيها للمناورة بها فور حدوث أي تهديدات مباشرة في منطقة الشرق الأوسط أو في اتجاه الاتحاد السوفيتي في السابق وروسيا حاليًا.

كل هذه المشكلات التي تواجه تركيا الآن مع استمرار تواجدها العسكرى فى شمال سوريا وشمال العراق ومنطقة الصراع فى ناغورنو كاراباخ، وتأييدها لحكومة الوفاق في طرابلس عسكريًا، ونقل المرتزقة من شمال سوريا إلى طرابلس مع العمل على إيقاف أى عمليات لحل المشكلة الليبية، وعلى المستوى الداخلى يواجه أردوغان صعوبات اقتصادية حيث بدأ تدهور الليرة التركية لأدنى مستوى الأمر الذى أدى إلى بيع 10% من أصول البورصة التركية الشهر الماضي إلى قطر، ومن هذا المنطلق بدأت عناصر المعارضة التركية في مهاجمة أردوغان لكل هذه الجبهات التى يخوض حروبه فيها، كذلك اعتراضهم على العداء المباشر لمصر، وأخيرًا جاءت عملية الاعتقالات لعناصر المعارضة هذا الشهر الذين بلغ عددهم حوالى 60 ألف مواطن تركي، ومن هنا يرى المراقبون أن التحرك التركي ضد الاتحاد الأوروبي وخلافه مع حلف الناتو سوف يسبب لتركيا مزيدًا من التعقيدات خصوصًا في الوضع الاقتصادي، كل ذلك أحدث هزة في الاقتصاد التركي في الفترة السابقة، وأمام كل هذه المشاكل التى تواجه تركيا حاليًا قامت تركيا بسحب سفينة التنقيب عن الطاقة من أمام سواحل قبرص، في محاولة لاحتواء أى مشاكل قادمة مع الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو الأمر الذى قد يعجل بنهاية حكم أردوغان بدلا من الانتظار للانتخابات القادمة.

 

المصدر: المصري اليوم

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر