سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تميم آسي
يُعدُّ دمج التركيز على النوع الاجتماعي في برامج الكهرباء أمرًا مهمًا لأن النساء والرجال لديهم احتياجات مختلفة من الطاقة.
ففي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يحصل 43٪ فقط من السكان على الكهرباء، ما يترك حوالي 600 مليون شخص بدون كهرباء. فعلى الرغم من هدف التنمية المستدامة الذي يضمن حصول الجميع على خدمات الطاقة بأسعار معقولة وموثوقة وحديثة بحلول عام 2030، فإن معدل الزيادة في الحصول على الكهرباء بإفريقيا جنوب الصحراء كان أبطأ بكثير مقارنة مع بقية العالم النامي. فإذا تمَّ تحقيق أهداف عام 2030، فسيتطلب ذلك مهمة ضخمة تتمثل في الوصول إلى 57٪ من السكان وتوفير الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة.
إن تمديد شبكة الكهرباء ينطوي على استثمارات ضخمة، فكأي دولة نامية أخرى، يكمن الحل بمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء في الجمع بين مصادر تلك الشبكة في إطار واحد؛ حيث ستساعد إضافة حلول الطاقة الكهربية المتجددة في تحقيق هدف التنمية المستدامة. ومع ذلك، ففي حين أن التقدم في الحصول على الكهرباء هو أحد العوامل الضرورية، فإنه من الواجب أيضًا تعميم مراعاة المنظور المرتبط بالنوع (Gender) لضمان الاستخدام المستمر للحلول خارج إطار الشبكة وتساوي فرص الوصول بين كل من الرجال والنساء.
إن دور المساواة بين الجنسين في الحصول على الطاقة يعدُّ أمرًا ذا شقين، حيث إنه يؤثر على كل من العرض والاستهلاك، فالكهرباء لها تأثيرٌ غير مباشرٍ ولكنه قوي بالنسبة للنساء. فقد كشفت دراسة أجريت خلال التشغيل الشامل للكهرباء في جنوب إفريقيا أن كهرباء الريف رفعت عمالة الإناث في المجتمعات التي تصلها الكهرباء إلى نسبة 9.5٪. كما كشفت الدراسة أن كهربة المنازل زادت من نسبة الالتحاق بالمدارس، وخاصة بين المراهقات. وفي المراكز الصحية الريفية، يضمن الحصول على الكهرباء توصيلات أكثر أمانًا للأطفال. وعلاوة على ذلك، فإن النساء يتأثرن بشكل أكبر بتلوث الهواء الناتج عن أجهزة الإضاءة المعتمدة على الوقود مثل (مصابيح الكيروسين)، حيث يقضين معظم الوقت داخل المنزل. وبالتالي، ففي ضوء كل هذه العوامل، تقترح هذه الدراسة طرقًا جديدة لتحقيق المساواة بين الجنسين فيما يتعلق باستهلاك الكهرباء وإمداداتها.
ومن المهم دمج التركيز المتعلق بالنوع في برامج الكهرباء ما بين النساء والرجال في ضوء احتياجاتهم المختلفة من الطاقة. فعلى سبيل المثال، قد تُفضل النساء وضع أجهزة الإضاءة في المطبخ، بينما يفضل الرجال ذلك في غرفة المعيشة لتسهيل التجمعات الاجتماعية. ويجب معالجة هذه المشكلات، خاصةً إذا كان هناك عدد محدود من نقاط الإضاءة والمراوح (خاصة في حالة أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية ومنشآت الطاقة الشمسية خارج إطار الشبكة). وعمومًا، تكون النساء أقل مشاركةً في صنع القرار من الرجال، على الرغم من أن أحدث التقارير تؤكد أن النساء يتمتعن بقوة في صنع قرار بشكل يفوق المتوقع لمشتريات الإضاءة خارج الشبكة في أثناء تحليل حالة الشبكات الشمسية الصغيرة في المناطق الريفية في شمال زامبيا. ويستنتج أن الفوائد المستمدة من التكنولوجيا والخدمات لم توزع بالتساوي بين الرجال والنساء بسبب الممارسات والقواعد الاجتماعية والثقافية الأوسع نطاقًا. وبالتالي، فمن المهم أن يتم إشراك النساء في عملية صنع القرار لشراء أجهزة الإضاءة ووضعها. وفي كينيا، تمَّ تخصيص 350 ألف دولار لتلبية الاحتياجات المتمايزة بين الجنسين في قطاع الطاقة في الريف.
وعلاوة على ذلك، يجب التركيز بشكل خاص على النساء المستضعفات والمهمشات. فعلى سبيل المثال، نجد أنه في “موريشيوس”، تقترح استراتيجية الطاقة طويلة الأجل دفعات هائلة من رسوم الكهرباء للنساء المستضعفات، وهو ما يمكن أن يمثل حلاً فعالاً.
وتشير دراسة أجريت في خمسة بلدان إفريقية، هي: (إثيوبيا وغانا وكينيا وتنزانيا وزامبيا) إلى أن توصيل الكهرباء للشركات التي ترأسها نساء يتأخر عمومًا مقارنة بنظيراتها من الذكور. ونتيجة لذلك، تُقدِّم المزيد من الشركات التي تديرها نساء رشاوى لتأمين التوصيلات الكهربائية. وقد يكون لهذا التفاوت بين الجنسين في إفريقيا آثار واسعة، حيث تشكل النساء الإفريقيات 50٪ من القوى العاملة لحسابهن. ويجب معالجة هذا التباين بين الجنسين من خلال إشراك المزيد من النساء كعاملات على مستوى القاعدة الشعبية في برامج الكهرباء وضمان التواصل مع الجميع في غضون فترة زمنية محددة. ومع ذلك، يجب معالجة هذه المبادرات على مستوى السياسات وتصميم البرامج.
وتعدُّ زيادة تمثيل المرأة أمرًا بالغ الأهمية لتطوير وتصميم برامج توصيل الكهرباء بطرق محايدة بين الجنسين. ومع ذلك، فإن ذلك يمثل خططًا طويلة الأجل، حيث يتم تدريب المزيد من النساء على رفع خبراتهن في قطاع الطاقة. وتوجد بالفعل أمثلة على هذه الجهود؛ فعلى سبيل المثال، في “زيمبابوي”، تُحدد وزارة الطاقة جهة تنسيق مرتبطة بالنوع لتنفيذ تعميم مراعاة المنظور المرتبط بالنوع في قطاع الطاقة. وبالمثل، في “رواندا” تشجع الحكومة مشاركة المرأة في تخطيط وتصميم وتنفيذ برامج الطاقة.
ويكمن جانب آخر في تمكين المرأة من خلال إشراكها في سلسلة التوريد لتكنولوجيا الطاقة والخدمات كرائدات أعمال. فقد أظهرت إفريقيا بالفعل مثل هذه النماذج التي تعمل على تشجيع النساء على ممارسة أعمال الطاقة النظيفة. ذلك أن إضاءة إفريقيا تمثل مشروعًا آخر مماثلاً له نفس الهدف. ولتسهيل هذه المبادرات بشكل أكبر، فمن المؤكد أن تساعد شروط قروض أكثر تحررًا تجاه النساء المستضعفات.
لقد أظهرت بلدان إفريقيا جنوب الصحراء مؤشرات على تعميم مراعاة المنظور المرتبط بالنوع في مبادرات الوصول إلى الكهرباء على مختلف المستويات، رغم أن ذلك قد تمَّ تقديمه حتى الآن بطرق متفرقة. فبناءً على أفضل الممارسات من مختلف بلدان إفريقيا جنوب الصحراء قد يتم تطوير مبادئ توجيهية مُجَمَّعة مع قائمة من المؤشرات لإدراج عملية تعميم مراعاة المنظور المرتبط بالنوع بجميع بلدان الإقليم. وستكون هذه الإرشادات مفيدة في بناء وقياس تعميم مراعاة المنظور المرتبط بالنوع للمبادرات على المستوى القُطري فيما يتعلق بالحصول على الكهرباء، خاصة بالنسبة للبلدان التي تخلفت في هذا الصدد. ويمكن توجيه هذه المبادرات من خلال شبكات ومؤسسات على المستوى الإقليمي مثل شبكة نساء إفريقيا في الطاقة، وشبكة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بشأن تعميم مراعاة المنظور المرتبط بالنوع في الحصول على الطاقة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: دورية مراجعة الأمن العالمي
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر