سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمد الدخاخني
هل يجري تنظيم داعش حقّاً عمليّات شرق جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطية؟ لقد أعلن التنظيم الإرهابيّ، منذ نيسان (أبريل) 2019، مسؤوليّته عن عددٍ متزايدٍ من الهجمات في البلاد، لكن تُعدّ حقيقة علاقته بجماعة القوى الدّيمقراطية المتحالفة ومشاركته إيّاها موضوع نقاشٍ حادّ.
من جانبها، توصّلت واشنطن إلى نتيجة؛ ففي 11 آذار (مارس)، أعلنت السّلطات الأمريكيّة أنّها تضع هذه الجماعة المسلحة الأوغنديّة، التي تنشط في جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة منذ منتصف التّسعينيات، على قائمة الجماعات الإرهابيّة المرتبطة بتنظيم داعش.
وتقول وزارة الخارجية الأمريكيّة؛ إنّ “داعش فرع جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطية، أو القوى الدّيمقراطيّة المتحالفة أو مدينة التّوحيد والمجاهدين، من بين أسماء أخرى، مسؤولة عن العديد من الهجمات التي وقعت في مقاطعات نورث كيفو وإيتوري، في شرق جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطية”.
وتعمل جماعة القوى الدّيمقراطية المتحالفة بشكلٍ رئيسٍ في منطقة بيني (نورث كيفو)، وهي “مسؤولة أكثر من أيّة جماعةٍ مسلّحةٍ أخرى عن الوفيّات في صفوف المدنيّين (37 في المئة)”، وفق أحدث النّتائج التي توصل إليها التعقّب الأمنيّ في كيفو.
ومع ذلك؛ فإنّ العلاقة بين هذه الجماعة وداعش ما تزال غير واضحة إلى حدٍّ كبير، وبالرّغم من أنّ رئيس جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، يقول إنّ “القوّات الدّيمقراطيّة المتحالفة تؤيّد الفكر الإرهابيّ الذي يدعو إليه تنظيم داعش”، فإنّ فريق خبراء الأمم المتّحدة المعنيّ بتقرير جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة، لشهر كانون الأوّل (ديسمبر) 2020، يشير إلى أنّه لم يتمكّن من تأكيد أيّ صلةٍ مباشرةٍ بين التنظيمين.
العلاقة بين الجماعتين
وهنا، يشرح لنا جيسون ستيرنز، وهو مدير مجموعة الكونغو للأبحاث، التّابعة لجامعة نيويورك، العلاقة بين الجماعتين.
وضعت واشنطن لتوّها القوى الدّيمقراطيّة المتحالفة على قائمة الجماعات الّتي بايعت تنظيم داعش؛ ماذا يعني هذا فيما يتعلّق بنهج الولايات المتّحدة والمجتمع الدّوليّ بشكلٍ عامٍّ تجاه هذا التّنظيم؟
بشكلٍ عامّ، حقيقة أنّ الولايات المتّحدة تعتقد أنّ القوى الديمقراطيّة المتحالفة لديها روابط مع تنظيم داعش قد تُغيّر سياسة الجماعة إلى حدٍّ ما، نشهد هذا بالفعل في الدّعم المتزايد للجيش الكونغوليّ، لكنّ هذا الوضع يمكن أن تكون له عيوبه أيضاً، فكلّما ازدادت النّظرة إلى تنظيم داعش على أنّه العدوّ في شرق جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة، زاد إهمال العوامل الأخرى الّتي تُسهِم في الصّراع هناك.
وإذا نُظِر إلى التّهديد على أنّه من جماعةٍ إسلامويّةٍ متطرّفةٍ مسلّحة، فمن الأرجح أن يستخدم المرء نهجاً عسكريّاً بحتاً لحلّ المشكلة، على سبيل المثال، من خلال دعم الجيش الكونغوليّ، أو بقبول، أو حتّى تشجيع، التّعاون مع أوغندا المجاورة في العمليّات العسكريّة.
ما مشكلة مثل هذا النّهج؟
قد يكون لهذا النّهج تداعياته السّلبيّة؛ فالدّولة الكونغوليّة طرف فاعل رئيس في الجزء الشرقيّ من البلاد، ويمكن أن يؤدّي ضعفها، وفي بعض الأحيان تورّطها، إلى تفاقم النّزاعات المحلّية، وكلّما زاد اعتماد المرء على الردّ العسكريّ، زاد خطر تقويض مساءلة الدّولة تجاه مواطنيها.
والأمر نفسه ينطبق على أوغندا، فلطالما حاول الرّئيس، موسيفيني، التّخلص من الانتقادات الموجّهة إلى سلطويّته من خلال دعم القوى الغربيّة في حربها ضدّ الإسلام الراديكاليّ في أفريقيا؛ لذلك هناك مخاطر كبيرة.
إنّ العقوبات ليست مشكلة، لكنّ الميل إلى ربط العنف الذي يحدث في مدينة بيني حصريّاً بأعمال الإرهابيّين الإسلامويّين يتجاهل العوامل الأخرى التي يمكن أن تُسهِم في ذلك، والتي تشمل ضعف الدّولة والصّراعات المحلّيّة.
أخيراً، يُعيق هذا النّهج إمكانيّة التّفاوض مع القوى الديمقراطيّة المتحالفة، إنّها جماعة متطرّفة ومذنبة بارتكاب أعمال عنف مقيتة، لكن ما لاحظناه، منذ عام 2014، هو أنّه ثمّة علاقة قويّة للغاية بين العمليّات العسكرية الموجّهة ضدّ القوى الدّيمقراطيّة المتحالفة والأعمال الانتقاميّة الموجّهة ضدّ السّكان، وكلّما ركّزنا على الجانب العسكريّ زاد خطر تعزيز هذه الدّيناميكيّة.
إلى أيّ وقتٍ تعود علاقة القوى الديمقراطيّة المتحالفة بداعش؟
يشير التّقرير الأخير لجامعة جورج واشنطن إلى أنّ العلاقة بين التّنظيمين بدأت عام 2017، أو حتّى عام 2018، وتمّ إضفاء الطّابع الرّسميّ عليها عام 2019، لكنّ إنشاء الرّوابط شيء، والقول إنّ القوى الديمقراطيّة المتحالفة تخضع لسيطرة داعش عملياتيّاً شيء آخر تماماً.
ما يمكننا قوله بثقةٍ، اليوم، هو أنّه ثمّة أدلّة كافية لإثبات الاتّصال المتواصل بين المنظّمتين، سواء كان ذلك من خلال البيانات أو مقاطع الفيديو، وأودّ أن أؤكّد أنّ كلّاً من جماعة القوى الديمقراطيّة المتحالفة وتنظيم داعش لديهما مصلحة في جعل الأمر يبدو كما لو أنّهما قد شكّلا تحالفاً، على الأقلّ على مستوى القيادة.
كيف تتمظهر هذه العلاقة على أرض الواقع؟ هل يلعب تنظيم داعش دوراً في تمويل القوى الديمقراطيّة المتحالفة وتزويدها بالسّلاح والأيديولوجيا؟
توجد مؤشّرات على أنّ جانب من التّمويل يأتي من تنظيم داعش، لكنّه ليس كبيراً جدّاً، ومع ذلك، لا توجد أدلّة كافية لدعم هذا، والأمر نفسه ينطبق على الجانب الأيديولوجيّ.
سبب العنف
إنّ القول إنّ العنف في شرق جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة ناجم فقط عن ارتباط تحالف القوى الدّيمقراطيّة بمنظّمة إرهابيّة إسلامويّة يبسّط الموقف.
قد يكون هذا عاملاً، لكن هنالك تفسيرات أخرى لذلك؛ لا يمكننا أن نقول إنّه لمجرّد أنّ القوى الدّيمقراطيّة المتحالفة لها صلات بداعش، فإنّهم في كلّ مرّة يقطعون فيها رؤوس النّاس يكون ذلك بسبب تفسيرٍ متطرّفٍ للإسلام، لا توجد أدلّة كافية لدعم مثل هذا القول.
على وجه الخصوص، ثمّة أسباب تكتيكيّة لشرح سبب هذا العنف لا علاقة لها بالأيديولوجيا التي تنادي بها وتروّج لها القوى الدّيمقراطيّة المتحالفة، هذا فخّ لا ينبغي أن نقع فيه؛ فمن الواضح جدّاً أنّه بينما يمكن استخدام العنف لأسباب أيديولوجيّة، فإنّه في الغالب تكتيك عسكريّ، إنّه طريقة للضّغط على القوّات المسلّحة لجمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة وحلفائها الغربيّين بالقول: “إذا هاجمتنا قوّاتكم فسوف ننتقم من السّكان المدنيّين”.
تمّ وضع بعض قادة القوى الديمقراطيّة المتحالفة تحت عقوبات وزارة الخزانة الأمريكيّة قبل بضعة أشهر؛ هل يمكن أن يكون لمثل هذه الإجراءات تأثير حقيقيّ؟
أشكّ في أن وضع هؤلاء القادة تحت العقوبات سيكون له تأثير، لكنّني أعتقد أنّه يجب علينا تفضيل النّهج غير العسكريّ، واستهداف التّمويل هو إحدى طرق القيام بذلك، ويسهّل استهداف المعاملات الماليّة للجماعة.
ومع ذلك، يجب أن يكون الحلّ الرّئيس أوسع وأن يشمل إصلاح قطاعات الأمن الكونغوليّة، ويجب أيضاً إيلاء اهتمام خاصّ للنّزاعات المحلّية، وفي مجموعة الكونغو للأبحاث قمنا بتوثيق النّزاعات المحلّية التي استفادت منها القوى الديمقراطيّة المتحالفة، من خلال الارتباط بالميليشيّات التي تحشد نفسها في النزاعات الاعتياديّة، أو النّزاعات الجارية، أو مع الأقلّيات الإثنيّة التي تشعر بالتّهميش من مجتمع ناندي ذي الأغلبيّة.
هناك أيضاً مهاجرون من الهوتو يصلون من إقليم روتشورو وماسيسي ويغادرون إلى إيتوري، وهم في صراعٍ مع المجتمعات المحلّية الأخرى، يجب أخذ كلّ هذه العوامل في الاعتبار من أجل التّوصل إلى حلّ.
المصدر: حفريات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر