تفكيك المعادلة اليمنية | مركز سمت للدراسات

تفكيك المعادلة اليمنية

التاريخ والوقت : الأربعاء, 6 سبتمبر 2017

عبدالله الجنيد

“لا بدَّ من صنعاء وإن طال السفر”. إن كانت الحكمة يمانية، فإن أهداف عاصفة الحزم لم تزل قائمة، متمثلة في احتواء الأزمة اليمنية بكل أبعادها ضمن الحدود اليمنية، وإعادة الاستقرار، وأخيرًا إطلاق عملية الانتقال السياسي حسب ما توافق عليه اليمنيون في حوارهم الوطني. غير أن معضلة اليمن الكبرى، ليست في الحرب، أو تداخل وتعارض المصالح الوطني منها والخارجي، بل في إرث نظام علي صالح السياسي الذي سرطن هوية العمل السياسي يمنيًا. وها هو اليوم نفس الحاوي يستغل صنعاء جزرة وعصا.

علي عبدالله صالح لم يبنِ نظامًا سياسيًا، بل منظومة مصالح متكافلة لا يملك أحدها القدرة على الحياة خارج هذا الوعاء المخبري المسمى بيمن صالح. كل الأحزاب السياسية كانت تعتاش على النظام، وأذرعه الأخطبوطية كانت تتجاوز جيوب الأحزاب إلى داعميها الخارجيين وقتما شاء. والمضحك أن من علَّم الصوماليين القرصنة، كان البحرية اليمنية عندما كان صالح يستخدمهم في فرض الإتاوات على سفن الصيد العاملة في المياه اليمنية.

ظروف حرب 1994 التي فرضت مخرجاتها علينا، لم تعد قائمة الآن، لذلك علينا النظر إلى اليمن من حيث أهدافنا الاستراتيجية إن استمر عجز القيادة الوطنية في تفعيل رؤية منبثقة من التوافقات اليمنية، وأولها إطلاق مشروع الحكم المحلي في المناطق المستقرة، بدل المحاصصة السياسية القائمة والمربكة للجهد السياسي والعسكري في ذات الوقت. اليمن أكبر من أن يترك ليُدار من قبل مركبات المعادلة السياسية اليمنية، ليس فقط لافتقارها الإرادة، بل القدرة . الحالة اليمنية لا تختلف كثيرًا عن حال المعارضات السورية، فكلاهما يفتقد الوجود الفاعل وطنيًا.

ما يحتاج إليه اليمن، هو ما نحتاج إليه نحن كذلك، أي إيجاد معادلة قادرة على حسم الموقف من صنعاء وإنهاء هذا الموقف؛ لأن كلفة التأخير متصاعدة سياسيًا وإنسانيًا، وأن فرضية الركون إلى عفريت العلبة صالح، ستكون ذات كلفة أعلى يمنيًا لاحقًا. لقد كانت فكرة دخول الجيش اليمني صنعاء، خيارًا غير مرغوب فيه سابقًا، إلا أن إعادة التفكير في ذلك هو واجب الآن. فالجيش اليمني، هو أداة دستورية شرعية، وقد يكون ذلك الأمر، هو الامتحان الواجب أن تخوضه الشرعية لإثبات شرعيتها وطنيًا.

قبل شهور بعيدة، كتبت مقالي الأخير في تناول ملف التعليم خليجيًا، والإشكالية ليست في فلسفة التعليم، بل في التردد في مواجهة ثقافة مؤسسات التعليم، وذلك ينطبق على اليمن تمامًا. اليمن القائم، حتى بعد خلع علي صالح، ما زال هو نظام علي صالح من حيث الثقافة الوطنية، وعلى الإخوة اليمنيين الاعتراف بذلك قبل إضاعة المزيد من الوقت. ولو تمَّت المفاضلة السياسية الآن بين استعادة صنعاء، أو الحديدة، أو تعز، فيجب أن يكون القرار صنعاء أولاً، لأن العالم يتطلع إلى قرار يحسم هذا الصراع على وجه السرعة. وللمرة الأخيرة أكتب، إن تأخير إطلاق الإدارات المحلية في المناطق المستقرة، سيحيي نظام صالح المسرطن. أما في حال تقرر دخول صنعاء، فيجب التعامل مع كل من يحمل السلاح في وجه الشرعية الوطنية بحزم مطلق؛ لأنها الخطوة الأولى الواجبة للتعافي من إرث نظام صالح .

كاتب ومحلل سياسي بحريني*

@aj_jobs

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر