محمود عبدالعزيز
ولد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ليكون قائدا، فتلك الكاريزما التي يتمتع بها الشخص الثاني في هرم الحكم في السعودية قلما يوجد لها نظير في العالم أجمع، فالأمير الشاب الذي يحمل ملامح القيادة الجينية من والده وجده، استطاع أن يخطف أنظار العالم منذ تولي منصبه وليا لولي العهد، ليقود مسيرة التحديث وبرنامج التحول الكبير الذي تشهده المملكة، إذ إن النجاحات المتوالية والإنجازات غير المسبوقة، في إطار السبق الريادي الذي قدّمه الأمير محمد بن سلمان، من خلال إطلاق “رؤية المملكة 2030″، لتكون هذه الخطوة المباركة أولى لبنات الخير في بناء مستقبل حضاري متقدم محافظٍ على ماض عريق من الأصالة والمجد.
وتسير المملكة بخطى ثابتة ومتزنة نحو المستقبل جراء السياسات التي تمارسها مع الأشقاء والحلفاء والأصدقاء وحتى الأعداء، ما يحمل دلالة واضحة على حكمة راسخة وبعد نظر، فقد شهد العام الثاني على بيعة ولي العهد، كثيرا من النجاحات الدولية والوطنية، وفق ما ارتسم من خطط استراتيجية وأهداف مركزة وواضحة، أسهمت في توسيع نطاق النهضة والتنمية؛ حتى أصبح كل مسؤول ومواطن مشارك حقيقي في دعم “رؤية 2030″، جنباً إلى جنب مع قطاعات الدولة، حاملين الأمانة والمسؤولية بشكل متوازن تحقيقا للمتطلبات التنموية، وتعزيزا لمكانة السعودية باستغلال الفرص والإمكانات، لتتصدر دول العالم المتقدم حضاريا وثقافيا واقتصاديا.
الأمير الاستثنائي، بدأ طريقه من دراسة القانون والأنظمة، متخرجا في جامعة الملك سعود، أعرق جامعات العاصمة، ثم عمل بشعبة الخبراء في مجلس الوزراء، ثم مستشارا لوالده بإمارة الرياض، وتدرج في العمل حتى صار وزيرا للدولة في عهد الملك عبد الله، ثم وزيرا للدفاع في عهد الملك سلمان، ورئيسا للديوان الملكي، ثم وليا لولي العهد، ثم وليا للعهد، متشربا العمل السياسي والعسكري في كوريدورات السياسة، فلا يقدر على إنجاز ذلك إلا من كانت تسير في شرايينه دماء الشباب، وهو صاحب مقولة “أنا شاب، والشباب في السعودية ملوا من حقبة ما بعد 1979، وتلك الدوامة التي غرقنا بها، نريد المستقبل”، لينجح في لوي الأعناق وشد الأبصار وكتم الأنفاس، حينما يتحدث بالنيابة عن كل مواطن سعودي، ولتفتح المملكة صفحة جديدة من الانفتاح الديني الوسطي.
يمتاز الأمير محمد بن سلمان، بشخصية قيادية وإرادة ورغبة جامحة في إحداث التغيير، كما كان جدّه المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ فالتقاطعات بين الشخصيتين كثيرة بل وتصل إلى التطابق في ناحية التصميم والعزيمة بثقة فيما يمتلكه من قوة داعمة له، فكما كان الجد المؤسس مؤمنا بقدرته على تكوين المملكة؛ فالحفيد مؤمن بقدراته على ريادة هذه المملكة التي لا تشيخ بل هي تزداد رغبات وطموحات مدعوماً بوقوف شعبه خلفه على السمع والطاعة.
أخذ ولي العهد على عاتقه محاربة الإرهاب، وجمع شمل الأمة معدا العدة للتحالف الإسلامي العسكري، الذي استطاع بجهد متواصل عقده بجمع 40 دولة عربية وإسلامية، وسجل بذلك أروع الإنجازات وأعلى الجهود في جمع كلمة المسلمين لمحاربة الإرهاب، وهذا التآلف والاجتماع يمثل تكامل القوى، ويؤكد بعد النظر للمملكة بقيادة والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إذ تقف خلف هذا الطموح شخصية جسورة؛ فالأمير محمد بن سلمان يملك قوة الإرادة والعزيمة الصادقة، التي أثمرت عن هذا الجهد الكبير في قيام مشروع “التحالف الإسلامي العسكري”، كم أن الرؤية الحكيمة والنظرة البعيدة التي يتحلى بها، حيث سجل في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها أمة الإسلام جهدا لم يسبق إليه، مؤكدا بقيام التحالف الإسلامي قدرة الأمة على صناعة القرار الإقليمي والعالمي، مبينا مكانة المملكة السياسية، وحكمتها لدى جميع الدول العربية والإسلامية، وليس من السهل تحقيق هذا المطلب في ظل فتن وصراعات تضرب في الأمة من أبناء جلدتها؛ إذ تغرد تركيا وإيران وجماعة الإخوان المسلمين ومن خلفهم قطر خارج السرب الواحد.
يتمتع ولي العهد بشخصية تحمل إرادة قوية، وعملا جادا، فالأمير محمد بن سلمان صنف في قائمة مجلة “فوربس” لأقوى الشخصيات في العالم عام 2018 بحسب مؤشرات قيمة الأصول والموارد التي تديرها كل شخصية، إضافة إلى تعدد أوجه نفوذ كل شخصية، ومدى تنشيط وتفعيل قوة وصلاحيات الشخصية محتلا المركز الثامن، وتنبأت المجلة العالمية، أن ولي العهد سيشكل نقطة الارتكاز التي تدور حولها الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط للجيل القادم، ولم يقف سقف طموحاته عند محاربة الإرهاب والمشاريع الاقتصادية فحسب، بل سعى لقيام الصناعة العسكرية السعودية، وتأسيس شركة قابضة للصناعات العسكرية مملوكة بالكامل للحكومة تطرح لاحقا في السوق السعودية وفق ما هو مخطط لها، وتبدو الزعامة السعودية الرائدة المتمثلة في شخص الأمير محمد بن سلمان أمام منعطف تاريخي في تحقيق نقلة جذرية للمملكة نحو عصر ما بعد النفط والتأقلم مع الثورة الرقمية، وكذلك المواءمة بين خيار الحداثة والمعاصرة المدروس وخيار الأصالة المستندة إلى قراءة صحيحة للدين الإسلامي بعيدة عن التطرف ورفض الآخر، إذ نجح الأمير محمد بن سلمان إعلاميا وسياسيا في إعطاء صورة عن السعودية الجديدة، والأهم أن يتحول ذلك إلى وقائع وقدرات في عالم يزداد خطورة وتحتدم فيه التنافسية على كل الأصعدة.
في الوقت الذي كان التخوف كبيرا من خطر الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين، تبعه الخطر القديم الجديد المتمثل في نظام الملالي في طهران، وهكذا كان يرى أنه يجب التعامل باستراتيجية مختلفة تجمع المواجهة بين خطر الإسلاميين والخطر الإيراني في آن واحد، وهو ما يرتكز عليه التصريح الذي أدلى به في مارس 2018، بأن تركيا جزء من مثلث الشر إلى جانب إيران والجماعات الإسلامية المتشددة.