سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
جوردون واتس
من المحتمل أن يكون الاقتصاد الصيني قد تعرقل بعد أن أظهرت البيانات التي صدرت في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن مبيعات السيارات دخلت في الاتجاه المعاكس للمرة الأولى منذ ما يقرب من 20 عامًا.
جاء ذلك بسبب تراجع ثقة المستهلكين، والكشف عن مدى عمق وحجم المشكلات التي تواجه إدارة الرئيس الصيني “شي جين بينغ”. ففي استعراضها لحالة الاقتصاد الصيني، ذكرت جمعية “سيارات الأجرة” الصينية أن مبيعات السيارات انخفضت بنسبة 5.8% العام الماضي إلى 22.5 مليون سيارة، وهو ما يُعَدُّ الانخفاض الأول منذ 1990.
وعلى الصعيد العالمي، فإن هذا الأمر يُعَدُّ الطريق الأسرع لأكبر العلامات التجارية العالمية في مجال السيارات، إذ تُعدُّ الصين أكبر سوق للسيارات في العالم؛ وهو ما يعبِّر عنه “كوي دونج شو” الأمين العالم للجمعية قائلاً: لقد أصبح الوضع أكثر قتامة مما كنا نعتقد”، لكن الأمر سيصبح إيجابيًا بنسبة 1% على الأقل خلال عام 2019، وتفكر الحكومة في تقديم بعض الحوافز من أجل تشجيع حركة شراء السيارات، وينطوي ذلك على دفعة أخرى. وعمومًا، لقد كان هذا الربع من العام مُحبِطاً؛ فقد انخفض نشاط التصنيع وانكمش الإنفاق الاستهلاكي، في حين تقلصت شحنات الهواتف الذكية، وانخفضت بنسبة 15.5٪ في عام 2018.
بالفعل، فقد تزايدت المخاوف من أن تكافح الصين من أجل تحقيق هدفها الرسمي والمعلن بشأن النمو، البالغ 6.5٪. إذ كانت هناك توقعات بأن هذا الوضع ينطوي على مشاكل كبيرة.
إلى أي مدى تسوء الأوضاع؟ سجلت البيانات التي يقدمها مكتب الإحصاء الوطني الصيني نسبة 6.5%، لكن إحدى المجموعات البحثية التابعة لإحدى المؤسسات الكبيرة، أصدرت تقريرًا حديثًا، يتساءل فيه “شيانغ سونغ زو”، الأستاذ بكلية التمويل بجامعة “رنمين”، حول إمكانية التنبؤ بمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي باستخدام البيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء الوطنية.
وقد اعتمد التقرير على معيارين للقياس، ففي المعيار الأول، بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني هذا العام 1.67%. ووفقًا للمعيار الآخر، كان معدل النمو سلبيًا. ويضيف “شيانغ” وهو كبير الاقتصاديين السابقين في البنك الزراعي الصيني، الذي يعتبر أحد المُقرِضِين الأربعة الكبار في الولايات المتحدة، كما جاء بنسخة مترجمة من خطابه على الموقع “التغيير” الصيني المؤثر، أن هذا الموضوع قد تكرر خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو الموضوع ذاته الذي ألقى “أليكس كابري” الضوء عليه في وقت سابق من هذا الشهر، و”كابري” هو باحث وزميل في كلية إدارة الأعمال بجامعة سنغافورة الوطنية.
رقابة قوية
ربما تكون الأرقام الحقيقية أسوأ مما تكشف عنه التقارير، وبخاصة في مثل هذا النوع من البيئات السياسية، التي تسيطر عليها رقابة قوية، حيث يتم منع وسائل الإعلام من أداء دورها. وبينما يستمر هذا النقاش، قررت بكين إطلاق مجموعة من الإجراءات لدعم ثاني أكبر اقتصاد في العالم، على أن يشمل ذلك تحفيز إنفاق المستهلكين ودعم وتعزيز اقتراض الشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى حزمة أخرى من التخفيضات الضريبية، فضلاً عن التخطيط لزيادة الاستثمار في مجال البنية التحتية. ومع ذلك، فإن أحد العناصر الرئيسة في عملية التحول من النمو البطيء يتضمن إعادة العلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة في ظل حرب تجارية مريرة ومكلفة؛ فقد انتهت المحادثات متوسطة المدى في بكين، أخيرًا، بعد هدنة دامت 90 يومًا أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني خلال قمة مجموعة العشرين في “بيونيس آيرس” بشهر ديسمبر الماضي.
ردود الفعل الأولية كانت إيجابية
انعقدت الاجتماعات بين الجانبين بهدف تحقيق التغييرات الهيكلية اللازمة في الصين، وذلك فيما يتعلق بالنقل القسري للتكنولوجيا، وحماية الملكية الفكرية، والحواجز غير الجمركية، والقرصنة الإلكترونية، وبخاصة في المجالات التجارية والخدمات والزراعة. بجانب ذلك، فقد تركزت المحادثات على تعهد الصين بشراء كمية كبيرة من السلع الزراعية والطاقة والمنتجات المصنعة وغيرها من السلع والخدمات من الولايات المتحدة، كما جاء في تقرير صادر عن مكتب الممثل التجاري الأميركي لدى الصين.
اتفاقية مهمة
الإشارات القادمة من بكين كانت مهدئة؛ ففي بيان موجز أعلنت وزارة التجارة الصينية أن “الجانبين نفَّذا بحماس الاتفاق الهام لرؤساء البلدين، وخاضا نقاشات موسعة وعميقة ودقيقة في الملاحظات المشتركة حول القضايا التجارية والمشاكل الهيكلية، ووضع الأساس لمعالجة المجالات ذات الاهتمام المشترك، ووافق الجانبان على الإبقاء على التواصل الوثيق بينهما”.
وربما تتمثل الخطوة التالية في اجتماع محتمل بين نائب “شي” وحليفه الموثوق به، “وانغ تشيشان” وترمب في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في وقت لاحق من الشهر الجاري، إذ يتمتع نائب الرئيس بسمعة طيبة في دوائر الحزب الشيوعي، ويُعرف عنه بأنه “رجل الإطفاء” لقدرته على التصدي لمثل تلك المهام الصعبة، لكنه سيحتاج – بلا شك – إلى أن يعزز تلك الصورة في المنتجع السويسري “دافوس”. فخلال حفل استقبال أقيم في بكين، أخيرًا، بمناسبة الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، قال “وانغ تشيشان”: “في الوقت الذي تقف فيه العلاقات الصينية الأميركية على أعتاب بداية جديدة، ينبغي أن نبقى ملتزمين بتطلعاتنا الأصيلة ونركز على التنسيق والتعاون وتحقيق الاستقرار. كما يجب أن نتكيف مع الواقع الجديد، ونستمر في البحث عن مصالحنا المشتركة وتوسيعها، ونعمل على تعميق وتعزيز التعاون. لكن بغض النظر عن كيفية تغيير المشهد الدولي، فإن الصين ستتبع مسارها الخاص بثبات”.
قد يكون البحث عن التوازن أمرًا صعبًا
وافقت بكين – حاليًا – على شراء المزيد من السلع والمنتجات وذلك بهدف تقليص العجز التجاري الأميركي الهائل، الذي بلغ 375.2 مليار دولار في عام 2017. لكن يبقى بعض النقاط الحاسمة الأخرى، مثل خطة “صنع في الصين 2025” ذات التقنية العالية والنموذج الاقتصادي الصيني الذي تدعمه الدولة.
وفي هذا السياق، كتب “شن جيانج وانغ”، كبير الاقتصاديين في شركة “جينج دونج” Jingdong للتمويل، تعليقًا في جريدة “جلوبال تايمز” وصحيفة الشعب اليومية، الذي يخضع لإدارة التيار الشيوعي، جاء فيه: “حتى إذا كان بالإمكان تخفيف حدة التوتر التجارية، فإن النزاعات بين الصين والولايات المتحدة لا تقتصر على القضايا التجارية، ذلك أن زيادة الخلاف حول الأمن الإلكتروني، أو السيبراني، والجغرافيا السياسية، والمنافسة التكنولوجية، توحي بأن التنافس الدولي قد امتد إلى ميادين العلم والتكنولوجيا، وأيضًا إلى النظم الاقتصادية”.
أخيرًا، من المحتمل أن تواجه الصين صراعات أوسع مع الولايات المتحدة على مستويات مختلفة، وهو ما يفرض ضرورة الاستعداد لتلك الحرب الممتدة. ومع ذلك، فإنه ليس ثمة حاجة للتشاؤم المفرط بشأن الضغوط الخارجية، فأفضل رد على هذه التحديات، هو أن نركز على أنفسنا ونقوم بأعمالنا الخاصة بشكل جيد.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: آسيا تايمز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر