سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مصطفى سيدات كيليج
الاقتصاد التركي اليوم يواجه فترة كئيبة، وفقا لمؤشرات رئيسية مثل الصادرات وإيرادات السياحة والاعتمادات الخارجية على الطاقة واستنزاف احتياطيات العملات الأجنبية.
لقد فشلت الدولة، على الرغم من السياسات الخاطئة، في تحويل الأزمة العالمية بسبب وباء كورونا إلى فرصة.
ربما تقترب تركيا من أزمة ديون لكن الحكومة التركية تحاول إبقاء السفينة طافية بأدوات مالية غير تقليدية، وتغمض أعينها عن حقيقة أن تمويل الاقتصاد بالائتمانيات سيخلق عبئا على البنوك والمجتمع ككل إذ لا يمكن سداد القروض دون اتخاذ خطوات لزيادة التوظيف والدخل.
وبينما تقدم التوسع الائتماني من خلال البنوك العامة بعد إصدار بعض القرارات الرئاسية، تغلق الحكومة أيضا أسواق البلاد واقتصادها تدريجيا أمام العالم من خلال إصدار قرارات تقيد المستثمرين والبنوك الأجنبية. ونتيجة لذلك، تجف تدفقات رأس المال الأجنبي، مما يحرم البلد من مصدر حيوي للدخل.
كانت آخر حيلة اقتصادية لحزب العدالة والتنمية الحاكم هي إجبار البنوك على تأجيل سداد القروض لزبائنها حتى نهاية العام. يعلم جميع المعنيين في هذه المسألة أنه لا يمكن سداد هذه الديون.
وفي حين تحاول الحكومة أن تظهر شجاعة من خلال الاستفادة من أكثر الأدوات الاقتصادية إثارة للتساؤل، فإن الاستثمار الأجنبي يغادر البلاد ويتراجع.
مطلع هذا الشهر أعلنت شركة فولكسفاغن الألمانية العملاقة للسيارات إلغاء خطط لبناء مصنع في تركيا. ويأتي هذا القرار كنتيجة مباشرة للتدخلات غير التقليدية للحكومة في الاقتصاد وهو انعكاس للصراع الناشئ بينها وبين مصالح رأس المال الأجنبي.
انخفض نصيب الفرد من الدخل القومي في تركيا، الذي ارتفع إلى 12 ألف دولار في عام 2013، إلى 9 آلاف دولار في 2019 وكان معدل النمو في ذلك العام 0.9 في المئة، وهو الأسوأ منذ عام 2009.
يركز الحزب الحاكم على غرار الحكومات الأخرى في جميع أنحاء العالم، على وضع العبء المالي للأزمة على كاهل المجتمع ويستمر في استعراض “فن إدارة الدولة” عن طريق إسكات المنتقدين بوحشية الشرطة.
فمن ناحية، يسن حزب العدالة والتنمية قوانين لإسكات وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ناحية أخرى، يسعى إلى إعداد تعديلات من شأنها أن تضعف المعارضة السياسية في الانتخابات المستقبلية من خلال تغييرات في الدوائر الانتخابية. أما المعارضة، التي هي غير فعالة بالفعل، فهي مشغولة بتضييع وقتها.
يأمل البعض في وضع نهاية للرأسمالية في تركيا والعالم، وأن الأيام السيئة ستمضي بعد انتهاء الأزمة لأن الأحزاب السياسية الأكثر ليبرالية والتقدمية ستزداد صعودا.
ومع ذلك، يشير التاريخ إلى عكس ذلك، وإذا كنا مازلنا نتمسك بهذه التوقعات لفترة ما بعد الأزمة، يجب أن أقول إننا وحدنا من سنتحمل المسؤولية.
إذا قام أحد بخدش القشرة الخارجية للأحزاب السياسية في تركيا التي تبدو أكثر ليبرالية ومساواة وتقدمية، فسوف ترى أن جميعهم تقريبا كانوا من بين اللاعبين الرئيسيين في تشكيل الأزمة الحالية، وهم يحاولون تسويق حلم بعالم جديد دون توجيه أي انتقاد لأنفسهم.
في تركيا، لا تتخذ الحكومة إجراءات جذرية لحل مشاكل البلاد، لكن المعارضة لا تقدم اقتراحات مقنعة لإيجاد حلول أيضا. وطالما أننا نرفض أن نرى أن المعارضة داخل أي نظام هي بحد ذاتها مجموعة مهيمنة صغيرة، فسوف نستمر في تصور توقعات فارغة لنشاهد معها كيف يتم قمع مطالب الخبز والحرية.
والأسوأ من ذلك هو مشاهدة جزء كبير من الأحزاب والحركات الاشتراكية متناثرة إلى درجة أنها غير قادرة على الانخراط في السياسة، محاولة البقاء واقفة على أقدامها من خلال الجلوس على ذيل أحزاب المعارضة داخل النظام، مثل حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي.
وعندما تشتعل مناقشات الانتخابات المبكرة، يجب علينا حينها أن ندرك أن ما يشتعل في الواقع هو صراع على السلطة، وأن الحكومة وكذلك الجهات المعارضة داخل النظام ستلجأ إلى كل خدعة للحفاظ على سيطرتها، الكبيرة والصغيرة.
ومن الأمثلة على ذلك المعارضة، التي تصطف خلف الحكومة على الفور لإضفاء الشرعية عليها، وليس القيام بأي شيء آخر، عندما يتعلق الأمر بمسألة إعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد الأسبوع الماضي.
المصدر: صحيفة العرب اللندنية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر