سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عمر المجنوني
قطر دولة صغيرة شقيقة حصلت على استقلالها في العام ١٩٧١م مساحتها أكثر بقليل من ١١ ألف كيلو متر مربع ويبلغ عدد سكانها ٣٠٠ ألف نسمة وعدد الوافدين فيها هو خمسة أضعاف عدد السكان ، ولا غضاضة في ذلك، فالبلاد بحاجة للإعمار والبناء، وتطوير المشاريع التي تستفيد منها قطر والعالم يحتاج لقوة عاملة، يمكن الاستعانة بها من الخارج للمساعدة في البناء. وسكّان قطر الأصليين عرب من قبائل الجزيرة، يجمعهم مع سكان الجزيرة الدم والدين والعادات والتقاليد المشتركة، والوحدة مع سكان الجزيرة العربية هو امتداد للتاريخ الطبيعي للأرض والإنسان.
وبالرغم من تقدم قطر في بعض مؤشرات النمو، وهذا يرجع إلى عوائد قطر المالية الضخمة جدا وقلة عدد السكان، إلا أن عدم التوجيه الصحيح لهذه الموارد سيوقعها في أزمة. فهذه الموارد ستسيل لعاب أصحاب المشاريع الوهمية والفاشلة القادمة من وراء البحار ووراء الحدود والذين يجهلون البعد الثقافي والجيوسياسي للمنطقة، وهذه المشاريع الفاشلة والتي يزينها هذا المستفيد المأفون لمضيفه، لن تنفع البلاد بل حتما ستنفع جالبيها من الأشخاص وأولئك الذين يسعون لمصالحهم وأجنداتهم الخاصة، والتي لا تتقاطع مع مشاريع وأجندات المنطقة.
ومن أفشل المشاريع مشروع لعب دور زرقاء اليمامة بالرغم من عشى الممثل، فوجود الموارد المالية والنفطية الهائلة لا يؤهل قطر للعب دور لا تستطيع ملأه، لا عالميا ولا إقليميا. وتوجيه الموارد المالية لرفاهية الشعب خير من إهدارها في حوك الحبائل والمؤامرات، فقد كان في المنطقة العربية من خصص مقدرات بلاده للصرف على مؤامراته وأحلامه التي حاكها كي ينصب نفسه ملك الملوك ورئيس الرؤساء وقائد القادة، فكان مصيره إلى مزبلة التاريخ.
ومنذ انقلاب الابن على الأب في منتصف عقد التسعينات، نحت البلاد منحى غريبا عن أعراف وتقاليد المنطقة، ولعل هذا يرجع لاستقبالها منذ ذاك لضيوف مطرودون من بلدانهم إما لأفكارهم المتطرفة أو لانتمائهم لمنظمات مشبوهة، ومن المعروف أن الضيوف وفِي كل الثقافات والأعراف يلقون الترحيب، إلا أن جزءاً من ضيوف الجار قد يتعدى حدود الضيافة والأعراف، وقد يضايق المستضيف، ويؤثر في قراره الخاص بسيادته. ولكن لعل المستضيف بدوره يستغل الضيف وربما حاجته للمأوى والغذاء ليجعله ينفذ أجندته، فيحاول اللعب على المصالح الآنية بغية الحصول على مكاسب مؤجلة لها تأثيرات على المنطقة بأكملها.
ولقد دأبت الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وقادتها على رأب الصُّدُوع والشقوق في البيت الخليجي والعربي كلما لقوا لذلك سبيلا، ولقد بلغ السيل الزبى وجاوز الربى، فاختيار الحلفاء رأس العقل والاستقرار وأفضل حليف هو الجار، أما إن لم تكن ذَا علاقة جيدة مع الجوار فأنت في كرب عظيم.
ولَم يحسّن حكام قطر الجوار، فمدوا أيديهم للعدو الفارسي وعقدوا معه العقود والمواثيق، تاركين جوارهم وامتدادهم وجذورهم، مستندين لأهواء مستشارين، هم عن المنطقة بعيدون وجهلة بتاريخها وامتدادها .
ولعل ما اتخذته جل الدول العربية بقطع العلاقات الدبلوماسية كفيل بتنبيه قطر إلى أنها ستعيش بصعوبة دون جيرانها وسترتفع كلفة فواتيرها الحياتية بجميع فروعها، فيعودوا إلى الرشد ويرعووا عن العناد واتباع الهوى.
وقد أشارت دول الجوار على قطر بحسن اختيار الحلفاء والدخول في حلف حقيقي مع دول الجوار التي تجمعها كل الروابط المؤهلة لخلق حلف هو أقوى من أي حلف على وجه الأرض، إذ تجتمع فيه الروابط الدينية والثقافية واللغوية ، ولم تجتمع هذه المكونات لحلف من قبل، إلا أن الحكام كان لهم رأي آخر، فمرة يلعبون دور المصلحين وتارة دور المسلكين وأخريات دور المفسدين، وكأن لا هم لهم إلا المضي في دور رُسم لهم وهم يلعبونه، ظانين أنهم الراسمون، وهاهم يلبسون ثيابا أكبر من مقاساتهم، هم حتما سيتعثرون فيها ويقعون على وجوههم كما يفعل الأطفال. ويسيرون مغمضي الأعين وراء عدوهم الذين يعتقدونه صديقهم، رغم افتضاحه والتكشير عن أنيابه، فلقد ظهر ضلاله وغيه في مشاريعه التي بدأ في تنفيذها في شمال الجزيرة وفِي طرفها الجنوبي.
ولكن هيهات أن ينجحوا وقد نذر قادة المجلس العقلاء أنفسهم أن يقفوا سداً منيعا في وجه من تسوُّل له نفسه العبث بالمنطقة، حتى ولو كان صديقا أعمش.
ودمتم رفاق على وفاق
محلل سياسي وعسكري سعودي*
@majamour
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر