سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مي الشريف
يختار الرؤساء الأميركيون الدولة الأولى التي يقومون بزيارتها بعناية؛ لأنها تحمل أبعادًا رمزية لأهم التوجهات السياسية التي يسعون لها خلال ولاياتهم.
فقررت إدارة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب أن تكون المملكة العربية السعودية أولى محطاته الخارجية. وقد وصف عادل الجبير وزير الخارجية السعودية زيارة الرئيس الأميركي للمملكة بأنها «تاريخية بكل المقاييس» و«أنها رسالة واضحة للعالم بأنه يمكن للولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية تكوين شراكة»، إذ إنها ستشمل ثلاث قمم مهمة: «قمة ثنائية بين الملك سلمان والرئيس الأميركي، وقمة مع قادة دول الخليج العربي، وقمة كبرى مع قادة الدول العربية والإسلامية».
أما على الصعيد الأميركي، فأكد مستشار الأمن القومي الجنرال إتش.آر ماكمستر، أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن تكون أول زيارة خارجية له للمملكة العربية السعودية، نابع من رغبته في توصيل رسالة سلام ووحدة مع قادة العالم الإسلامي، كما يسعى لحشد الدعم لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وما زالت الصحف الأميركية والخليجية تواصل تحليلاتها عن الزيارة، فاتفقت الصحافة الخليجية أن الزيارة عملية «ترميم» للعلاقات الأميركية السعودية بعد سنوات من الفتور بين البلدين. أما الإعلام الأميركي، فركز في تحليلاته على أهمية دور دول الخليج، وأنها زيارة لتعزيز التحالف الاستراتيجي، فاعتبرت صحيفة الواشنطن تايمز أن الزيارة هي رسالة رفض وتوبيخ لسياسات الرئيس السابق باراك أوباما في المنطقة العربية، إضافة إلى أنها اعتذار غير مباشر عن الخطاب المعادي للمسلمين الذي استخدمه ترمب في حملته الانتخابية وما تبعه من قرارات كحظر سبع دول عربية من دخول أميركا. فكانت الصحافة الأميركية متفقة على عزم ترمب على تعزيز العلاقات مع المملكة، واعتبارها حليفًا رئيسيًا لواشنطن في المنطقة كما جرت العادة.
الكثير من المواقف السياسية السابقة أثبتت أن أميركا والسعودية يربطهما تحالف صامد تخلله بعض مراحل الفتور في فترات متفاوتة، بخاصة مع بعض الرؤساء الديمقراطيين، كما حدث مع أوباما وقراراته التي أدت إلى توتر بين البلدين بسبب سياساته المتعثرة بالشأن السوري، والفلسطيني الإسرائيلي، ونهاية بالاتفاق النووي مع إيران. وما يحدث اليوم مع توجهات الرئيس الجمهوري دونالد ترمب لتحسين مسار العلاقات بين البلدين قد حدث سابقًا في عهد رونالد ريغان بعد فتور العلاقات في عهد كارتر.
كانت سياسة إدارة الرئيس كارتر مقاربة لسياسة أوباما، حيث تعامل بمبدأ الحياد وقت الأزمات والتردد وقت الشدة وتضارب بالقرارات أحيانًا. وفي فترة ما قبل الحرب السوفياتية على أفغانستان اتخذت إدارة كارتر البرود، بالرغم من التحذيرات السعودية من «النار الشيوعية» عندما نبَّه الملك فهد «ولي العهد حينذاك» السفير الأميركي ويست في أكتوبر ١٩٧٩ إلى خطط الاتحاد السوفيتي في المنطقة. وكذلك سعت السفارة الأميركية في كابول لتحذير الرئيس كارتر من خطط موسكو للهجوم على أفغانستان، ولكن كان كارتر غير حاسم واندلعت الحرب بعدها.
وبعد تسلم رونالد ريغان للسلطة، أعلن وزير خارجيته ألكسندر هيغ «أن الولايات المتحدة مصممة على حماية أصدقائها ومصالحها التي يتهددها استمرار الأعمال العدائية في الخليج»، وذلك ردًا على تهديدات إيران للخليج . وذكر ريغان في خطاب له «أن الحفاظ على علاقاتنا التحالفية هو مفتاح سياستنا الخارجية». فسيطر هدف وحيد على تفكير الإدارة الجديدة تمثَّل في العمل على طمأنة أصدقائها في المنطقة إلى أن أميركا مازالت حليفًا وصديقًا يعتمد عليه.
وفي عام ١٩٨١ وقع ريغان على قرار بيع طائرات «أواكس» للسعودية، الذي يعتبر أكبر صفقة أسلحة في تاريخ الولايات المتحدة الخارجية التي رفضها الرئيس كارتر وأصرَّ عليها ريغان رغم رفض الكونجرس.
ثلاث قمم في الرياض تنتظر ترمب، هدفها إعادة مسار العلاقات بين البلدين، وتعزيز قوة أميركا في المنطقة بعد تخاذل قوتها في عهد أوباما، وحضور خمسة وخمسين قائدًا وممثلًا عن دول العالم الإسلامي، وثمانية وأربعين حوارًا – حتمًا – ستبيِّن مسار السياسة الأميركية الخارجية.
كاتبة وباحثة سعودية*
@ReaderRiy
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر