سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أحمد نبوي
ثمة عديدون اليوم ينفعلون بكورونا، في معركة يرى العالم فيها اختبار بقاءه البيولوجي ربما الأهم في تاريخه الحديث، معركة يقف فيها أحفاد أبقراط على خط المواجهة المباشرة، لكن ثمة أخرون، يخوضون بدورهم جدالات أخرى مع كورونا وما يحمله لليوم والغد من تغيرات، وإن وقف هؤلاء في الخطوط الخلفية، ومن هؤلاء ولا شك المشتغلين بالفلسفة.
في ثرثرة حول جدوي الكتابة في لحظات مفترضة لنهاية العالم، يمازحني صديقي أن المرء عند النهاية لا يبحث عن تنظير لمأساته بقدر ما يبحث عن مخرج لها، أي أن العالم اليوم يهمه الدواء واللقاح، لا الأطروحة والنظرية. وهو ما يُعيد سؤال جدوى الفلسفة وفعل التفلسف مرة أخرى إلى الواجهة، ليكون السؤال جديًا اليوم حول إذا ما كنا نحتاج صناع لقاح وأمصال، أم صناع أسئلة؟
وهو في رأيي يبقى سؤالًا ممتدًا عن جدوى الفلسفة بشكل عام، ويظل بلا أجوبة، لأن لا سبيل لحسم معركة الفلسفة والعلم نفسها. لكن المؤكد أن كثيرون اليوم يبحثون عن رأي الفلسفة والمتفلسفة، أمام جائحة لا تضع الإنسانية أمام تحدي بيولوجي يهدد بقائها وفقط، بل تضعها وربما هو الأهم أمام تحدي لتعريف نفسها من جديد.
لكن بما أن الفسلفة كما عند دولوز هي فن صياغة المفاهيم، وعند آخرين فن صياغة الأسئلة فإن ما يطرحه فلاسفة اليوم في انفعالهم بكورونا، لا يتعدى في رأيي هاتين العمليتين. أولًا؛ صك مفاهيم جديدة أو إعادة الاعتبار والنقاش حول أخرى. وثانيًا؛ صياغة الأسئلة حول الواقع ومآلاته.
كورونا والحنين للاشتراكية
في أفق العالم اليوم ما يمكن أن نطلق عليه حنين للاشتراكية، ليس شبحًا يطل على أوربا، لأن في ذلك فجاجة في النظر، وتسرع في الحكم، لكن ما يبدو واضحًا أن ماركس من جديد يظهر في الأفق، ويبدو أنها عادة ماركس الدائمة في الظهور مع كل أزمة محتدمة يواجهها العالم، ظهر مع ركود “2008”، ومع حركة إغلاق وول ستريت، وها هو يطل برأسه من جديد، إذ يبدو أن الرأسمالية لم تدفن ماركس بشكل نهائي، يُنبش التراب من قبره مع كل أزمة تلوح في أفق الرأسمالية، وحضوره اليوم تعبير جلي عن مأزقها الكبير.
يمكن القول بشكل واضح أن مجتمعات الشمال الرأسمالية عاشت طويلًا على حالة من الانكفاء على الذات والاهتمام بمصالحها الخاصة على حساب شعوب الجنوب ومصالحها، وفي ثنائية المركز والهامش، عاشت دول المركز على استنزاف دول الهامش لينشأ تراكم ثروات ساعدها في الوصول لما هي عليه اليوم، وفي عالم الرأسمالية المتوحشة لم يعني دول الشمال الرأسمالي في أي لحظة من اللحظات ما قد تعاني منه دول الجنوب حيث الهامش الأقل دخلًا والأكثر فقرًا والذي يعاني من بنى سلطوية يدعمها الغرب للحفاظ على نفوذه ومصالحه، ويبدو أن هذه المعادلة لم يعكر صفوها أحداث حقيقية وجادة ما بعد سقوط المعسكر الشيوعي، فمن يومها لا تبدو ثمة مقاومة لهذه المعادلة، اللهم إلا كتابات هنا وهناك، تحذر من مغبة هذه المعادلة القائمة وتصدرت كتابات نظرية التابع هذا المسار المقاوم. لكن؛ يبدو أن كورونا لم يكن في حسبان المنظومة الرأسمالية.
وإذا أردنا دليلًا على عِظم ما تواجهه رأسمالية اليوم، فلنرجع لتحذير عمودها الرئيس –البنك الدولي- الذي أعلن دخول العالم في ركود اقتصادي يفوق بمراحل ركود 2008. [1]
يقع الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك اليوم في مقدمة مفكري العالم ممن يبشرون بالاشتراكية، يقفز جيجيك حتى خطوات ليتحدث عن بداية ما يسميه انهيار الرأسمالية، وبنظر كثيرين يبدو جيجيك اليوم في تفاؤل لم يُعهد عنه، وإن كان هو من القلائل الثابتين في التبشير باليسار العائد من البعيد. وبعيدًا عن جيجيك، فلا ريب أن الحنين للاشتراكية هو حنين لم ينقطع حتى يتجدد، هو حنين عند البعض يخبو ويظهر لكنه موجود، ولدى هؤلاء اليوم مستجدات جديدة تزيد من الحنين، بل لدى يساري اليوم ما يتفاخرون به، من أخبار عن رغبة في تأميم مؤقت للقطاع الصحي في عدد من الدول لمواجهة كورونا.
في جدلية الأمن والحرية
تصدى الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين[2] لهذه الجدلية التي تُطرح في كل مرة تنحو الدولة فيها لاتخاذ تدابير سلطوية لحماية ما تطلق عليه دائمًا الأمن العام للدولة والمجتمع، وبالنسبة لأغامبين يلزمنا النظر لهذه الإجراءات من منظور سلطوي، فتكملة لدراسة سابقة له عن الاستثناء، يرى أغامبين أن الدولة إنما تلجأ لهذه الإجراءات لتعزيز حالات الاستثناء والطوارئ، وتحويل ما هو استثنائي مرتبط بلحظة محددة إلى حالة دائمة تدخل في صُلب اليومي والمعاش. يرى أغامبين كذلك أنه جرى في الأعوام الأخيرة التركيز على حالة الخوف في أوروبا. وأصبحت مسيطرة على أذهان الأفراد بحيث لا يمضي الحدث حتى ولو كان تافهًا من دون أن يقع إبرازه وتضخيمه ليولد ذعرًا جماعيًا. فما من شيء يَفضُل الوباء اليوم في إثارة الذعر الجماعي. ضمن هذه الدائرة الجهنمية المغلقة يحصل في نظر أغامبين القبول بالقيود التي تفرضها الحكومات على الحرية باسم الرغبة في الأمن. وهي الرغبة التي خلقتها الحكومات نفسها، بسياساتها السابقة. وهي التي تتدخل اليوم عن طريق حالة الاستثناء التي تتوق إلى فرضها لإشباعها.
يعضد جيجيك من رؤية أجامبين في هذا السياق فيتحدث عن أن بإمكان المراقب اليقظ أن يلاحظ بسهولة تغير نبرة من هم في السلطة في الطريقة التي يخاطبوننا بها فهم لم يعودوا يجتهدون في استعراض ثقتهم ورباطة جأشهم فقط، بل باتوا يُصدرون أيضًا على نحو منتظم تكهنات رهيبة مثل: من المرجح أن يستغرق الوباء حوالى عامين لكي يزول تهديده، وسيصيب الفيروس في نهاية المطاف من 60 إلى 70 في المئة من سكان العالم، ولن يمضي من دون أن يخلف وراءه ملايين الموتى. رسالتهم الحقيقية، باختصار، هي أننا مطالبون بالالتفاف على المسلمة الأساسية التي تنهض عليها أخلاقنا الاجتماعية (رعاية كبار السن والضعفاء.) وتناسيها. وبالفعل فقد أعلنت إيطاليا أنه إذا ساءت الأمور، فإن أولئك الذين تزيد أعمارهم عن ثمانين سنة أو يعانون من أمراض مزمنة أخرى سيتركون ببساطة لحالهم ليموتوا. ينبغي للمرء أن يلاحظ كيف أن قَبول مثل هذا المنطق لـفكرة “البقاء للأصلح” ينتهك حتى المبدأ الأساسي من الأخلاق العسكرية التي تخبرنا أنه بعد المعركة، يجب على المرء أولاً رعاية المصابين بجروح خطيرة حتى لو كانت فرصة إنقاذهم ضئيلة”[3]
كورونا والانتصار لمواطن العالم على حساب مواطن المدينة
ينتصر كورونا اليوم لمفاهيم عديدة، ومنها مفهوم “مواطن العالم” على حساب “مواطن المدينة”، وكان ديوجينيس قد تنبه لهذا حين رأى: “أننا في واقع الأمر لم نعد نعيش في جماعة واحدة بل في جماعتين اثنتين: جماعتُنا المحلية التي ولدنا فيها، وجماعةُ الإنسانية التي نعثر فيها على تطلعاتنا ونطور في نطاقها استدلالاتنا. وهذه الجماعة الأخيرة تعد، كما عبر عن ذلك الفيلسوف الرواقي سينيكا، “الأكبر والأكثر اشتراكًا بيننا، بحيث لا نلتفت فيها إلى هذه الزاوية أو تلك، بل نقيس حدودَ وطننا فيها بما تشرق عليه الشمس”.[4]
والإنسانية اليوم، تستعيد من بين كثير ما ستستعيده مع الأزمة، هذا الفهم للمواطنة العالمية، والتي قد تخرج من منتديات المشتغلين بحقوق الإنسان والبيئة، إلى دائرة المجتمع الأوسع وربما تمتد في أمل قد يكون مبالغًا فيه، لدوائر صُنع القرار. إذ يشعر الفرد مع هذه الأزمة أنه مجبر للمرة الأولى أن يفكر فيما خارج إطاره الجغرافي، وخارج قوميته، فالخطر الداهم قد يأتي من البعيد، وبالنسبة للبعض فاستعادة المواطنة العالمية، هي في حقيقتها استعادة لجزء من إنسانيتنا التي غابت مع صراعات قومية أضحى معها من المستحيل الحديث عن انتماءات خارج الإقليم. على الجانب الأخر يوجه البعض سهام النقد لمفهوم المواطنة العالمية، لما يروون فيه من دعوى لعالمية موهومة، لكن عندهم إنما هي الرغبة في عولمة مواطنة غربية، ليس فيها من العالمية شئ.
لكن المؤكد، أن كثير من سكان العالم اليوم يشعرون بحالة من اتحاد المصير، ربما لم يشعروا بها من قديم، في مواجهة عدو لا يفرق بين القوميات والأجناس، وفي نظر جيجيك علينا ألا ننسى أن الوباء أعطى الأشكال الجديدة من التضامن المحلي والعالمي زخمًا غير مسبوق. لكن يظل السؤال حول مدى هذا التأثر ومآلاته غير محدد، ربما هو مؤقت بتوقيت الأزمة؟ أو يمتد ليُشكل تيارًا عالميًا يدفع نحو اهتمامات خارج قومية؟
كورونا وكسر ثنائية الهامش والمركز
رغم أن الرأسمالية لطالما انفعلت مع أزماتها بمرونة حافظت بها على بقائها وتطورها إلى اليوم، لكن يأتي كورونا ليضيف جديدًا إلى المعادلة. فالفيروس هو تهديد للعالم أجمع، وكلمة أجمع هنا لم تصدُق على أزمة واجهها العالم الحديث كصدقها مع كورونا، وهنا في ظننا إشكال كورونا الأهم، أنه وللمرة الأولى يواجه العالم الرأسمالي بما لا يُمكن غض الطرف عنه، لسنا أمام حالة من إهدار حقوق الإنسان هنا، أو ديكتاتورية هناك، لا نتحدث عن استغلال شركات متعددة الجنسيات لشعب ما، أو غيرها. للمرة الأولى نكون أمام جائحة لا تفرق بين مجتمعات الجنوب والشمال، ولا بين مجتمعات اشتراكية ورأسمالية، أو عالم أول وثالث، كورونا يتحدى، بوقاحة كبيرة كل الفواصل والحواجز التي أقامتها الرأسمالية وحافظت بها على مسافة بين عالم الشمال المتقدم وعالم الجنوب الأشد فقرُا والأكثر تأخرًا.
كورونا وإعادة تعريف الكينونة
يحلم الإيطاليون هذه الأيام باليوم الذي يصبحون فيه قادرين على كسر مسافة المترين بين بعضهم البعض، وهي المسافة التي تنصح بيها الجهات المسؤولة عن مواجهة المرض، قد يتمكن الإيطاليون مستقبلًا من كسر هذه المسافة، لكن ما يشكون فيه هو قدرتهم على كسر المسافة بينهم وبين أشقائهم من دول الجوار الأوربي التي أغلقت حدودها أمام إيطاليا، رجل أوربا المريض هذه الأيام. هذا ما يتبقى للإيطاليين أن يذكروه -الموقف الإنساني- بعيدًا جدًا عن حسابات السياسة وإشكالاتها.
لهذا تقف الإنسانية الآن في مفترق طرق، ليس فقط للخروج من كورونا، بل لتخرج وقد انتصرت في المعركة الأخلاقية التي سيفرضها الفيروس، فسواء على مستوى الأفراد أو مستوى الدول، فإن الفيروس سيطرح فكرة ندرة الموارد بشكل حاسم كمعضلة أخلاقية، وفيها ستُختبر معاني نستها البشرية ربما لكثير من الوقت حول التضحية والإيثار، وهي المفاهيم التي داستها الرأسمالية وأبدلتها بمفاهيم البرجماتية والمصلحة الفردية، تتجلى هذه المعاني الرأسمالية اليوم في مواجهة أمريكا لكورونا، والتي رفض فيها ترامب الحجر الصحي على نيويورك لاعتبارات اقتصادية، تضع الرأسمالية الاقتصاد فوق ما سواه، وفي قادم الأيام ستوضع هذه المقولة النقدية أمام الاختبار بكثافة. مع الحجر الصحي وتوقف العمل.
سجن كورونا الذي يحررنا
عادت الإنسانية إلى البيت، وسُجنت في حجرها الصحي، ولكثيرين يبدو هذا سجنًا كبيرًا، لكن يعيد كورونا مع ذلك مرة أخرى النقاش حول مفهوم الحرية، فلا شك أن العودة للبيت وصعوبة الحصول على الكثير من الأغراض، سيحرر الكثيرين من نهم الاستهلاك وأنماطه المرضية.
في سوائل عالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان، يفكك الرجل أنماط الاستهلاك التي تُشيعها الرأسمالية في عالمنا، وربما تأتي الفرصة الآن ليختبر البشر حقيقة أن كثير مما نحصل عليه لسنا في الحقيقة بحاجة فعلية لاقتنائه، وأن الأمر لا يعدو أن يكون وهمًا خلقته الرأسمالية لخلق رغبات تزيد لإشباعها الإنتاج.
قد يحررنا سجن كورونا إذا من سجن أكبر وهو الاستهلاك. وإن تقطعت علاقات عمل رأسية هنا وهناك، فربما تصير العودة للبيت فرصة لعودة العلاقات الأفقية الأكثر حميمية بين أعضاء الأسرة الواحدة. وهي معاني قد لا تحمل جاذبية والعالم يصارع الجحيم، لكن لربما تجد البشرية في جحيمها ما لم تجده في نعيمها.
وعن خوف البعض من أن تُقيد الحرية في إطار محاصرة كورونا يتساءل سلافوي جيجيك حول ما إذا كان الواقع المرتبط بالحجر المنزلي والإجراءات الحكومية الأمنية المشددة لمواجهة كورونا تقيد فعلًا من حريتنا؟ وبالنسبة لجيجيك فمما لا شك فيه أن الحجر الصحي والإجراءات الأخرى المماثلة تحد من حريتنا، وهنا نكون في حاجة ماسة إلى أشخاص كُثر مثل جوليان أسانج للكشف عن سوء استخدام هذه الإجراءات المحتمل. فضلًا عن أنه بين بالملموس الحاجة إلى السيطرة على السلطة نفسها وتقييدها مستقبلًا. فعندما ينبري الناس إلى تحميل سلطةِ الدولةِ المسؤوليةَ فإن لهم كامل الحق في ذلك. الناس يصرخون في وجه الدولة قائلين: السلطة بين يديك.. ! هيا، أظهري لنا الآن ما تستطيعين فعله.
عن إنذار “Parasite ” المبكر
يمكن القول أن الفيلم الكوري الحائز على جائزة الأوسكار هذا العام (Parasite) قدم لنا إنذارًا مبكرًا لما يمكن أن نصل إليه جميعًا إذا تُركت الرأسمالية لتوحشها اللانهائي، في نهاية الفيلم لدينا مشهد محوري، وهو وإن كان مشهد النهاية لكنه على الحقيقة يمثل البداية الفعلية للفيلم، ففي مشهد النهاية نشهد قتل صاحب العائلة الفقيرة لرب العائلة الرأسمالية، وما قبل ذلك قدم الفيلم معالجته لكيف تعيش الطبقة الفقيرة حياة طُفيلية معتمدة في معيشتها على الطبقة الأغنى الرأسمالية، لكن نتائج هذه العلاقة الطُفيلية بحد ذاتها هي ما يحذر منه بونج جون هو في فيلمه. فما يحدث اليوم أن كورونا يخبرنا جميعًا أنه لا نجاة للفرد بدون نجاة المجتمع، ولا نجاة لدولة بدون أن ينجو العالم، وبالنسبة للمجتمعات الرأسمالية، يجب أن تكون رسالة (Parasite) واضحة في أن العائلة الرأسمالية لا تنجو ما لم تساعد في حل مشاكل الأسرة الأشد فقرًا، كذلك العالم لا ينجو ما لم ترى المجتمعات الرأسمالية مصلحتها في تقديم الدعم للمجتمعات الفقيرة. فعالم اليوم وكما يكشف كورونا اليوم بجلاء، هو عالم معولم لدرجة تفقأ العين، انتشار الفيروس بهذه السرعة من الصين إلى معظم دول العالم تقريبًا، يضع أمام دول العالم حقيقة جديدة تشي بأن العالم لا يمكن الآن أن ينجو إلا بوحدة جماعية بين دوله، وهذا ما لم يحدث لليوم، وهي سُبة أخرى على جبين الرأسمالية التي خلقت مجتمعًا دوليًا لا يعني وحداته إلا النجاة الفردية، وهي النجاة التي للمفارقة لن تكون كافية اليوم أمام كورونا.
المصدر: المركز العربي للبحوث والدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر