سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
في خضم تصاعد التداعيات المحلية والعالمية الناجمة عن أزمة فيروس (كوفيد-19)، يواجه حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحدياً سياسياً واقتصادياً غير مسبوق، ولم يتسن له سوى القليل من السبل المجدية للخروج من الأزمة. ولتعزيز ما تبقى من شرعيته قبل انتخابات 2023، من المرجح أن يضاعف الحزب الحاكم من سياساته القومية وسياسات الحماية.
ولا يزال الاقتصاد التركي الهش، يعاني أزمة الركود التي حدثت عام 2018، وغير مهيأ على النحو اللائق للتعامل مع التداعيات الداخلية والعالمية العميقة الناجمة عن أزمة وباء كورونا. وقد حظرت أنقرة معظم حركة السفر وفرضت حظر التجول منذ أن بدأت أزمة الفيروس في التفاقم منتصف شهر مارس؛ لكنها من ناحية أخرى قاومت فرض حظر كامل على الصعيد الوطني لوقف انتشار العدوى.
وفي أبريل، توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد التركي بنسبة 5% بحلول عام 2020، وإن كان هذا الرقم يظل متفائلاً. ومن المرجح أن تكون البطالة، التي أعاقت البلاد لفترة طويلة، أعلى بكثير من النسبة المرتفعة بالفعل التي ذكرت التقارير أنها بلغت 13,8% في شهر ديسمبر؛ نتيجة لجفاف أنشطة السياحة، وإغلاق المحلات التجارية.
كما تراجعت الليرة التركية إلى 7 ليرات في مقابل الدولار، متجاوزةً أدنى مستوياتها خلال أزمة العملة في أغسطس 2018. وفي محاولة للحفاظ على استقرار الليرة، استخدم البنك المركزي في البلاد، وتحت ضغط من حزب العدالة والتنمية، كمياتٍ ضخمة من احتياطياته، التي انخفضت بما يقدر بـ40 مليار دولار في يناير إلى 17- 26 مليار دولار في أبريل.
في الوقت نفسه، ينشغل الشركاء التجاريون الأوروبيون لتركيا، والذين يشكِّلون نصف مجموع صادراتها، الآن، بإدارة الركود الاقتصادي الناجم عن الوباء في بلادهم؛ وهو ما من شأنه أن يزيد من تقلص فرص السوق التركية في أوروبا.
وبناءً على كل ما سبق، ستكون الأجندة الوطنية لتركيا في الأشهر المقبلة مدفوعة بالضرورات السياسية لحزب يسعى للبقاء. وسوف يتمكن حزب العدالة والتنمية بفضل نفوذه على البنك المركزي والبرلمان من استخدام آخر احتياطيات البلاد المتبقية كيفما يراه مناسباً. ولكن بدلاً من تحقيق الاستقرار في الاقتصاد، سوف يستخدم الحزب هذه الأموال في الجهود الرامية إلى تخفيف الضغط الاجتماعي وموازنة الضغوط السياسية.
وعلى صعيد المناطق التي تضم قوات تركية أو حلفاء للأتراك؛ مثل سوريا، ستتجنب أنقرة تصعيد عملياتها العسكرية خوفاً من التحريض على فرض عقوبات من جانب الولايات المتحدة أو إثارة نزاع أكبر مع روسيا في المدى القريب، وسط حالة متصاعدة من عدم اليقين الاقتصادي بسبب فيروس كورونا.
ومن غير المرجح أن يزيد حزب العدالة والتنمية من تدخله، الذي لا يحظى بشعبيه أصلاً، في ليبيا؛ لأن القيام بذلك من شأنه أن يضر أكثر مما يفيد الوضع السياسي للحزب في الداخل.
إذن يواجه حزب العدالة والتنمية مستقبلاً من عدم اليقين المتزايد. ومن المرجح أن تزداد التحديات التي تفرضها أحزاب المعارضة مع تصدع الشرعية الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية ومحدودية محوره القومي. ومع الشعور بالتأثير الكامل لأزمة فيروس (كوفيد-19) على مدى الأشهر والسنوات المقبلة، فسوف يجد حزب العدالة والتنمية نفسه في موقف بلا فرص للنجاح في الاحتفاظ بقبضته على السلطة.
المصدر: qposts
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر