التكنولوجيا الذكية وضرورة القدرة على استيعابها | مركز سمت للدراسات

التكنولوجيا الذكية وضرورة القدرة على استيعابها

التاريخ والوقت : الأربعاء, 13 مارس 2019

ابراهيم ثياو

 

تقدم العلوم والتكنولوجيا مسارات مثيرة بالنسبة للنساء الريفيات من أجل مواجهة التحديات التي يواجهنها يومياً؛ ذلك أن الحلول المبتكرة بالنسبة للمرأة الريفية ـ على سبيل المثال ـ يمكن أن تقلل من عبء أعمالها، كما أنها تزيد من إمكانية إنتاج الغذاء وترفع مشاركتهن في سوق العمل المدفوع الأجر.

لكن حتى أفضل التقنيات المبتكرة الملائمة للنوع لا معنى لها بدون الوصول إلى الموارد المهمة الأخرى، وخاصة الحق في الحصول على أرض آمنة، وهو ما تحتاجه المرأة في المناطق الريفية حتى يمكن أن تحقق قدرا من الازدهار.

إن ظاهرة تدهور الأراضي وجفافها تنتشر في نحو 169 بلد على الأقل. حيث تعاني أفقر المجتمعات الريفية من تداعيات تلك الظاهرة. فعلى سبيل المثال، نجد أن النساء في المناطق التي تتأثر بالتصحر، يمضين وقتا أطول أربع مرات يوميا، في مساعيهن لجمع الماء والحطب والعلف. وعلاوة على ذلك، فإنه تلك الظاهرة تؤثر أيضا بأشكال مختلفة للغاية على الرجال والنساء. ففي أجزاء من إريتريا التي تأثرت أكثر بالتصحر، على سبيل المثال، وصلت ساعات العمل بالنسبة للنساء ما يفوق ساعات عمل الرجال بما يصل إلى 30 ساعة في الأسبوع.

ومن الواضح أن المرأة الريفية الفقيرة ستستفيد أكثر من غيرها من الطرق الجديدة للعمل في الأرض. ولذلك، ينبغي أن تفيد التكنولوجيا والابتكار النساء والرجال على قدم المساواة حتى يمكن العمل بشكل جيد في المجتمع. بل وأكثر من ذلك، ففي وقت أصبحت فيه التكنولوجيا تحتل مكانة مهمة بالنسبة لإدارة التهديدات المتزايدة للتصحر وتدهور الأراضي والجفاف.

ومع ذلك، ففي معظم أنحاء العالم، فإن معدلات اعتماد التكنولوجيا تبدو منخفضة بشكل خاص بين النساء الريفيات، ربما لأنه في كثير من الأحيان لا يتم تطوير التكنولوجيات مع وضع مستخدمي الأراضي الريفية في الاعتبار. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تقلل عربة اليد من الوقت الذي يستغرقه النقل المائي بنسبة 60٪. ولكن وزنه وكمياته تجعله صعبًا بشكل فعليٍ بالنسبة لمعظم النساء الأفريقيات.

هنا يمكن القول بأن الطلب على التصميم التكنولوجي الذي يلبي الاحتياجات الخاصة بالمرأة الريفية يبدو متزايداً. لكن تطوير التكنولوجيا المناسبة لا يكفي، إذا لم تكن الشروط المسبقة لاستخدام التكنولوجيا، ولا سيما فيما يتعلق بالحصول على الأرض الآمنة والخدمات الائتمانية والتعليمية، بشكل مناسب. أما اليوم فإن شبكةً من القوانين والعادات في نصف البلدان على كوكب الأرض تقوض قدرة المرأة على امتلاك الأراضي التي تزرعها وإدارتها ووراثتها.

وفي الكثير من البلدان النامية تقريبًا، لا تضمن القوانين نفس الحقوق الخاصة بميراث النساء والرجال. كما أنه في الكثير من البلدان الأخرى، نجد أنه مع القوانين العادلة بين الجنسين، يتم التسامح مع العادات والممارسات المحلية التي تترك الأرامل بدون أرض. فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت في عام 2011 في زامبيا أنه عندما يموت أحد الرجال ، لا تحصل الأرملة إلا على ثلث المساحة التي زرعتها من قبل. وبالتالي فإن تأثير هذه التغييرات على أرامل العالم البالغ عددهن 258 مليون فضلا عن 584 مليون طفل يعتمدون عليها إنما هو أمر غاية في الأهمية، وهو يجلعنا بصدد وضعٍ أسوا حالا.

على الصعيد العالمي، فإن المرأة تمتلك مساحةً أقل من الأرض، فضلا عن وضع أسوأ فيما يخص الحق في الحصول أرض آمنة مقارنة بالرجال. ذلك أن تأمين الوصول إلى الأراضي يزيد من تكلفة الأمن الاقتصادي بالنسبة للمرأة، إلا أنه ذات فوائد أكبر بكثير بالنسبة للمجتمع بشكل عام. فالنساء اللاتي يمتلكن أو يرثن الأرض يسيطرن أيضًا على القرارات التي تؤثر على أراضيهن، مثل استيعاب التكنولوجيا الجديدة.

وتبين دراسةٌ حديثة أُجريت في رواندا أن من الحصول على شهادات خاصة بالأراضي يزيد من احتمال مضاعفة الاستثمارات في الحفاظ على التربة مقارنة بالآخرين. كما أنه في حال حصول المرأة على حقوق رسمية للأراضي، فمن المُرجَّح أنهن يشاركن في الحفاظ على التربة. أما المبادرات التي تفيد المرأة الريفية فلا تتوقف عند الظروف المعيشية للأسرة في المجتمعات المحلية. وبشكل عام فهذه هذه الاستثمارات تعتبر ذات تأثير ضخمٍ على مستوى العالم.

وإذا كانت للنساء في جميع أنحاء العالم يتساوين مع الرجال فيما يتصل بإمكانية الحصول على الموارد اللازمة للإنتاج الزراعي، فإنه من الممكن أن يزيد معدل العائد في مزارعهن بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30 %، وهو ما قد يؤدي ذلك إلى زيادة إجمالي الإنتاج الزراعي في البلدان النامية بدرجة كبيرة على المستوى الوطني، فضلا عن إمكانية تخفيض عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في العالم بنسبة تتراوح ما بين 12 و 17 %.

أما إذا أردنا معالجة الأسباب الكامنة وراء عدم المساواة بين الجنسين، وبناء القدرات الذكية والابتكار اللازمة لإحداث قدرٍ مناسب من التغيير، فإن التكنولوجيا تعد هي المدخل الجيد لذلك. فالتكنولوجيا المبتكرة المناسبة والمتوازنة بين الجنسين أيضا ضرورية بالنسبة للذلك. لكن أمرا كهذا لن يكون له التأثير المناسب إلا في حال توافر الشروط السابقة المتصلة بوضع المرأة وإقبالها على استخدام تلك التكنولوجيا، وبخاصة ما يتصل بحق الحصول على الأرض الآمنة، وتوفر الخدمات الائتمانية والتعليمية التي هي غير موجودة بالأساس.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر/ أوراسيا ريفيو Eurasia Review

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر