سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
يعتبر تدشين تجمع الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، واحدًا من القوى الإقليمية التي جاءت في توقيت مهم جدًا، لاعتبارات تتعلق بمحاولات تحقيق الأمن السياسي والعسكري والاقتصادي في سواحل البحر الأحمر، فيما يحمل التحالف رسائل وأهدافًا في إطار حماية هذه السواحل من اعتداءات إيران والجماعات الموالية لها في المنطقة، فضلاً عن تعزيز الاستقرار والأمن والتجارة والاقتصاد، وهو ما يتضح من تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، باعتبار أن إنشاء هذا الكيان يعزز الأمن والاستقرار والتنمية والاستثمار في هذه المنطقة.(1)
التجمع الذي يضم 7 دول عربية وإفريقية، هي: السعودية ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن، يمثل القوى الضاربة سياسيًا واقتصاديًا في هذه المنطقة الساحلية شديدة الأهمية بالنظر إلى كونها معبرًا هامًا للتجارة الدولية، ما يعطي التحالف أهمية لحماية التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية، فضلاً عن أهداف أمنية تمنع قوى خارجية من بينها إيران من وضع أقدامها في المنطقة، بالإضافة إلى منع عمليات التهرب من القواعد والنظم الدولية التي تحكم الملاحة في تلك المنطقة، بالنظر إلى أن بعض الدول تقوم بممارسة أعمال مهددة للحركة الملاحية الخاصة بالدول المشاطئة للبحر الأحمر. في المقابل يبقى البعد الاقتصادي هو الآخر من العوامل التي يمكن البناء عليها لتشكيل كيان يُضاهي التحالفات الدولية على غرار ما يجري بالبحر الأبيض المتوسط.(2)
محددات أمنيَّة
الأهداف الأمنية التي ارتكز عليها التحالف الجديد، تضع في اعتبارها التنافس الذي تزايد خلال الفترة الأخيرة على البحر الأحمر ودخول قوى دولية وإقليمية على خط النفوذ في هذه السواحل لعدة اعتبارات لوجستية، فيما تأتي الأهمية الاستراتيجية للتحالف الجديد على المستوى الأمني لهذه الاعتبارات:
1- الهدف الرئيس وراء هذا التكتل هو منع القوى الخارجية من الوجود في المنطقة الحيوية، وحصار أية عمليات تقوم بها في الخفاء، خاصة مع مخاطر ميليشيات الحوثي في اليمن إزاء محاولات السيطرة على الموانئ اليمنية الغربية لصالح النفوذ الإيراني.(3)
2- البعد الأمني يتضمن – أيضًا – حماية السفن المارة من عمليات القرصنة التي تتزايد في هذه السواحل استغلالاً للفوضى الجارية في بعض الدول الإفريقية.(4)
3- التفكير الأمني يهدف إلى حماية المنطقة، خاصة مضيق باب المندب، الذي شهد تهديدات عديدة خلال الفترة الماضية، خاصة من ميليشيات الحوثي.
4- الوجود العسكري العربي والإفريقي في هذه السواحل يواجه الوجود العسكري الدولي في البحر الأحمر، الذي بات يمثل مصدر تهديد مستمر للدول العربية المطلَّة على البحر الأحمر.
5- واحد من التحديات المرتبطة بالبحر الأحمر يتعلق بالتهديدات السياسية التي تعمل على خلق صراعات في المنطقة، خاصة المساعي الإسرائيلية لجرّ الدول المطلة على البحر الأحمر لصراعات ونزاعات خارجية وداخلية، فضلاً عن تغلغل واضح لإسرائيل في إفريقيا.(5)
6- مهمة أخرى هامة تبقى أمام التحالف الجديد تتعلق بما يُسمى بـ”الإرهاب البحري”، وهو عمليات القرصنة التي شهدت تزايدًا في البحر الأحمر خلال الفترة الماضية.(6)
7- كما تبقى عمليات تهريب البشر والمخدرات، واحدة من المخاطر التي تحتاج إلى استراتيجية مشتركة من الدول السبع المنضوية تحت راية التكتل الجديد.(7)
8- يبقى أمام التكتل – أيضًا – البحث عن حلول لمحددات أمنية تتمثل في عملية نزع وتفجير الألغام التي زرعتها بعض الجماعات في البحر الأحمر.(8)
9- المسؤولية التي تقع على عاتق الكيان الشاطئي، تتمثل في البحث عن استراتيجية بحرية تتعلق بأمن البحر الأحمر، وهي الفرصة المواتية لمواجهة الوجود الدولي في هذه السواحل.
10- نقطة أخرى غاية في الأهمية تتعلق بقلة عدد القواعد العسكرية للدول المطلة على البحر الأحمر، خاصة المملكة العربية السعودية، في وقت يتزايد فيه الطموح الدولي في هذه السواحل.
11- واحد من محددات هذا التحالف يتمثل في قطع الطريق أمام التفاف إيران على العقوبات من خلال تسللها عبر سفن تعرف بـ”الأشباح”، حين تتعمد قطع إشارات الرصد لصعوبة رصدها في البحر الأحمر.(9)
12- يهدف التكتل إلى التعاون الأمني والاستخباراتي في القرن الإفريقي، الذي يساعد على مواجهة التحديات الأمنية القادمة من تلك المنطقة، خاصة مع إعلان عدة تنظيمات إرهابية أنها ترغب في نقل معاركها إلى خارج القارة السمراء.(10)
أهداف اقتصادية
في محاذاة ذلك يأتي البعد الاقتصادي في خط موازٍ لنظيره الأمني، خاصة مع حجم التجارة الدولية العابرة من مياه البحر الأحمر، بالإضافة إلى التعاون بين دول التكتل السبع في مجالات نفطية جديدة على غرار ما يجري بالبحر المتوسط، أو إقامة مشروعات مشتركة في مجالات السياحة والبيئة والصيد، فضلاً عن المشاريع التنموية التي أقرَّتها السعودية، أخيرًا، وهو ما يمكن رصده في الآتي:
1- الدول المشاطئة للبحر الأحمر بحاجة إلى حماية التجارة الدولية وعمليات نقل البترول والشحن البحري، باعتباره ممرًا لنحو 3.3 مليون برميل من النفط يوميًا.(11)
2- تشترك الدول الشاطئية في مصالحها الاقتصادية مع دول إقليمية ودولية أخرى، باعتبار البحر الأحمر المعبر الرئيس للتجارة بين دول شرق آسيا مع أوروبا، وهو ما يحتاج إلى استراتيجية اقتصادية للتعاون بين تلك الدول.
3- تحتاج الدول المشاطئة للبحر الأحمر إلى عقد اتفاقيات دولية مع الفاعلين الدوليين وشركات النفط العالمية، وشركات الملاحة الدولية، والشركات متعددة الجنسيات، التي بدورها تعود بمكاسب اقتصادية على كافة الأطراف حال تحقيق الاستغلال الأمثل لميزات هذا الممر الهام.
4- واحد من المجالات الحيوية التي تحتاج إلى شراكات للدول المطلة على البحر الأحمر، يتمثل في تحقيق اكتشافات نفطية جديدة على غرار البحر المتوسط.(12)
5- يعمل التحالف الجديد على تحفيز التقدم الاقتصادي والتنموي لكافة الدول المطلة على البحر الأحمر، خاصة المملكة العربية السعودية، باعتبارها صاحبة السواحل الأطول بطول 1020 كلم، إضافة إلى أهمية ميناء جدة، وهو من أهم موانئ السعودية تجاريًا.(13)
6- التعاون الاقتصادي والتنموي يساعد على نجاح المشروعات الكبرى للدول الأعضاء، خاصة السعودية التي أقرَّت عدة مشروعات، أخيرًا، مثل مشروع البحر الأحمر، ومشروع “نيوم”، وهي المشروعات التي تحتاج إلى عاملين رئيسيين: الأول تحقيق أعلى درجات الأمن، والآخر الوجود الاقتصادي والاستثماري، خاصة للدول القريبة والمجاورة.(14)
حماية بيئية
مع الأهداف والمحددات الأمنية والعسكرية والتنموية، تأتي الأهداف البيئية كواحدة من المحددات التي شجّعت على إنشاء هذا التحالف، خاصة مع الحاجة الماسة للحماية البيئية لشواطئ البحر الأحمر والمياه الإقليمية لتلك الدول؛ كون الأخطار البيئية تؤثر على النشاط السياحي والعوائد الاقتصادية المحققة من خلالها، فضلاً عن محاولات دول خارجية العبث بالأمن البيئي للدول المطلة على البحر الأحمر، ما يطرح تحديات أمام هذه الدول للتوصل إلى استراتيجية مشتركة للأمن البيئي، على مستوى الوضع القائم أو الوقاية من أية مخططات مستقبلية من شأنها المساس بهذا الملف، فضلاً عن الاستخدام الأمثل للموارد البحرية عن طريق أساليب مدروسة تمنع الأضرار الطبيعية والبيئية، وتستهدف الحفاظ على هذه الموارد، وتحسين الأمن السيبراني في البيئة البحرية.(15)
منطلقات إفريقية
التآلف الذي بدا عليه التحالف الشاطئي على البحر الأحمر، يجمع ضمن محدداته أهدافًا إزاء القارة الإفريقية، وهو ما يتوافق مع الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي شهدت اختراقًا دوليًا خلال الفترة الماضية، وتتطلب وجودًا عربيًا وإفريقيًا مضاهيًا، من شأنه حماية مصالح هذه الدول، وفي الوقت نفسه حماية الدول المطلة على البحر الأحمر من أية مخاطر محتملة إزاء تلك الصراعات، وهو ما يظهر في المحددات التالية:
1- الوضع الراهن في القارة الإفريقية يرسم خريطة أمنية مقلقة، خاصة مع وجود صراع صومالي إثيوبي، وآخر سوداني إثيوبي، وتدخُّل إسرائيلي وإيراني، يتزامن مع توسع تركي وصيني، يُضاف إليها طموح ومصالح دول كبرى على غرار الولايات المتحدة وروسيا.(16)
2- الصورة المقلقة أمنيًا تعطي محفزات للدول المطلة على البحر الأحمر لضرورة تحصين أمنها القومي الذي يأتيه التهديد عبر شواطئها، لا سيَّما مع الوجود الأجنبي المكثف في جيبوتي، والوجود الإيراني في الصومال وإريتريا.
2- هذا الوضع الحالي في القارة الإفريقية، يستوجب تبادل معلوماتها الأمنية والعسكرية، وهي المرحلة التي تسبق وتتزامن مع وضع استراتيجية حمائية لأمنها.
4- بيْدَ أنّه لا يمكن إغفال الجانب الإيجابي من وراء الخطوة الحالية التي جاءت نتيجة تغييرات إيجابية – أيضًا – شهدتها بعض دول القارة الإفريقية واستغلتها الدول العربية بشكل جيد، خاصة مع وجود تفاهمات جديدة لحكومة إثيوبيا بعد تولي آبي أحمد، مقاليد الحكم في البلاد وإبدائه انفتاحًا على كافة الملفات الشائكة.(17)
النتائج
1- التكتل الشاطئي يمثل القوى الضاربة سياسيًا واقتصاديًا في هذه المنطقة الساحلية شديدة الأهمية بالنظر إلى كونها معبرًا هامًا للتجارة الدولية.
2- يهدف التكتل الجديد إلى منع القوى الخارجية من الوجود في المنطقة الحيوية، وحصار أية عمليات تقوم بها في الخفاء، خاصة مع مخاطر ميليشيات الحوثي في اليمن.
3- تقع مسؤولية على عاتق الكيان للبحث عن استراتيجية بحرية تتعلق بأمن البحر الأحمر، وهي الفرصة المواتية لمواجهة الوجود الدولي في هذه السواحل.
4- يعمل التكتل على قطع الطريق أمام التفاف إيران على العقوبات من خلال تسللها عبر سفن تعرف بـ”الأشباح” بقطع إشارات الرصد لصعوبة رصدها في البحر الأحمر.
5- من ضمن الأهداف الاقتصادية للتكتل، هو التعاون الاستثماري والتنموي مع دول إقليمية ودولية أخرى باعتبار البحر الأحمر المعبر الرئيس للتجارة بين دول شرق آسيا وأوروبا.
6- يساعد التكتل على عقد اتفاقيات للدول المطلة على البحر الأحمر، تتمثل في تحقيق اكتشافات نفطية جديدة على غرار البحر المتوسط.
7- التعاون الاقتصادي يساعد على نجاح المشروعات الكبرى للدول الأعضاء، خاصة السعودية التي أقرَّت عدة مشروعات، أخيرًا، مثل مشروع البحر الأحمر ومشروع “نيوم”.
8- يهدف التكتل إلى الحماية البيئية لشواطئ البحر الأحمر والمياه الإقليمية لتلك الدول، والاستخدام الأمثل للموارد البحرية، وتحسين الأمن السيبراني في البيئة البحرية.
9- الوضع الراهن في القارة الإفريقية يرسم خريطة أمنية مقلقة تعطي محفزات للدول المطلة على البحر الأحمر لضرورة تحصين أمنها القومي.
المراجع
1- اتفاق لتأسيس كيان الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، عكاظ.
2- الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن تتفق على أهمية إنشاء كيان يضمها، الاتحاد.
3- إيران في إفريقيا.. القوَّة الناعمة والأرض الرّخوة، موقع المجلة
4- تدشين زورقين جديدين لتأمين الملاحة جنوب البحر الأحمر، المدينة
5- تطوير مفهوم الدبلوماسية البحرية السعودية لحماية الأمن بالبحر الأحمر، المواطن
6- المصدر السابق نفسه.
7-“الشرق الأوسط” ترصد أبرز منابع الهجرة الإفريقية نحو “الفردوس الأوروبي”، الشرق الأوسط
8- الدول المشاطئة للبحر الأحمر تسعى لتشكيل تحالف لمواجهة إيران، إرم نيوز
9- انظر المرجع رقم 5.
10- مضيق باب المندب: نقطة تماس استراتيجي للأمن الخليجي الإفريقي، آراء حول الخليج
11- السعودية تعلّق تصدير النفط عبر “المندب” والكويت تدرس المثل، البيان. https://bit.ly/2UAVREp
12-بعد الإعلان عنه رسميًا.. 3 فوائد أمنية واقتصادية لكيان دول البحر الأحمر، إرم نيوز. https://bit.ly/2QrFn2J
13- الجبير يتحدث عن أهمية إنشاء كيان في البحر الأحمر، سي إن إن. https://cnn.it/2G9iJHB
14- انظر المرجع 5.
15- خبراء: إنشاء كيان يضم دول البحر الأحمر خطوة جديدة لحماية الأمن القومي، الوفد. https://bit.ly/2rxe887
16- اشتباكات بين الجيش الإثيوبي وقوات محلية بالإقليم الصومالي في إثيوبيا، يورو نيوز. https://bit.ly/2GboggQ
17 – إثيوبيا.. تحديات حكومة آبي أحمد، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. https://bit.ly/2UEaBSP
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر