بايدن يبني جسورًا لمقاومة بكين | مركز سمت للدراسات

بايدن يبني جسورًا لمقاومة بكين

التاريخ والوقت : الأحد, 28 مارس 2021

ريان هاس

 

كان الخبراء الاستراتيجيون الأميركيون في العام 1949، يخشون أن يُولِّد التقدم السوفييتي تهديدًا مُتزايدًا للعالم الحر، وفي أغسطس من ذلك العام كسر الاتحاد السوفييتي الاحتكار النووي للولايات المتحدة بتفجير قنبلة ذرية بنجاح، كما كانت واشنطن قلقة من أن يكون حشد موسكو للقوات العسكرية، مقدمة هجوم على أوروبا الغربية والشرق الأوسط، فحيثما يكتشف السوفييت الضعف أو الانقسام- ويسرعون في اكتشافهم- فإنه سيتم استغلال ذلك إلى أقصى حد.

ثمة حدود واضحة من التشابهات التاريخية في التنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في بداية الحرب الباردة، والتنافس الحالي المتوتر القائم بين الولايات المتحدة والصين اليوم، ومع ذلك فإن المنطق الأساسي الذي أوضحه “أتشيسون” في عام 1950، القائل أن الولايات المتحدة يجب أن تبني “مواقف قوة” مع الدول ذات التفكير المماثل للرد على التحديات التي تطرحها القوى المتنافسة، وهو مبدأ أساسي مركزي لطريقة تخطيط إدارة بايدن في التنافس مع الصين، ويسترشد هذا النهج بحكمٍ مفاده أن الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين، كما في عام 1950، متفقون في دعم أهداف مهمة، كالتسوية السلمية للنزاعات، ومنع صراع القوى العظمى، وتعزيز نظام اقتصادي مفتوح وقائم على أُسُس، بالإضافة للجوجة إلى تنسيق دولي لمواجهة التحديات، بالإضافة إلى ذلك تشترك واشنطن وشركاؤها الرئيسيين في اهتمامات واسعة مثل حث بكين على التخلي عن سلوك التنمر، وقبول مسؤولية أكبر لإيجاد حلول للتحديات العالمية، لكن المواءمة لدعم الأهداف المشتركة لن تؤدي إلى توحيد الجهود تلقائيًا، وعلى عكس عام 1950، عندما أنتجت الولايات المتحدة 50% من الناتج العالمي، فإن كل اقتصاد رئيسي في العالم اليوم يحتفظ بصلات عميقة مع الصين، ونتيجة لذلك لا توجد دولة مستعدة، للانضمام إلى كتلة معارضة أو احتواء لبكين.

وإلى الحد الذي تثبت فيه واشنطن قدرتها على جمع ثقل الدول الرئيسية للتعامل مع بكين، لتحقيق أقصى نقاط استفادة، سيكون ذلك لكل قضية على حدة، حيث ستنضم الدول إلى الولايات المتحدة، في السعي للتأثير على بكين بناءًا على أولوياتها، وكيفية ارتباط الصين بها، بعضها قد يكون يريد دفع بكين لوقف سلوكها العدواني، أما بالنسبة للآخرين فقد يكون الضغط على الصين لزيادة الاستثمار في مواجهة التحديات العالمية مثل الاستجابة للوباء.

ولنسج ائتلافات قائمة على كافة القضايا، ستحتاج الولايات المتحدة إلى تنشيط التشاور مع كافة الشركاء، بدلاً من مطالبتهم بقبول تصور واشنطن لتهديد الصين، وسيكون المبدأ التوجيهي هو صياغة التنسيق مع الأصدقاء حيثما أمكن ذلك، وقد قدَّم الاجتماع الأول لقادة الرباعية في 13 مارس، مؤشرًا اتجاهيًا مبكرًا لمثل هذه الجهود مع الشركاء الأوروبيين، ويمكن أن تعمل هذه الجهود على تحديد طموحات مشتركة لتغيُّر المناخ، والتي يمكن أن توجه الجهود المشتركة لدفع بكين، إلى تسريع جداولها الزمنية لتحقيق أهدافها المناخية، لذا يمكن أن يكون هناك أيضًا مساحة للتعاون المُثمر عبر الأطلسي، وتسريع الابتكار التكنولوجي، ودعم قواعد التجارة والاستثمار الدولية، ومكافحة جائحة كوفيد-19، ودعم حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية.

مع الشركاء “الآسيان” قد يتم تصميم سياسة الولايات المتحدة حول أولويات السكان الشباب والحيويين في المنطقة، وقد تركز مشاريع محددة على توسيع الوصول إلى المعلومات والفرص، وتطوير رأس المال البشري، وإظهار القيادة في مجال تغير المناخ، أو تحسين قدرة الصحة العامة المحلية، ويمكن لمثل هذه الجهود أن تؤتي ثمارها بمرور الوقت من خلال زيادة جاذبية أميركا وخلق بيئة أكثر خصوبة للتنسيق بشأن قضايا محددة تتعلق بالصين.

وفي الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة تهدئة المخاوف بين الشركاء، بشأن “إجبارهم على الاختيار” بين الولايات المتحدة والصين، والحقيقة التي لا مفر منها هي أن أهمية الصين بالنسبة للبلدان الأخرى آخذة في الزيادة، حيث أنها أكبر قوة تجارية في العالم الآن والمحرك الرائد للنمو الاقتصادي العالمي.

بالنظر لهذا الواقع، ستحتاج الولايات المتحدة إلى منح الحلفاء مساحة لمتابعة مصالحهم مع الصين، حتى أثناء شراكة مع الولايات المتحدة في القضايا ذات الأولوية، وستحتاج واشنطن أيضًا إلى إثبات أقوالها وأفعالها في دعمها مسألة تطوير علاقة بناءة مع الصين، حتى في الوقت الذي تستعد فيه للرد بقوة ضد السلوك الصيني العدواني، وبشكل غير متوقع إلى حد ما، كان يُنظر إلى واشنطن على أنها تعمل بمسؤولية لتطوير علاقات دائمة مع بكين، كلما فتحت مساحة دبلوماسية أكبر للتعاون مع الآخرين بشأن الصين، سيشعر شركاء واشنطن براحة أكبر في العمل مع الولايات المتحدة بشأن الصين عندما لا يُنظر لذلك على أنه تعبير عن العداء تجاه الصين.

يعكس نهج إدارة بايدن تجاه الصين خروجًا دقيقًا ولكنه مهم، عن نهج إدارة ترمب الأكثر مباشرة في مواجهة الصين، ويدرك الرئيس بايدن وفريقه أن نتائج استراتيجيتهم، قد لا تكون مرئية لبعض الوقت، و أنها لا تحمل أوهامًا بتغيير الصين بين عشية وضحاها، حيث ينوون ممارسة لعبة طويلة، وفي حالة أن يكون نهجهم مثمرًا، فإن الولايات المتحدة ستعزز قدرتها على التنافس مع الصين من موقع قوة.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: منتدى شرق آسيا

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر