سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كلاوديو غراس
احتلت تركيا صدارة الأخبار على مدار العام الماضي، إذ تتواصل العناوين المثيرة للقلق حول اقتصادها ووضعها السياسي. وقد تسارعت وتيرة انهيار العملة في الصيف الماضي، فانخفضت الليرة التركية بنسبة 40٪ تقريبًا، مما يهدد الاقتصاد التركي ككل.
وفي يناير، تجاوز معدل التضخم 20٪ ، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير على السكان. وفي الوقت نفسه، بلغت البطالة 14.7٪، وهو أعلى مستوى لها منذ عقد. ويتوقع أن يتزايد هذا الرقم كثيرًا، وينكمش الاقتصاد التركي بنسبة 2٪ في عام 2019.
ومن الناحية السياسية، فإن الخلافات الكثيرة مع الولايات المتحدة، وكذلك الاضطرابات الداخلية، قد وفرت الكثير من الأسباب للقلق وغيّرت نظرتها المستقبلية.
طفرة مصطنعة
بعد الانتخابات المحلية المتنازع عليها بشكل كبير والحازمة في نهاية شهر مارس الماضي، وُجّهت ضربات شديدة لنظام أردوغان، إذ تعززت احتمالات تنامي عدم الاستقرار. فأردوغان الذي يوجد في السلطة منذ 18 عامًا، يضغط حاليًا من أجل إعادة انتخابات بلدية إسطنبول، بعد هزيمة حزبه. وتعدُّ تلك المرحلة بداية لانعطافة سياسية مقترنة بالركود، مما يجعل الوضع في تركيا أكثر خطورة.
وعلى مدى العقدين الماضيين، كان اقتصاد البلاد فعالاً في توسيع وتوطيد سلطة رئيس تركيا. ومع ذلك، أصبح اعتماد السياسات النقدية والنمو المصطنع الذي تغذيه الديون غير مستدام بشكل متزايد. وبما أن التصدعات التي تضرب اقتصاد تركيا تمثل إحدى الظواهر الأخيرة، فإن الدعم قد وصل أيضًا إلى مستويات منخفضة جدًا بالنسبة للحزب الحاكم.
وفي خضم الركود الاقتصادي، والمزيد من الخلافات السياسية التي تلوح في الأفق، مع احتمالات إعادة الانتخابات في إسطنبول، يشعر المستثمرون بالقلق بشكل مبرر من أن الأهداف السياسية سوف تلقي بظلالها على الحاجة الملحة لحل المشاكل الاقتصادية في البلاد. ومن غير المرجح أن تكون الإجراءات الصارمة اللازمة لوقف دوامة غرق الليرة والسيطرة على القنبلة الموقوتة للديون، قد فازت بالحجج الانتخابية.
وفي المجمل، فإن الرئيس التركي معروف بتدخله في الاقتصاد والقطاع الخاص، في حين أن البنك المركزي نفسه قد فقد مصداقيته، فأصبح استقلاله موضع شك واسع النطاق. وقبيل الانتخابات الأخيرة مباشرة، على سبيل المثال، أقدم أردوغان على استخدام الاحتياطي النقدي لدعم الليرة، إذ كشفت البيانات المنشورة ذات الصلة أن احتياطياتها من العملات الأجنبية انخفضت أكثر من ملياري دولار في الأسبوع السابق على التصويت. ووفقًا لوكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، فإن إجمالي الاحتياطيات وصافيها كان – بالفعل – في مستويات منخفضة جدًا.
وبصرف النظر عن زعزعة ثقة المستثمرين وتنامي الشكوك حول تسييس البنك المركزي، فقد فشلت هذه الخطوة أيضًا في دعم العملة، فاستمرت الليرة في الانخفاض على أي حال، وذلك تحت ضغط المخاوف الواسعة بشأن احتياطيات البلاد المتضائلة.
وعلى ذلك تمارس الحكومة التركية المزيد من الضغوط على العملة الضعيفة، وهو ما ينعكس على مصداقية أردوغان في هذا الشأن، بسبب اتجاه الدولار المتزايد على الصعيد المحلي. ويلجأ عدد متزايد من المواطنين الأتراك إلى الدولار واليورو لحماية قوتهم الشرائية، ويستخدمونها في معاملاتهم اليومية. ووفقًا للتقارير الأخيرة الصادرة عن صحيفة “فاينانشيال تايمز”، فقد قفزت ودائع السكان الأجانب بمقدار 2.1 مليار دولار في الأسبوع الأخير من شهر مارس، ليصل المجموع إلى 167 مليار دولار.
ومع ذلك، استمرت الحكومة التركية في تجاهل مؤشرات الخطر. وبدلاً من ذلك، لا يزال نظام أردوغان يركز على الجوانب السياسية للأزمة الحالية، ويلقي باللوم في جميع المشكلات على المؤامرات الأجنبية ويصر على السياسات التي من شأنها أن تساعد فقط على معالجة نقاط الضعف الأساسية في الاقتصاد. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها السلطة التركية للسيطرة على التضخم وإخراج الاقتصاد من الركود، فإن الأسس لا تزال ضعيفة ومعنويات المستثمرين لا تزال منخفضة جدًا.
وكذلك فشل برنامج إصلاح جديد، وهو ما تمَّ الكشف عنه في منتصف أبريل، في إقناع المشاركين في السوق بتحسن التوقعات، إذ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة “جي بي مورجان” J.P. Morganأن أكثر من 80٪ من المستثمرين لا يثقون في قدرة الحكومة على إنعاش الاقتصاد. وقد تضمنت الخطة ضخ 5 مليارات دولار لبنوك الدولة المتعثرة، دون الإشارة إلى تخفيضات الإنفاق أو أي خطوات مالية واقعية أخرى من شأنها أن تساعد بشكل ملموس في كبح مشكلة الديون المتصاعدة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: أورسيا ريفيو
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر