الصراع في أوكرانيا على حدودها مع روسيا | مركز سمت للدراسات

أوكرانيا والخيارات الصعبة

التاريخ والوقت : الأربعاء, 1 ديسمبر 2021

يونس السيد

 

مشهد الصراع الدائر في أوكرانيا وعلى حدودها مع روسيا، خصوصاً في الأشهر الأخيرة، يبعث بإشارات مقلقة وخطِرة، حول احتمالات اندلاع حرب مدمرة قد يتجاوز مسرحها الواقع المحلي والإقليمي إلى الفضاء الغربي وربما العالمي في ظل التوتر والتصعيد القائم بين روسيا والغرب، وبالتالي لا خيار أمام الأطراف المعنية سوى العمل على احتواء الانفلات وخفض التصعيد قبل أن يدفع الجميع ثمناً باهظاً لحرب لا أحد يمكنه التكهن بنتائجها.

منذ أن استقلت أوكرانيا، عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، لم يتوقف الصراع على السلطة، خصوصاً بعد دخول موسكو على الخط مباشرة لدعم الانفصاليين في المناطق ذات الأغلبية الناطقة بالروسية، كما هو الحال في منطقة دونباس التي تضم مقاطعتي (دونيتسك ولوغانسك) وشبه جزيرة القرم التي تم ضمها إلى روسيا.

أوكرانيا التي اختارت التوجه إلى الغرب طلباً للمساعدة وإيجاد معادل للقوة مع روسيا عبر السعي للانضمام إلى حلف «الناتو»، تجاوزت من وجهة نظر موسكو ما تعتبره «خطاً أحمر»، وأبقت الصراع قابلاً دوماً للاشتعال، ناهيك عن أسباب أخرى؛ حيث يواجه الرئيس زيلينسكي صراعاً داخلياً على السلطة، إلى جانب نقص في مخزون الطاقة والغاز الضروريين للغاية في فصل الشتاء، وإمكانية تحول الرأي العام في غير صالحه. وهو ما جعل زيلينسكي بحاجة إلى توحيد الأوكرانيين خلفه، تارة بالحديث عن انقلاب تدبره موسكو بالتعاون مع خصومه السياسيين، قبل أن ينفي الأمر بنفسه، وتارة أخرى بالتلويح لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين في دونباس، وبالتالي جرى تصعيد الحديث عن حشود روسية على الحدود، قبل أن يعود أيضاً ويقلل من شأنها، معتبراً أن الحشود الحالية أقل مما كان عليه الأمر في إبريل/نيسان الماضي.

لكن مجرد الحديث عن حشود روسية كاف لتوحيد الأوكرانيين حول ما يعتبرونه «العدو» الخارجي، من دون حساب إعادة أوكرانيا نفسها إلى قلب الصراع بين روسيا والغرب، خصوصاً في ظل الحديث عن استمرار المساعدات والإمدادات العسكرية الغربية لكييف، والتحركات العسكرية المتصاعدة في البحر الأسود، والتهديدات الصادرة عن «الناتو» بأن تدفع روسيا ثمناً باهظاً في حال اجتياحها لأوكرانيا. وهو كذلك بالفعل، لكن الثمن ستدفعه أوكرانيا أولاً باعتبارها ساحة الصراع، لكن أيضاً قد لا يتوقف الثمن عند حدود أوكرانيا ويطال الغرب نفسه، في ظل وضع غير مناسب له بعد انهيار الثقة الناجم عن الانسحاب من أفغانستان، وفي ظل إخفاقه في الحد من تنامي القدرات الصينية الاقتصادية والعسكرية، ناهيك عن الروسية وما يعرف عن خيارات موسكو التي لا تبدي تساهلاً مع أية مخاطر أو تهديدات تقترب من حدودها ومصالحها.

والحال، أن احتدام الصراع في أوكرانيا وتشابكه مع المصالح الاستراتيجية للقوى الكبرى بات يحتم البحث عن التهدئة وكيفية احتواء هذا الصراع أكثر بكثير من فرضية الذهاب إلى الحرب، أو كما تشير بعض التقارير الصحفية، عن اتجاه الولايات المتحدة للحد من مناوراتها العسكري في أوروبا ووقف إمدادات السلاح لكييف بهدف احتواء التوتر على الحدود الروسية الأوكرانية.

 

المصدر: صحيفة الخليج

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر