سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
لم تترك جائحة “كوفيد – 19” التي أصابت العالم، مطلع العام الجاري، أيًّا من مناحي الحياة إلا وأثرت فيه. وبطبيعة الحالة كان ميدان العلاقات العامة والقيادة، أحد تلك الميادين التي تأثرت بالجائحة. فالعالم مر بتجربة عصيبة من الإغلاق التي جعلت من “العمل من خلال المنزل” شعارًا منتشرًا بكافة أنحاء المعمورة. لكن العمل من خلال المنزل ينطوي – بداهة – على عدد من الإشكاليات التي تتصل بجوهر العمل وطبيعته وآلياته ومرونته، فضلاً عن اتصالها بالصحة النفسية والعقلية للقادة، وكذلك علاقاتهم الأسرية والاجتماعية أيضًا.
يأتي كتاب “القيادة من المنزل: إرث الإغلاق” كمحاولة من الكاتب والأكاديمي البريطاني “تيم جونس” لتناول إشكالية العمل من المنزل، إذ يتطرق لعدد من الجوانب المتصلة بتلك الإشكالية. والكاتب هو أكاديمي متخصص في تطوير التعليم المعتمد على البيانات، بجامعة بيرمنجهام البريطانية، وله خبرة عريقة في تطوير استراتيجيات التعليم والتطوير. لهذا يتناول الكاتب استراتيجيات العمل من المنزل في إطار نظريات القيادة المتعددة.
يبدأ الكتاب باستكشاف بعض القضايا المتعلقة بالعمل المكتبي، إذ لم يعد كل شيء متصل بالعمل المكتبي جيدًا، فقد تغير ذلك الأمر منذ الخمسينيات بالتزامن مع التقدم الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات. فالمكاتب في وضعها الحالي، لم تعد مناسبة لأغراضها على الإطلاق؛ إذ تشجع في بعض الأحيان على أنماط سلبية من المواقف، كاحترام التسلسل الهرمي، والتقوقع في المكتب، والإصرار على تكديس العمل في أماكن محددة ومقيدة بساعات محددة للعمل، رغم أنه لم يعد أحد يعيش على هذا النحو. وبدلاً من الشعور بالحنين للعمل المكتبي، اتجه القادة للتركيز على طبيعة العمل، وليس على طبيعة المبنى المادي. فتغير الأمر بعد أن كانت عقليتهم تتمركز حول الذهاب والإياب من أماكن معينة يوميًا وهي مقرات العمل؛ وهو ما دفع الكاتب للبحث في السبل البديلة لهذا الوضع، والتي توصل من خلالها لإمكانية العمل من خلال المنزل كبديل لتلك الأنماط التقليدية للعمل بالمكاتب.
القسم الثاني من الكتاب يثير عددًا من القضايا المتصلة بالعمل من المنزل، إذ لا يمتلك كل الأفراد – بالضرورة – إمكانية القيام بها، نظرًا لعدم توفر مكتب مخصص لديهم للعمل بمنازلهم، فضلاً عن اتجاه البعض الآخر للبحث عن مشاركة مساحات عامة ومشتركة للعمل من خلالها، وهو ما يتبعه إشكاليات متصلة بالمكان العام الذي يجد القادة أنفسهم مضطرين للتعامل معه. كما يصعب على البعض فرض جداول أعمالهم على عائلاتهم، إذ يقيدون في بعض الأحيان بممارسة أنشطة منزلية معينة كاللعب مع الأطفال، وممارسة الحياة الأسرية بشكل طبيعي.
يرى الكاتب أن القادة في حاجة لاكتساب المزيد من الثقة والمرونة والقابلية للتكيف كلما زادت أعمالهم. لكن كسب الثقة يبدأ بالتعاطف، ومن الأمثلة على ذلك يمكن الإشارة إلى مكالمات الفيديو التي تشهد قدرًا من الجدل نتيجة التضارب بين رؤية القادة أثناء وجودهم في منازلهم ومتطلبات العمل. فالقادة يرون أنه بإمكانهم تحديد النطاق الزماني للاتصال عبر التطبيقات المرئية مثل “زوم” Zoom، في حين قد لا يتطابق ذلك مع متطلبات العمل الحقيقية، كما أن ذلك ربَّما يصطدم بالظروف العائلية للقادة في بعض الأحيان.
وفي قسم آخر، يغطي الكتاب قضية قيادة الذات Self leading، فيقول إن القناعة بالذات تسبق دائمًا قناعة الآخرين بقيادتك لهم. وهو ما يفرض عددًا من النصائح والأفكار حول القضايا الجسدية والعقلية التي تفرضها القيادة من المنزل، وهو ما يتناوله الكاتب من خلال قضايا ذات فاعلية كالاتصالات، والتدريب، والقيادة الأخلاقية.
وعلى خلفية تجربة الإغلاق التي تعرض لها العالم نتيجة لأزمة جائحة “كوفيد – 19″، يشير الكاتب إلى العمل المنزلي كأحد متطلبات الحياة خلال مرحلة ما بعد “كوفيد – 19″، ولا سيَّما مع وجود عدد من القيود المفروضة على التنقل بين بلدان العالم، وهو ما فرض البحث عن استراتيجيات بديلة للعمل من المنزل، كأن يكون العمل مثلاً 3 أيام من المنزل، ويومين من المكتب تخفيفًا للقيود المفروضة على كلا النمطين، وحفاظًا على السلامة النفسية والعقلية أيضًا، بالإضافة إلى عددٍ من الاستراتيجيات الأخرى.
إرث الإغلاق يعني أن العمل من المنزل لن يختفي بعد انتهاء أزمة “كوفيد – 19″، إذ أضحى العديد من قادة العالم يدركون أن القيادة من المنزل، هي نفسها القيادة من المكتب إذا توفرت الشروط اللازمة لمرونتها. فالقادة بحاجة لتحديث سلوكياتهم ومواقفهم. لكن قبل أن يتعلم القادة أنماط القيادة من المنزل، فإنهم في حاجة لقيادة أنفسهم في المقام الأول. لذا، يساعد هذا الكتاب القادة على التفكير بشكل مختلف، من خلال ما يوفره من دليل تدريبي على الاتصال والقيادة، كما أنه مليء بالأفكار المساعدة على إيجاد طريقة أكثر فعالية للقيادة من المنزل.
معلومات الكتاب
المصدر:
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر