سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
نوح سميث
وخلال العقد الذي أعقب الأزمة المالية العالمية، برزت كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة في سماء النمو الاقتصادي. وتفوقت هذه البلدان الثلاثة مجتمعة على الولايات المتحدة في مضمار النمو الاقتصادي منذ عام 2009.
ويرجع الفضل في نجاح سنغافورة في بعض الأحيان إلى امتياز نظام التعليم، وتميز نظام الإسكان، والاستثمار الحكومي في مجال التكنولوجيا الحيوية، وغير ذلك من متطلبات الصناعات المتطورة. أما النمو المحقق في كوريا الجنوبية فيرجع إلى قوة ورسوخ الشركات الوطنية الكبرى، ولا سيما شركة سامسونغ العملاقة. ويميل بعض الكتاب، وأنا من بينهم، إلى توصية الولايات المتحدة بمحاولة استنساخ بعض من هذه السياسات الناجحة من أجل اللحاق بالركب المتطور.
لكن خلال السنة الماضية، بدأت اقتصادات هذه البلدان الثلاثة تبدو أكثر هشاشة. وبرغم أن الأرقام الاقتصادية الأميركية تعكس صورة أقوى، فإن ألمانيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة، إما أنها قد خبرت فترات الركود الاقتصادي أو هي قريبة للغاية منها.
يعتقد الزميل كريس براينت أن هناك عدد من الاتجاهات التي تعمل ضد كبريات الشركات الصناعية في البلاد. إذ تتعرض صناعة السيارات الألمانية وبصورة كبيرة للتغيرات المناخية العالمية، مع تشديد القواعد الرقابية الخاصة بانبعاثات الكربون مما يشكل تهديدا كبيرا على مستقبل السيارات العاملة بالديزل بصفة خاصة. وشرعت العديد من المدن الأوروبية بالفعل في حظر سير مركبات الديزل في شوارعها، كما تعهدت بعض بلدان المنطقة كذلك بحظر كافة أنواع المركبات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي في المستقبل القريب.
ويشير هذا التحول إلى إجراء تعديلات مؤلمة للغاية بالنسبة إلى ألمانيا. حيث يمثل قطاع صناعة السيارات الألماني مجموعة هائلة وواسعة وعميقة من المعرفة على مدار قرن كامل من الزمان في هذا المجال وحده. ومن شأن التحول السريع إلى إنتاج السيارات الكهربائية أن يلقي بجانب كبير من هذه المعرفة في سلة مهملات التاريخ.
وكما هو الحال بالنسبة إلى ألمانيا، فإن المشكلة تكمن في الصادرات، حيث يتعلق القلق الكبير بقطاع صناعة أشباه الموصلات. وفي السنوات الأخيرة، تحولت كوريا الجنوبية إلى أحد المراكز القوية في هذه الصناعة، حيث تفوقت شركة سامسونغ على شركة إنتل الأميركية باعتبارها أكبر شركة آسيوية مصنعة لأشباه الموصلات على مستوى العالم (وربما هي الأكثر تفوقا من الناحية التقنية كذلك). تمثل صادرات أشباه الموصلات حوالي ربع الاقتصاد الكلي في كوريا الجنوبية. ولذلك، فإن الهبوط الأخير في الصادرات – ربما إثر التباطؤ المسجل في الصين، والنزاع التجاري القائم مع الولايات المتحدة، والحرب التجارية المتصاعدة بين كوريا الجنوبية واليابان – سوف يكون مؤلما للغاية.
وفي الأثناء ذاتها، من شأن الإلحاح المتزايد لمشاكل التغيرات المناخية العالمية أن يعطل صناعات السيارات التي تعتمد على منتجات الوقود الأحفوري. ومن المتوقع للبيئة الاقتصادية التي كانت سببا في بزوغ نجم كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة في عام 2010، وما تلاه أن تقترب من فصل النهاية. ولا يعني ذلك بالطبع أن الولايات المتحدة ليس لديها ما تتعلمه من الأنظمة التعليمية لهذه النظم الاقتصادية، وعلاقات العمل، والسياسات الصناعية في تلك البلدان. بل في واقع الأمر، يجب على الولايات المتحدة استنساخ أفضل عناصرها والاستفادة المثلى منها. ولكنها تذكرة بأن الأنواع المختلفة من الاقتصادات تتناسب مع أوقات وأزمنة متباينة، وعندما تتغير الأوقات، يتغير بتغيرها الفائزون والخاسرون في كل مجال.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر