أمريكا توثق العلاقات الأمنية مع الهند | مركز سمت للدراسات

زيارة أميركية توثق العلاقات الأمنية مع الهند

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 6 أبريل 2021

راجيسواري بيلاي راجاجوبالان

 

تَمنح زيارة وزير الدفاع الأميركي “لويد أوستن” أول رحلاته الدولية هذا الأسبوع إلى آسيا بما في ذلك الهند يوم الجمعة، بعض المؤشرات على التركيز الاستراتيجي لإدارة “بايدن” على منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث أشار السفير الهندي لدى الولايات المتحدة إلى أن “هذه الزيارة تمثل انعكاس للأهمية التي توليها الولايات المتحدة للهند وعلى أهمية علاقتنا الثنائية”، وتؤكد المحطة الهندية على أهمية العلاقات الهندية الأميركية، وكذا العلاقات الأمنية والاستراتيجية ضمن مصفوفة أمن المحيطين الهندي والهادئ.

وقد عقد “أوستن” خلال وجوده بالهند في الفترة من 19 إلى 21 مارس الجاري اجتماعات مع نظيره الهندي “راجناث سينغ” ومسؤولين حكوميين كبار آخرين، وستعطي الزيارة دفعة للشراكة الدفاعية بين الولايات المتحدة والهند، كما ستحقق المزيد من التآزر في صياغة أجندة تعاونية في رعاية منطقة الهند والمحيط الهادئ وغرب المحيط الهندي حرة ومزدهرة ومفتوح.

وقد ركز الجانبان على سبل تعزيز المشاركة العسكرية وتجارة الدفاع الثنائية، بما في ذلك التعاون الصناعي، كما ناقش الوزيران تطورات الوضع في أفغانستان الهند والولايات المتحدة، فقد نمت تجارة الدفاع الهندية في السنوات الأخيرة مع الولايات المتحدة لتصبح أحد أكبر موردي المعدات الدفاعية في الهند، وتشير تقارير إعلامية إلى صفقة لشراء 30 طائرة بدون طيار مسلحة لكلٍ من القوات الجوية والبحرية، تقدر قيمتها بأكثر من 3 مليارات دولار، وقد اقتربت هذه الصفقة من الموافقة عليها من قبل وزارة الدفاع الهندية، وفي نوفمبر 2020، حصلت البحرية الهندية على طائرتين بدون طيار من الولايات المتحدة من طراز “سي جارديان” وذلك بموجب عقد إيجار لمدة سنة واحدة، كما تُخطط الهند أيضًا لشراء 6 طائرات دورية بحرية طويلة المدى من طراز “P-8I” بالإضافة إلى 12 طائرة تم التعاقد عليها بالفعل.

واعترافًا بالحاجة إلى نسج شبكة وثيقة من الشُركاء الأمنيين في المحيطين الهندي والهادئ، قال بيان وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” بشأن الرحلة المقبلة: “إن الولايات المتحدة تدرك أنها بحاجة إلى حلفاء وشركاء وأصدقاء أقوياء في ذلك الجزء من العالم”.

كون الهند جزءً من أول رحلة خارجية لـ “أوستن” يبعث برسالة قوية وواضحة إلى الصين، فقبل الزيارة صرَّح “أوستن” أن رحلة آسيا تهدف إلى تعزيز “الردع الموثوق به” ضد الصين وأضاف: “أن هدف الولايات المتحدة هو التأكد من أن لديها المقدرة والخطط التنفيذية للقيام بردع موثوق ضد الصين أو أي نظام آخر يحاول مواجهة الولايات المتحدة”.

كانت المحطة الأولى في رحلة “أوستن” اليابان بعدها كوريا الجنوبية حيث انضم إليه وزير الخارجية “أنطوني بلينكين”، وتعليقًا على المحطة الأولى من رحلته قال “أوستن” إن أحد الأسباب المهمة لزيارته هو تعزيز التحالفات الأميركية ورغبة واشنطن في الاستماع إلى وجهات نظر الحلفاء وطمأنتهم.

من المُرجح أن تستمر إدارة “بايدن” في اتباع منهج إدارة “ترمب” الأكثر صرامة تجاه الصين، ولكن بدلًا من منهج إدارة “ترمب” الأحادي للسياسة الخارجية يبدو أن “بايدن” يريد العمل عبر تحالف من الشركاء خاصة فيما يتعلق بالصين، وخلال زيارته للبنتاغون في فبراير نقل “بايدن” رسالة مُفادُها: “أن الولايات المتحدة مستعدة لمواجهة الصين الصاعدة عسكريًا إذا اقتضت الضرورة”، كما أعلن “بايدن” عن إنشاء فرقة عمل صينية جديدة تابعة لوزارة الدفاع، هذه الفرقة مسؤولة عن مراجعة منهج الولايات المتحدة فيما يتعلق بالصين، في العديد من المجالات بما في ذلك الاستراتيجية وقوة الموقف وكذلك التكنولوجيا والمخابرات، وفي وقت سابق من الشهر عقد “أوستن” الاجتماع الأول لفريق العمل، الذي يضم مزيجًا من القادة العسكريين والقادة المدنيين وأعضاء من مجتمع الاستخبارات، ومن المتوقع أن تستكمل فرقة العمل مراجعتها في غضون أربعة أشهر، لكن التقارير والنتائج التي توصل إليها فريق العمل ستظل سرية.

كما تأتي زيارة “أوستن” على خلفية القمة الرباعية الأولى التي عقدت الأسبوع الماضي تقريبًا، وقد قطعت المجموعة الرباعية- وهي أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة- شوطًا طويلًا منذ انعقادها الثاني عام 2017.

وبينما يصف المحللون هذه القمة في بعض الأحيان بأنه “ناتو آسيوي” توقع وزير الخارجية الصيني أنها سوف تتبدد كزبد البحر، ومع ذلك من المُحتمَل أن يكون اجتماع قادة المجموعة الرباعية قد أثار قلق الصين بشأن جدية التعاون بين الدول الأربع، وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: “في عصر العولمة إن تشكيل مجموعات صغيرة مغلقة ذات أيديولوجية كمعيار يعد الطريق الأكيد لتدمير النظام الدولي، مؤكدًا أن هذا الأمر لا يحظى بشعبية وسينتهي بالفشل التام”، مضيفًا: “بعض الدول يجب أن تتخلص من عقلية الحرب الباردة”.

وفي حين لم يُشِر البيان المشترك الذي صدر في نهاية قمة الرباعي إلى الصين بشكل محدد إلا أن الرسالة كانت واضحة، فقد ذكر البيان أن الرباعية “تسعى جاهدة من أجل منطقة حرة، ومنفتحة، وشاملة، وصحية، وترتكز على القيم الديمقراطية، وغير مقيدة بالإكراه”، ومضى البيان لتسليط الضوء على: “الالتزام بنظام حر ومنفتح قائم على القواعد، متجذر في القانون الدولي لتعزيز الأمن والازدهار ومواجهة التهديدات في كل من منطقة المحيطين الهندي والهادئ وخارجها”، وذكر البيان أيضًا أن وزراء الخارجية وكبار المسؤولين من جميع دول الرباعية الأربعة سيواصلون الاجتماع والمحادثات على أساس منتظم وأن قادة المجموعة الرباعية يخططون لعقد اجتماع شخصي في نهاية العام، وبالطبع اجتمع وزراء خارجية المجموعة الرباعية عدة مرات بما في ذلك اجتماع شخصي في طوكيو في أكتوبر من العام الماضي.

في الوقت الحالي يمكن وضع حد للمخاوف والحذر من أن يكون “بايدن” لينًا مع الصين أو غير مبالٍ بآليات مثل الرباعية، وفي حين أن هناك تغييرات في أسلوب الولايات المتحدة من حيث التحرك لبناء تحالف أكبر من الدول لمواجهة التحدي الصيني، يبدو أن الاجتماع الأخير لقادة الرباعية وزيارة وزير الدفاع إلى آسيا يعززان من قوة الولايات المتحدة والتزاماتها تجاه المحيطين الهندي والهادئ.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: The Diplomat

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر